رحيل علم
إبراهيم الحكيم
آواه يارب.. رحل علم يماني آخر .. علم إبداع خفاق .. ونبع علم دفاق .. عالم بهوية اليمن وذات اليمانية .. عليم بكنه المجد اليماني الكامن والنحت الحضاري الكائن .. رحل عامل مجد مخلص متفان، على ايقاظ اليمانيين من غيبوبة الذات العظيمة و تيه تهويمات قشورية المعرفة وسطحية الثقافة ولهاث المعيشة
رحل سابر ضليع لأغوار الإرث اليمني المبدد بعاديات التجريف والتصحيف، والتحريف والتزييف، والخريف والنزيف، نسيا وإنساء جهلا وتجهيلا، غمرا وطمرا، تقزيما وإنكارا، مسخا وتشويها، اقتباسا وسطوا، واندثارا .. رحل بصمت وقود يشبه صمت وقود دأبه الحثيث وعطائه الفريد والمفيد، وتصميت إنجازه الكبير والغزير.
حزين جدا لرحيل الأديب اللغوي والشاعر الغنائي والمؤرخ الأثاري والمحقق الانسان مطهر الارياني .. مؤلف معجم ألفاظ لغتنا العربية السبئية والحميرية .. وكاشف مئات نصوص كتاباتنا المسندية .. مبدع أجمل ملاحمنا الشعرية الغنائية، وحافظ مئات ايقاعاتنا اللحنية ومئات أهازيجنا الشفاهية .. وناثر مئات حكاياتنا الشعبية .
رحل مرجع آخر لذاتنا اليمنية المضيعة في لج الاهتمامات العبثية، المنهكة بمتواليات الغمط العمدية، المجهدة بدوامات صراعتنا العدمية، والمبعثرة في متاهات الغياب عن الوعي بالماضي التليد وأسباب أمجاد وأفوله، واحتضار الإحساس بالحاضر النكيد وأسباب هوانه وتيه، وكفاف رؤية مآلات المستقبل البديد.
رحل المطهر الارياني وارتقت روحه الطاهرة إلى بارئها في إحدى مستشفيات العاصمة المصرية .. قاهرة معز، كانت لولا يمنيته العزيزة الصادحة بفخر الانتماء وصدق الولاء؛ احتفت به مبدعا، واعتزت به علما أيما اعتزاز، وأعزته عالما بالتفرغ التام للإنتاج والإبداع وإدارة إمكانات الإنجاز والإعجاز.
رحم الله مطهر الارياني وأحسن جزاءه وأجزل ثوابه وأعلى مقامه وأسلى ذويه وكل يمني في رحيله .. صبرا واصطبارا، تقديرا وتوقيرا، امتنانا وعرفانا، أملا وتطلعا بطبع نتاج عطائه المنشور والمخطوط، واتخاذه معراجا لتحقيق أحلامه، وقاعدة للبناء على نهجه صروحا من العلم اليقين بالذات اليمنية والإعلام المبين بها كما ينبغي أن يعلم كل يمني .. من هو وماذا كان وما هو الآن وما يجب أن يكون… والله المستعان.
alhakeem00@gmail.com