ن ……والقلم…صُبْح الغمام …!!!
عبدالرحمن بجاش
كعادته بكًر خالي الجميل عبدالعزيز البطر , وهو بالمناسبة من الرجال الاستثنائيين, موقفا , نفسا , قيما … لا أذيع سرا وهي مسألة شخصية لكنها مهمة وهي أنني احترم هذا الخال ويكبر رأسي به حتى الثمالة , بكًر خالي هذا وبصورتين أرسلهما من القرية عبر الواتس نعث بهما أعماقي نعثا , نعثه جمالا , دفئا , وابتسامة احتوت كل الهم والقلق والخوف ورمت بهم إلى حيث القت أم قشعم رحلها غير ماسوف عليهم . صورتين اعادتاني إلى الخلف سنين طوال , صورتين للغمام قل للهثيم, قل عدت إلى اللحظة الأجمل في حياتي , لتلك الدقيقة أو الثانية من غبش الفجر , حين تفتح عينيك على أجمل رسالة تهديك اياها السماء غمام يلف الكون وصوت يسبح بحمد الرحمان , وبرودة منعشة تلف نفسك بقطعة خفيفة من رذاذ زنينه الفجر , تختلط زقزقات عصافير ملونه على الاشجار التي لا تكاد تراها من الغمام , وهثيم يلفح وجهك , يولد احساس بالراحة التي تعيدك فورا إلى إنسانيتك طيبة تقرأها في وجوه النسوة اللواتي يلتحفن الفجر ذاهبات إلى أراضيهن حيث أودع الله الخضرة يقينا كان يسكن الأنفس , فترى الابتسامة في الوجوه للهثيم نداء خير للموسم الزراعي الذي ينتظره الناس , وتبشر به جدتي كلما ارتفعت إلى سقف دارها ورأت بعد العصاري لمع البويرق فوق جبل الصلو . يا الله كم هي اللحظة مشوقه للسفر عبر الجمال الساكن نفوسا ما تزال تغرد في عالم من الطيبة بعيدا عن دخان الباروت الذي أصبح يلف حياتنا , قلت : يا خال نحن هنا هثيمنا دخان انفجارات وهلع الأطفال , وتعب الكبار , ومع ذلك استطعت استحضار الفرح مع استحضار رائحة الأرض يبعثها المطر الخفيف الهاطل غيثا ليس على سطح الخضرة بل تخضوضر به النفوس التي تسكنها البراءة , اغنية لأيوب في مواسم الخير من صارت لها نفوسنا تهفو إلى خضرة نفوس استعمرها التعب والخوف !!! . وانا أتملى في الصورتين تذكرت جدي شقيق جدتي أحمد عقلان اتخيله ينبعث من بين الدخان صبحا آت يبحث عن أخته , يشجن لروحها , تستقبله بالعرقوص , ولفة المقرمة , والصبح يا بلبل دنى …., كم نحن قرويون بمعنى من معاني ان تكون انسانا تسكنك الخضرة وطيبة البسطاء , حتى نهيق الحمار تتخيله قطعة مموسقة لبيتهوفن !!! , وكل له معاييره للجمال , وللعيون التي في طرفها حور يحيين قتلانا !!!! . قليلون من يفهمون لغة الهثيم وهمس الغمام , وبلل الفجر الساكن في أعشاش الطيور , صباحات تصعد من قعر البحر تسوقها الرياح تسكن قمم الجبال , تهطل هثيما , قل برودة تعشش في الصدور الوان من الخضرة والأنغام . ودخان البارود يكاد يخنق أنفس أطفالنا , كم تهفو ارواحنا إلى هثيم قرانا , وأصوات المناداة من أفواه الأمهات يرسلن بحبهن , بعطفهن , بخضرة أعينهن , كم نفتقد لإنسانيتنا وسط هذا الهجير المتقعر فيه الخوف والقلق , يقينا أن الحياة ستنتصر في الأخير , لأن الخضرة أقوى من سواد الليل , والغيث يأتي من شهقة الفجر ….ولله الأمر من قبل ومن بعد .