المستقبل الديني في اليمن بعد العدوان السعودي
عبدالرحمن غيلان
لم يعد مقبولاً في مستقبل اليمن بعد صلف العدوان السعودي ذلك الفكر الدينيّ البغيض الآتي من صحراء مملكة الزهايمر والذي يتبنّاه حزب الإصلاح بشقّيه الإخواني اللامكانيّ والوهّابي الزمكاني , كونه مرفوض شعبيّاً , ومحكوماً عليه بالخيانة الوطنية العظمى نظراً لما يحمله من فكرٍ عدوانيّ مخالف لفطرة الإنسان اليمنيّ ، ولما ينطوي عليه من دسائس دينية ومجتمعيّة .
وبصريح العبارة نستطيع القول إنّ المستقبل الديني في اليمن يكمن في خلاصة انفتاح الفكر السياسي لأنصار الله بكل ما يحمله من اجتهادات ونصوص ، ووفق المنهج الذي تبنّاه الشهيد أحمد شرف الدين في بلورة الدولة المدنية .. وينصهر مع ذلك خلاصة ما تبقّى من أفكارٍ يساريّة ناضجة نتج عنها الإلتزام بقضايا الوطن ، والتفاعل الإيجابي معها بعيداً أو قريباً من نصوصها ومراجعها الخاضعة للمراجعة والتقويم والأخذ بخلاصتها الواعية لدمجها بما يتوافق مع التركيبة الدينية الأقرب للمجتمع اليمنيّ بعيداً عن تسلّط الفكر والرأي الواحد .
لقد أفرزَ العدوان السعودي الغاشم الكثير من المعطيات التي تؤكد على وجوب مراجعة المنهج الديني والثقافي في اليمن سلطوياً وشعبياً نظراً لما أحدثه الفكر الوهابي من تفكيك ممنهج لترابط المجتمع الواحد , وما أورثه من اختلالٍ عميق في المسير والمصير لأبناء الوطن الواحد .
ولكي نصل إلى مستقبلٍ دينيٍّ ناضج لوطننا ، يجب أن تخضع الأفكار الرئيسية التي صمدت مع شعبها ودافعت عنه إلى بلورةٍ مجتمعيّة قابلة للأخذ والرد من خلال عقد سلسلة حواراتٍ ناضجة يقودها مثقفو البلد كلاً في مجاله وتخصصه .
وتأتي هذه المرحلة عقب مرحلة استعادة الشارع اليمنيّ لأنفاسه وروحه المتمثّلة في الحركة التجارية والعمالية والنهضوية والتي ستدفعه للتفكير الجاد بمستقبله الفكريّ والدينيّ بعيداً عن مواجعه اليومية في معيشته .
فيما يأتي بعد مرحلتيّ الاستقرار الاقتصادي والفكري مرحلة مهمّة تتبناها السلطة الحاكمة مع نخبةٍ ناضجة من عقول الجماهير بتشكيل لجنةٍ تُعنى بتفنيد النصوص الوافدة وتعريتها وفق منهجٍ نقديّ يقوم على الحجّة والبرهان ، ووفق معايير شعبيّة رافضة لتكرار أخطاء ما سبق من تفكيك وخلخلة وفجوات وترّهات دفع شعبنا العزيز الكثير من الوجع ثمناً لها .
إنّ المراجعة الدينية الفكرية الثقافية أصبحت ضرورية وماسّة لأفقنا القادم لئلا نقع في الكوارث مجدداً .. حيث أثبتت الفواجع أنّ ما عايشناه من جرائم إبادة قام بها العدوان السعودي الأمريكي الصهيوني مردّها الأساسي للعِداء والخذلان الداخلي ممثّلاً بالتيار الديني لحزب الإصلاح الذي تشبّعت جماهيره بالأفكار والمعتقدات الوهابية المنحرفة ، والتي عملت على ارتفاع سياج الفُرقة وفتحت فوهات الكراهية بينهم وبين المجتمع على مصراعيها مما أسهم في ازدياد الاحتقان الذي أوصل حزب الإصلاح إلى تأييد ومباركة ومشاركة العدوان الغاشم على هذا الوطن المطعون من أبنائه الأكثر عقوقاً منذ عهد سيدهم القديم ، فأر مأرب.