الدبابة الأمريكية والدبابة السعودية
حسن الوريث
حينما شنت أمريكا حربها على العراق رغم أن تلك الحرب جاءت بدعم وتمويل خليجي بامتياز لإسقاط نظام صدام حسين الذي كان وبحسب دول الخليج ومن تحالف معها وفي المقدمة إسرائيل كان يشكل خطراً على أمن تلك الدول واستقرارها تعالت أصوات كثيرة من الإخوان المسلمين وغيرهم في اليمن والكثير من البلدان تقول إن الذين اعتلوا سدة الحكم في العراق بعد سقوط صدام جاءوا على متن الدبابة الأمريكية، وبالتالي فهم استولوا على السلطة بطريقة غير شرعية وأنهم من الموالين لإيران ويجب محاربتهم وإسقاطهم وقد حشدوا كل ما بوسعهم لتحقيق هذا الغرض .
ومهما يكن سواء اتفقنا مع نظام صدام حسين أو اختلفنا معهم إلا أن القضية الجوهرية في الموضوع أن هؤلاء الذين جاءوا بأمريكا ومن معها لإسقاط نظامه بحجج مختلفة منها السلاح الكيماوي والنووي وتهديد امن المنطقة هم الان من يريدون العودة للحكم في اليمن ولكن هذه المرة بدبابتين الأولى أمريكية والثانية سعودية وفي تناقض رهيب ومخيف في مواقفهم وتصرفاتهم وأفعالهم ففي الوقت الذي دعموا إسقاط صدام واستبدلوا نظامه بحكام جدد على متن دبابة امريكية عادوا ليقولوا أن هؤلاء غير مؤهلين للحكم باعتبار أنهم قلبا وقالباً مع إيران رغم أنهم من جاء بهم إلى الحكم في العراق ومن ثم انقلبوا عليهم وحاربوهم وأدخلوا كل التنظيمات الإرهابية إلى العراق لتعيث فيها الفساد بدعم وتمويل أمريكي خليجي بحجة محاربة هذه الحكومة الإيرانية كما يقولون وكان لإخوان اليمن والتنظيمات الإرهابية نصيب الأسد في استقطاب وتجنيد العناصر وإرسالها إلى العراق لمحاربة المد الإيراني كما كانوا يضحكون ويغررون على من يتم تجنيدهم وهاهم الآن في اليمن يحاولون الوصول إلى الحكم عبر الدبابات والصواريخ والطائرات التي تقتل الشعب اليمني وتدمره وبمبررات إعادة الشرعية المعدومة أصلاً لأنهم مثلهم مثل بني سعود لا يعترفون بالديمقراطية والشرعية وغيرها من المصطلحات التي يطلقون عليها كفر ورجس من عمل الشيطان لكنهم يستخدمونها وقتما يريدون لتحقيق أغراضهم وأهدافهم.
أعتقد أن هؤلاء الناس لا يستطيعون العيش إلا في هذه الأجواء من التناقضات في الأقوال والأفعال كما أنهم يعرفون تماماً أن الشعوب لا تريدهم وتقاومهم بل وتلفضهم والتجارب كثيرة فمن تونس حيث تم إسقاط الغنوشي وحزبه إلى مصر حيث السقوط المريع لمرسي والإخوان في أقل من سنة إلى اليمن حيث تم طردهم إلى خارج البلاد، وفي كل تلك البلدان يحاولون العودة للحكم ولو على حساب دماء الناس وأشلائهم وتدمير مقدراتهم فما يحصل في اليمن وتونس ومصر والعراق يؤكد هذا الكلام لأن هؤلاء مبدأهم أنا ومن بعدي الطوفان ولا يؤمنون بمبدأ التعايش فحين كانوا في الحكم واستملوا أكثر من نصف الوزارات في اليمن عملوا على إقصاء كل الناس من أعمالهم في تلك الوزارات والمؤسسات بل حتى على مستوى حارس المدرسة وصحاب البوفية فيها كان يتم استبدالهم بعناصر منهم وأبسط مثل على أنهم لا يؤمنون بمبدأ التعايش ماحصل في تعز حين سيطروا على بعض المناطق فقاموا بقتل وسحل كل من كان يعارضهم ولو بمجرد الشبهة وتلك المناظر مازالت ماثلة أمام الجميع لأنها ليست بعيدة.
الآن هم يريدون العودة لحكم اليمن على ظهر الدبابات الأمريكية والسعودية وفوق أشلاء الناس ودمائهم وبعد أن دمروا كل شيء جميل في البلاد فلم يبقوا شيئاً إلا وقصفوه ودمروه من المعسكرات والمباني الحكومية والمصانع والموانئ والطرقات والمزارع والملاعب الرياضية والمنشآت الخاصة ومنازل المواطنين وأدخلوا الرعب في نفوس الأطفال والنساء والشيوخ وحاصروا الناس في معيشتهم ومنعوا عنهم الغذاء والدواء وكل احتياجاتهم فهل يمكن أن يسمح لهم الناس بهذه العودة بعد كل هذا الذي عملوه وبعد كل الجرائم التي ارتكبوها في حق هذا الشعب؟ أعتقد جازماً أنهم يحلمون لأنهم حتى لو افترضنا جدلاً أنهم عادوا إلى البلاد ليحكموه فإنهم لن يهنئوا بالعيش الرغيد ولن يجدوا من يحميهم فكل المعسكرات دمرت والجيش فككوه وتآمروا عليه والأمن قتلوه والمباني الحكومية من دار الرئاسة إلى أصغر مجمع حكومي دمروها والبنية التحتية تحتاج إلى مائة سنة لإعادتها ونفوس الناس لن تقبلهم بالتأكيد وبعد كل هذا هل يعقلون أن الشعب اليمني لن يقبل أن يحكمه من جاء على متن الدبابة الأمريكية والسعودية التي دمرت بلادهم ؟ وعليهم أن يعرفوا تماماً أنهم لن يكون لهم موطئ قدم في أرض الحكمة التي ترفض الضيم والظلم وستنتفض أحجارها وجبالها ضد هؤلاء الذين خانوا بلدهم وشعبهم.