ملفات لا تُنسى: استهداف المعاهد المهنية والتقنية والصناعية.. استهداف لمستقبل جيل.. وتعطيل للدراسة.. وتضخيم لدائرة الفقر والبطالة
> مطلب تأهيل العمالة اليمنية.. كذبة خليجية فضحتها عاصفة نسف المعاهد
> الأيدي العاملة في اليمن.. من أحلام التأهيل.. إلى كوابيس التدمير
> أكثر من600مليون دولار خسائر التعليم المهني.. وتدمير42 معهداً في شتى المحافظات
> تشريد آلاف الطلاب الساكنين في الأقسام الداخلية.. وتعطيل100 تخصص دراسي
رصد- مركز الدراسات والمعلومات بمؤسسة الثورة
بعاصفتها في اليمن، يبدو أن “الشقيقة الثرية” لم تكن بحاجة مطلقاً لاستهداف المعاهد المهنية حتى تفضح للعالم حجم حقدها المزمن على العامل اليمني البسيط الباحث عن لقمة العيش في بلدان الثراء المجاور.. فالمعروف للجميع أن “المملكة” لديها مشكلة قديمة مع العمالة الوافدة وتعاني من حساسية مفرطة تجاه اليد اليمنية بالذات، خاصة منذ عام1990م أي قبل نحو ربع قرن إبان حرب الخليج الثانية العراق-الكويت!
على مر التاريخ؛ وإلى ما قبل تلك الحرب الخليجية المشؤومة؛ ظل العامل اليمني متمتعاً بمزايا استثنائية في المملكة، كان معفياً من نظام “الكفيل” المفروض على العمالة العربية والأجنبية، فمجالات الإقامة والعمل مفتوحة أمامه على مصراعيها كأي عامل خليجي؛ دون أية كفالة.. غير أن السلطات السعودية لم تلبث أن ألغت هذا الاستثناء نهائيا وبدون أي تدرج؛ على خلفية موقف اليمن من تلك الحرب؛ أغسطس1990م؛ والتي بسببها عاد قرابة مليون مغترب يمني إلى بلدهم، ليشكلوا عبئاً داخلياً هائلاً، فقد أسهمت عودتهم في أزمة اقتصادية لم تلبث أن بلغت أوجها باندلاع حرب 1994م بين شريكي الوحدة.
من يومها والعامل اليمني يدفع ثمن العلاقات والمواقف السياسية المتباينة بين بلده وجيرانه رغماً عنه، فقد أصبح عرضة للاستهداف في قوته ولقمة عيشه هناك، وحملات الترحيل تلاحقه إلى كل زقاق، بحجة مخالفته لنظام الإقامة والكفالة الذي لم يعتده اليمنيون مطلقاً؛ ولم يتكيفوا معه بعد.. ومن فترة لأخرى يتلذذ “الأشقاء” بترحيل دفعة دسمة من العاملين، لا لشيء إلا لمضاعفة أعباء جارها الأفقر في المنطقة.
شهدت العلاقات بين البلدين شبه قطيعة بين (1990، 1995م) على خلفية حرب الخليج الثانية وحرب 94 في اليمن. إلى أن وقّع البلدان في 1995م “مذكرة تفاهم” بدأت بعدها المياه تعود تدريجيا الى مجاريها وتكللت بتوقيع “اتفاقية جدة” يونيو 2000 لترسيم الحدود.
أنهت الاتفاقية صُداعا سياسياً مزمنا ناهز ستة عقود، لكنها لم تنهِ عقدة العمالة، فقد غدا نظام الكفالة أمراً واقعاً على اليمني، أسوة بغيره، رغم أن اليمن تخلى مُرغماً عن مساحة ضخمة من أراضيه المؤجرة للمملكة، على أمل النهوض بالبلد وعضوية الخليج، وعودة المزايا الاستثنائية لمغتربيه، لكن دون جدوى!
حدث هذا التنكر رغم أن الجوار السعودي مدين لليد اليمنية بالكثير.. فطيلة عقود من الزمن ظلت سمعة العامل اليمني في الغربة لا يعلى عليها، بشهادة كل الخليج، من حيث التفاني والإخلاص، وإجادة العمل، والأمانة، والسلوك الحضاري، والتواضع والحياء، ويشهدون لليمنيين بالفضل في تعمير المملكة وإنعاش الاقتصاد في حقب سابقة منذ بدء الثورة النفطية، فضلاً عن خصائص اليمني؛ الأقرب إليهم في عاداته وتقاليده ودينه ولغته وهويته وثقافته أكثر من الهويات الملونة للعمالة الأجنبية الوافدة؛ التي ترهق مجتمعاتهم وتهدد هوية المنطقة.
نظام الكفالة
عقب اتفاقية جدة الحدودية لم تغلق المملكة أبوابها أمام اليمنيين بالطبع، فنتيجة للأعباء الاقتصادية في اليمن عادت أسراب كثيرة للاغتراب هناك، لكن هذه المرة تحت رحمة نظام الكفالة الذي هربوا منه عام90 وقبلوه على مضض.. إلى أن وصلت أعداد العمال اليمنيين أكثر منها قبل 1990 حسب تقديرات غير رسمية. غير أن إجراءات الحصول على فيزا العمل، وتكلفتها الباهظة، غدت أكبر الصعاب التي تواجه اليمني.
تشير استطلاعات صحفية سابقة إلى أن قيمة فيزا العمل في السوق السوداء تصل إلى أكثر من 15 ألف ريال سعودي (الرسوم المفروضة رسميا من قبل السعودية 2000 ريال سعودي فقط). ويقوم كثير من اليمنيين باقتراض هذا المبلغ، أو بيع حلي النساء لتوفيره، وعادة ما تكون السنة الأولى في حياة المغترب مخصصة لسداد قرض الفيزا.. ويظل العامل مقيداً بالعمل عند كفيله.. غير أن الكثيرين لجأوا إلى كفلاء مؤقتين يستقدمون العامل بمقابل باهض، على أن يتركوا له حرية العمل بعيداً عن الكفيل، وهو ما سبب أزمة أخرى لليمنيين، سنعرفها لاحقاً في هذا الرصد.
مؤشرات وإحصائيات هامة
يمكن تصنيف المغتربين هناك إلى عدة أجيال، فالجيل الأول من العاملين في السعودية هم ممن احترفوا المجال التجاري وأنشأوا الشركات الاستثمارية وأصبح بعضهم يحمل الجنسية السعودية، ويمثل أبناء حضرموت النسبة الأكبر في هذا الجيل. وتحت هذا التصنيف تندرج مجموعات “بن لادن”، “العمودي”، و”بقشان” وغيرها.. فيما الجيل الثاني الذي توافد بين (1965، 1990م) أغلبه عمالة غير مؤهلة اندرجت كعمال في قطاع الإنشاءات وباعة تجزئة وموظفين في الشركات الصناعية. وكثير منهم عاد في العام 1990م.
أما بعد 1995م فقد بدأت السعودية تستقبل الجيل الثالث من العمالة اليمنية الذي تلقى أغلبه تعليما أساسيا، والبعض حاملي مؤهلات جامعية، رغم أن أعمال نسبة منهم في بلد الاغتراب تناسب تخصصاتهم.
من هذه الأجيال الثلاثة تكوّن داخل السعودية مجتمع يمني يفوق تعداده مليون نسمة؛ لهم علاقاتهم وهمومهم وأفراحهم وأتراحهم، وكذا تحويلاتهم إلى اليمن.
حسب تقديرات سابقة يتكفل هذا المجموع بأكثر من نصف التحويلات المالية السنوية الواردة إلى اليمن والمقدرة بنحو 5 مليارات دولار في 2013 حسب تصريحات سابقة لنجيب العديني رئيس منظمة “يمانيو المهجر”, علما أن وزير المغتربين السابق مجاهد القهالي صرح في أكتوبر 2012م بأن تحويلات المغتربين 4 مليارات دولار، وهو رقم يتفوق على عائدات البلد من إنتاج وتصدير النفط.
وحسب إحصائية للبنك الدولي نشرتها صحيفة “الرياض” 2 أغسطس2013م حلت العمالة اليمنية في السعودية رابعا من حيث العدد؛ بعد الهند ومصر وباكستان؛ بواقع 890 ألف عامل، حسب تقديرات البنك للعام 2010، وسادسا وفق تقديرات العام نفسه من حيث حجم التحويلات المالية بـ4,045 مليارات ريال سعودي سنوي (أكثر من مليار دولار أميركي). غير أن حجم إيرادات المغتربين الفعلية ما يزال غير دقيق لعدم انتظامها عبر البنوك الرسمية. ولا توفر الجهات المختصة إحصائيات حديثة عن حجم العمالة اليمنية في السعودية، إذ تقول إحصائيات سابقة لوزارة المغتربين إن عدد المغتربين في السعودية 700 ألف، وهو رقم أقل بكثير من الواقع حسب مراقبين.. وتشير أبحاث نُشِرت في السنوات الأخيرة إلى “وجود درجة متوسطة من التوافق بين مهارات وقدرات العمالة اليمنية ومتطلبات سوق العمل بالقطاع التجاري السعودي. وكشف أحد هذه الأبحاث أن أصحاب العمل والمديرين المشرفين على العمالة اليمنية في المنشآت التجارية السعودية راضون عن أدائها بدرجة كبيرة.
اختلاق مشكلة جديدة
عام 2012م انتهى مجلس الشورى السعودي من إعداد مشروع تعديل للمادة 39 من قانون العمل؛ أقر فيه التشديد على العمال الذين يمارسون أعمالا عند غير (كفلائهم) واعتبارهم مخالفين، وأطلق التعديل يد السلطات الأمنية لملاحقة وضبط المخالفين!
صحيح أن القرار طال كافة الجنسيات، إلا أنه ألحق بالعمالة اليمنية تحديداً؛ أكبر الضرر، فمن سن هذا القانون يعلم أن نسبة كبيرة من اليمنيين يعملون عند غير كفلائهم، ويبدو انه حان وقت ترحيلهم، حسب العادة، رغم علم السعودية بظروف اليمن العصيبة منذ2011!!
صحيح أيضاً أن الفرصة أتيحت للبعض لتصحيح أوضاعهم نظامياً وتم صرف فيز عمل جديدة لهم، غير أن النسبة الأكبر تم ترحيلها، لتضاف إلى سرب البطالة الهائل في البلد!!
وفقا لمختصي مجلس التنسيق الأعلى للجالية اليمنية في السعودية، أسفرت حملة الملاحقات منذ بدء تطبيقها في ابريل 2013م وحتى مارس 2014م، عن “ترحيل 200 ألف يمني” مخالف. سواء ممن يعملون عند غير الكفيل أو من دخلوا السعودية عن طريق التهريب.
تم تبرير ذلك بحجة وجود بعض الذين يدخلون السعودية بطريقة غير نظامية نظرا لوجود مساحة شاسعة من الحدود المشتركة بين البلدين، وكان يتم في الماضي التغاضي عن هؤلاء لأنهم “لم يكونوا يسببون أية مشكلات أمنية ، لكن الأمر اختلف بسبب وجود استهداف امني لليمن والمملكة على حد سواء وتحولت اليمن إلى منفذ يعبر منه غير يمنيين إلى السعودية”.
بين هذا المبرر وذاك، برز في السنوات الأخيرة مبرر جديد يشترط على العمالة اليمنية أن تكون مؤهلة وتلبي احتياج السوق الخليجية حتى يسمح لها بالعمل في المملكة.. حدث هذا إبان طلب اليمن الانضمام لعضوية الخليج، يومها عاير الخليجيون العمالة اليمنية بانعدام التأهيل، فهم يفاخرون بالعمالة الأجنبية التي تضج بها أسواقهم.. فيما الخليجيون ذاتهم يعانون من عمالة وطنية خاملة لا يستفاد من معظهما.
وبناء على هذا الشرط قامت الحكومات اليمنية المتعاقبة بإنشاء عشرات المعاهد المهنية في معظم المحافظات.. بعضها بتمويل مشترك من الحكومة اليمنية وبعض الدول المانحة.. وتم تجهيزها بأحدث التجهيزات.. والتحق بها الآلاف من الشباب.. كان إنشاؤها يمثل حلماً لمعظم العاطلين المتطلعين إلى عمل مشرف يضمن حياة كريمة لهم ولأسرهم ومجتمعهم. سواء داخل بلده أو خارجه، حتى أن البعض نقل أبناءه من مدارس التعليم العام إلى المعاهد المهنية، ونسبة كبيرة من الأسر لديها أكثر من اثنين وثلاثة أبناء في التعليم المهني، بل آلاف المرحلين المعذبين وجدوها فرصة لإعادة تأهيل أنفسهم، أملاً في عمل مضمون ولقمة عيش أفضل، نظراً لما ينتظر هذا المجال من مستقبل واعد وسوق مفتوحة تتيح لمخرجاته المؤهلة فرص عمل أكبر بكثير من مجال التعليم العام الذي تضاءلت فرص توظيف مخرجاته إلى أسوأ درجة بسبب التزاحم المحموم على الدرجات الوظيفية الحكومية واستنزافها بشكل غير مسبوق!
يبدو أن مبررات السوق الخليجية واشتراطها للعمالة المؤهلة فقط، توازت مع طموح بلد وحاجة اليمن أصلاً إلى إعداد وتدريب قواه العاملة وتنمية مهاراتها، لتغطية احتياجات السوق المحلية الآخذة في الاتساع والمواكبة والحداثة، سيما أن معظم التخصصات النوعية في القطاع الخاص تستحوذ عليها عمالة خارجية مؤهلة، وبنسبة كبيرة، لكنها تستنزف البلد وتزاحم اليمنيين المحتاجين للعمل، في الوقت الذي يعاني المجتمع من نسبة بطالة هائلة. والمشكلة في اليمن تكمن في اعتمادها على العمالة الخارجية لتقديم الخدمات، ومعاناتها من نقص كبير في المهارات العاملة.
المشكلة ان اليمن تعاني من مشاكل متعددة في الجوانب الإدارية والتعليمية انعكست بشكل سلبي على توليد مهارات عاملة تتناسب مع احتياجات سوق العمل وتساهم في التقدم الاقتصادي والتنموي في البلاد. والكثير من أرباب العمل يواجهون صعوبات في استقطاب المهارات العاملة.. ويؤكد خبراء التخطيط والتنمية أن نقص المهارات جعل اليمن تعتمد على العمالة الخارجية في تقديم الخدمات. والقصور في هذه المهارات يرجع إلى عدم تحفيز الطلاب وتوجيههم لتخصصات معينة ومطلوبة تلائم الأسواق.. ما يعني أن هناك حاجة ماسة لإيجاد تعليم متنوع ومتطور يسهم في تنويع المهارات وإفراز مخرجات ملائمة ومناسبة لتوجهات البلد الاقتصادية والتنموية والاستثمارية، كأحد الحلول الحاسمة لأزمات اليمن. والمؤكد أن التعليم المتخصص ضرورة ملحة لمواكبة التطورات الحاصلة في سوق العمل الذي يشهد تغييرات متواصلة واحتياجات محددة تفرضها عوامل التطور التكنولوجي والصناعي والتقني.
ويؤكد الخبراء أن نقص المهارات والخبرات لا يؤثر على التعليم الفني والمهني بل يؤثر على الاقتصاد الوطني بشكل عام وكذا انتشار البطالة وتدهور الصناعات التقليدية. وبالمقابل فإن القوى العاملة والمؤهلة والمدربة تمثل عامل جذب للاستثمارات الخارجية وعاملاً رئيسياً في تطور الاقتصاد والإسراع في التحول الاجتماعي وتحسين الوضع المعيشي.
كارثة البطالة
بحسب دراسات ميدانية حديثة يبدو أن سوق العمل في اليمن يشهد صعوبات وتحديات قائمة بين جانبي العرض والطلب بسبب ارتفاع النمو السكاني والذي يقابله ارتفاع في نسبة القوى العاملة، حيث من المتوقع أن ترتفع إلى أكثر من 9 ملايين عام 2025م مقارنة بـ4 ملايين و 244 ألف عامل خلال عام 2007م .
وبينت الدراسة التي أعدها قطاع سوق العمل بوزارة الشئون الاجتماعية والعمل قبل سنوات حول آلية تشغيل العمالة في سوق العمل المحلي والخارجي أن نسبة البطالة في اليمن أصبحت من أعلى المعدلات بالعالم والتي تؤثر نتائجها بصورة سلبية على الاقتصاد والتنمية في اليمن .
وأشارت الدراسة إلى أن عدد العاملين الجدد الداخلين لسوق العمل سنوياً يقدر بنحو 200 ألف شخص، مما يتطلب توفير 200 ألف فرصة عمل سنوياً.. علاوة على 24 ألف وظيفة سنوياً لخفض مخزون البطالة التراكمية من سنوات سابقة.
وأرجعت الدراسة ارتفاع نسبة البطالة ونمو حجم القوى العاملة إلى عدم توافق مخرجات التعليم والتدريب مع احتياجات سوق العمل، واستمرار نمو مخرجات التعليم الجامعي الحكومي في تخصصات تفوق حاجة سوق العمل، مع عدم توافق مؤهلات الخريجين العاملين مع متطلبات وظائفهم.
وطالبت الدراسة بضرورة توسيع نظام التدريب مع التركيز على المحافظات والمدن التي تفتقر أو تعاني من نقص حاد في خدمات التدريب، ودراسة إمكانية تنظيم دورات تدريب على مهارات جديدة ووضع معايير واختبارات وإجراءات تصديق وطنية موحدة للمؤهلات الجديدة التي تواكب المتطلبات والمتغيرات الاقتصادية في مختلف المجالات.. كما أوصت بضرورة تطوير مناهج وبرامج وطنية لكل مهنة، والتوسع في تدريب وتأهيل المدربين داخلياً وخارجياً، فبدون التدريب يفشل نظام التعليم، وتوجيه الشباب والفتيات نحو التخصصات التطبيقية المهنية والتقنية حسب حاجة السوق، والتقليل من التخصصات الإنسانية التي تزيد نسبة البطالة.. وشددت الدراسة على ضرورة استثناء العمالة اليمنية في الخليج من نظام الكفيل، وتسهيل منح تأشيرات الدخول، والإعفاء من الرسوم المفروضة على استقدام العمالة اليمنية، والبدء باستقبال العمالة اليمنية غير المؤهلة في المجالات الخدمية كتعبير أولي عن الرغبة في استقبال عمالة بمهارات عالية. لكن يبدو أن الحلول والمعالجات التي تقدمها اليمن لا تجد آذاناً خليجية صاغية، حتى بعد أن تقع الفأس في الرأس!
نقلة مهنية
لكل ذلك؛ شهد العقدان الأخيران اهتماماً حكومياً غير مسبوق بالتعليم الفني والمهني الذي تعول عليه الدولة والمجتمع الدولي كثيراً في جهود مكافحة الفقر والبطالة.، وخلال سنوات قليلة كانت معظم المحافظات تتزين بمبانٍ حديثة وتجهيزات راقية حظيت بها المعاهد المهنية، وبدا أن البلد في طريقه للاكتفاء المهني، وفي ذلك خدمة كبيرة لطموحات اليمن في تدريب القوى العاملة- والعاطلة معاً- وإعادة تأهيلهما، لتكونا تحت الجاهزية، لتلبية احتياجاته المحلية ومتطلبات الاستثمارات الداخلية من جهة، وكذا لمواكبة السوق الخارجية من جهة أخرى؛ بالذات الخليجية؛ التي تفضل العمالة اليمنية؛ لرخصها وتفانيها في العمل، وفي ذلك أيضاً خدمة لطموح انضمام اليمن لدول الخليج ومطلب التأهيل الذي يزايدون به، ويضعونه دوماً حجر عثرة أمام عضوية اليمن!
هذه السوق بدورها ستفتح آفاقاً واسعة للعمالة اليمنية، بما يسهم في امتصاص العاطلين وتضييق دائرة البطالة الضخمة التي تعد التحدي الأبرز والعبء الأثقل، وتتضاعف يوماً بعد يوم، بما يعني إزاحة المعوق الأكبر من طريق الدولة والمجتمع، حتى لا تظل تلقي بظلالها السلبية على الجوار الذي يواجه موجة مزعجة من طالبي العمل، وسيجد نفسه في المستقبل القريب جداً أمام طوفان بشري ومعضلة نزوح لا قِبَل له باحتوائها. حسب توقعات دولية عديدة بهذا الشأن.
عاصفة التدمير
لكل ذلك؛ يبدو الخليجيون أكثر الناس دراية بمعضلة البطالة في اليمن وكثرة الطارقين لأبوابهم بحثاً عن لقمة عيش، وإشكالية ندرة العمالة المؤهلة التي تؤرق الخليج، وبالتالي هم أدرى الناس بحاجة اليمن الماسة لتأهيل الأيدي المهنية أكثر من أي مجال آخر.. لكن رغم كل ذلك لم تتورع طائرات التحالف وغاراته الغبية وحربه القذرة عن قصف المعاهد الفنية والمهنية والتقنية والصناعية والتجارية والحرفية، واستهداف اليمن في قلبه الفني والمهني الذي يعول عليه أكثر من أي مجال. فحصيلة الدمار طالت تقريباً كل المعاهد وكليات المجتمع. رغم أنها بعيدة كل البعد عن أية أنشطة عسكرية، ولم تطُل فرحة اليمنيين بهذا المجال الحيوي، الذي يرتبط بأدق تفاصيل حياتهم واحتياجاتهم.. استُهدف العاطلون في مستقبلهم، وبات على ملايينهم الجائعة وطوابيرهم الطويلة أن ينتظروا كثيراً حتى يعاد بناء ما تم تدميره لاستكمال دراستهم. ما يعني كارثة بطالة مضاعفة.. كل ذلك بهدف خلق نقمة داخلية وتأليب المجتمع ضد بعضه،
يدرك السعوديون أن تطور العمالة وتنمية مهاراتها سيكون انعكاساً ايجابياً لتحسين الوضع الاقتصادي بأكمله وتهيئة الاستقرار، وأن خلق فـرص العمـل ستزيد مساحته باتجاه امتصاص البطالة، وهذا مالا يريده الجوار، فالأهم لديهم أن يظل اليمن منشغلاً بأزماته.
كل يوم يتضح أنه عدوان إبادة، فهو يمعن في استهداف كافة أشكال الحياة ومقومات الدولة والمجتمع،
فقد كشف تقرير لوزارة التعليم الفني والتدريب المهني عن أن الحصيلة غير النهائية لحجم الأضرار التي تعرضت لها بلغت أكثر من 42 مؤسسة فنية ومهنية وتقنية وصناعية وزراعية وحرفية وتجارية وكليات مجتمع تابعة للوزارة في مختلف المحافظات والتي تم استهدافها بصورة مباشرة من قبل العدوان السعودي- الأمريكي الغاشم على اليمن. وتعطيل الدراسة في أكثر من100 تخصص، وتشريد آلاف الطلاب الذين يسكنون في أقسامها الداخلية.
وأوضح التقرير النهائي الصادر عن الوزارة أن اليمن خسرت ما يقارب من 600 مليون دولار جراء استهداف طيران العدوان بصورة مباشرة هذه المؤسسات التعليمية والتدريبية والتي أدت إلى تدمير كلي لمكوناتها وتجهيزاتها وكذا إلحاق إضرار جسيمة بالمباني المجاورة وتوقف العملية التعليمية في عدد من المعاهد المهنية والتقنية في بعض المحافظات.
وأشار التقرير إلى أن طائرات العدوان استهدفت بشكل مباشر منذ مارس وحتى نهاية ديسمبر من العام 2015م مؤسسات التعليم الفني والتدريب المهني العاملة والجاهزة والتي في قيد الإنشاء في مختلف المحافظات والتي أبرزت حجم الحقد للعدوان السعودي الغاشم على اليمن ومقدراته ومنجزاته ومؤسساته المدنية وغير المدنية والتي تجاوز في قصفها كل الأعراف والقوانين الدولية ومواثيق الأمم المتحدة والشرائع السماوية في تحييد المؤسسات التعليمية والمدنية أثناء الصراعات أياً كانت المبررات.
ولفت التقرير إلى أن استهداف العدوان السعودي- الأمريكي للمنشآت التعليمية في اليمن يعني القضاء على مستقبل كافة أبناء اليمن وحرمانهم من التعليم لسنوات ورفع حجم البطالة في أوساط الشباب وزيادة نسبة الفقر في المجتمع اليمني، فضلاً عن المساهمة في انتشار ظاهرتي الجريمة والإرهاب والتطرف وتهديد الأمن في المنطقة العربية، وكذا تأخير عجلة التنمية في البلاد لسنين طويلة قادمة.
وبين التقرير أن المباني التي تم استهداف أجزاء منها ستكون مكلفة لإعادة إنشائها ولن تكون بنفس الجودة وتحتاج إلى وقت طويل وتكلفة مرتفعة، نظراً لارتفاع التكلفة الإنشائية والتجهيزات للمؤسسة الواحدة والتي تتراوح مابين ” 10- 15 مليون دولار فيما بعضها تجاوزت عملية الإنشاء والتجهيز أكثر من 23 مليون دولار كالمعهد التقني العالي متعدد الأغراض البولتكنيك”.
وأشار التقرير الصادر عن وزارة التعليم الفني والتدريب المهني إلى أن اليمن خسرت باستهداف هذه المؤسسات التعليمية مئات الملايين من الدولارات نظراً لارتفاع التكلفة الإنشائية للمؤسسة الواحدة والتي تتراوح مابين ” 600 – 950 ” مليون ريال (قرابة المليار)..
لافتا إلى أن المعاهد الفنية والمهنية وكليات المجتمع في مختلف المحافظات التي استهدفها العدوان السعودي بصورة مباشرة أدى إلى تدمير كلي لمكوناتها وكذا إلحاق إضرار جسيمة للمباني المجاورة .
وبين التقرير أن من بين هذه المؤسسات التي تم استهدافها بصورة مباشرة بمحافظة صنعاء ” المعهد المهني الصناعي بمناخة، والمعهد المهني الصناعي في جحانة، أسفر عن تدمير شبه كلي للورش التعليمية والتدريبية وسكن المدرسين والطلاب، والمخازن والفصول الدراسية والمكتبة والملاحق، إضافة إلى استهداف المعهد المهني الصناعي بالحيمة، وكذا المعهد التقني التجاري الرقة همدان، والمعهد التقني بني مطر، مما أسفر عن تدمير شبه كلي للورش التعليمية والتدريبية وسكن المدرسين والطلاب، والمخازن والفصول الدراسية والمكتبة والملاحق في تلك المعاهد.. يضاف إليها مجمع كلية المجتمع والمعهد المهني بسنحان.
وفي محافظة البيضاء أوضح التقرير أن طائرات العدوان استهدف أيضاً بصورة مباشرة المعهد المهني الصناعي بالسوادية، والمعهد التقني القرشية برداع، والمعهد المهني التجاري والمعهد المهني الصناعي بمحافظة البيضاء، أسفر عن تدمير كلي للورش التعليمية والحرفية في تلك المعاهد وسكن الطلاب والمدرسين والمباني الإدارية والمخازن والمباني الملحقة.
وفي محافظة صعدة أوضح التقرير أن طائرات العدوان استهدفت مكتب التعليم الفني، والمعهد المهني المركزي، والمعهد التجاري، والمعهد المهني الصناعي بالمحافظة أسفر عن تدمير كلي للمباني الإدارية والورش التعليمية والحرفية وسكن الطلاب والملاحق.
وفي محافظة شبوة تم استهداف المعهد التقني بعتق بصورة مباشرة أدى إلى تدمير كلي للمباني الإدارية والتعليمية ومركز المعلومات والمخزن والملاحق.
وفي أمانة العاصمة تعرض المعهد الفندقي السياحي بمنطقة سعوان بأمانة العاصمة لاستهداف مباشر أدى إلى حدوث أضرار بالغة في البنية التحتية وتهدم المبنى الإداري والمرافق التعليمية وصالات الطعام والمكتبات والمطعم ومبنى الفندق والسور والخزانات العلوية والسفلية، إضافة إلى تعرض المعهد التقني العالي “البوليتكنيك” بحي صوفان إلى أضرار بالغة في المبنى الأكاديمي والإداري وقاعة الاحتفالات والمطعم نتيجة استهداف منطقة مجاورة.
وتعرض المعهد اليمني-التركي الحرفي بمنطقة نقم بالأمانة إلى أضرار بالغة نتيجة استهداف المنطقة المجاورة للمعهد خصوصاً في الورش التعليمية وسكن الطلاب والمدرسين واستراحة الطالبات والمخزن العام وورشة الحرف التقليدية والمبنى الإداري وبعض المعامل الحديثة، و تعرض المعهد التقني الصناعي بذهبان لأضرار بالغة في المباني والورش التعليمية نتيجة استهداف مباني مجاورة للمعهد.
كما استهدف العدوان كلية مجتمع يريم بمحافظة إب أسفر عن تدمير كلي للورش التعليمية والتدريبية وصالات الطعام وسكن الطلاب والمدرسين وخزانات المياه والموالدات الكهربائية.
وفي محافظة تعز أشار التقرير إلى أن طائرات العدوان الهمجي قصفت المعهد المهني الصناعي، والمعهد التقني التجاري بالحصب، والمعهد الصناعي الحوبان، ومعهد الخطوة الأعروق، والمعهد التقني بحيفان أدى إلى تدمير أجزاء كبيرة من الورش التعليمية والتدريبية وسكن الطلاب والمدرسين والمعامل الدراسية.
وفي محافظة ذمار تعرضت كلية المجتمع، والمعهد المهني الصناعي الدرب، لاستهداف مباشر من طائرات العدوان أدى إلى تدمير شبه كلي للمعهد وكلية المجتمع وملحقاتهما التعليمية والتدريبية والمباني الإدارية والتعليمية وسكن المدرسين والطلاب والمخازن وخزانات المياه.
وفي محافظة الحديدة استهدف العدوان كلية المجتمع، والمعهد المهني الصناعي باللحية بصورة مباشرة أدى إلى تدمير أجزاء كبيرة من الورش التعليمية والتدريبية وسكن الطلاب والمدرسين وصالات الطعام والمخازن، إضافة إلى استهداف المعهد المهني الحوك، والمعهد المهني الصناعي الخوخة، وكذلك المعهد التقني التجاري بباجل بالمحافظة أسفرت جميعها عن تدمير شبه كلي للمباني والورش التعليمية والإدارية.
وفي محافظة المحويت تعرض المعهد التقني الزراعي بالرجم لأضرار بالغة في مبنى القسم الزراعي والمحلب، والسكن واستراحة الطالبات والعيادة البيطرية والمخزن العام وحظائر الحيوانات، وكذلك تم استهداف بصورة مباشرة بعدة غارات جوية لمكتب التعليم الفني والتدريب المهني بمحافظة عمران خلف أضرارا بالغة في المنشآت والمباني المجاورة.
وبين التقرير أن معهد الصالح بمحاظة مارب تعرض أيضاً لأضرار بالغة نتيجة استهداف طائرات التحالف الممنهج للمؤسسات التعليمية والتدريبية في اليمن ومنها هذا المعهد الذي أدى إلى تدمير وتضرر أجزاء في المعهد البيطري، والزراعي، والصناعي، إضافة إلى استهداف المعهد المهني الصناعي بصرواح أدى إلى تدمير شبه كلي للورش التعليمية والمباني الإدارية وسكن الطلاب والمدرسين.
وفي محافظة لحج استهدفت طائرات العدوان بصورة مباشرة معاهد بومدين للتدريب المهني ، والمعهد الزراعي والتجاري صبر، والمعهد المهني الصناعي الحوطة، وكذا كلية مجتمع الهجر قبيطة بالمحافظة أدت إلى تدمير كلي للورش التعليمية والمنشآت والمباني وسكن الطلاب والمدرسين والملاحق، إضافة إلى استهداف المعهد التقني بعتق بمحافظة شبوة بصورة مباشرة أدى إلى تدمير كلي للمباني الإدارية والتعليمية ومركز المعلومات والمخزن والملاحق.
وفي محافظة الضالع تعرض المعهد التقني التجاري وكلية المجتمع بالمحافظة لاستهداف مباشر من قبل طيران تحالف العدوان مما أدى إلى حدوث أضرار بالغة في المباني والورش التعليمية والتدريبية وسكن الطلاب والمدرسين والمباني الإدارية والملاحق، كما تعرضت كلية عبس بمحافظة حجة لأضرار بالغة نتيجة قصفها بصورة مباشرة مما أدى إلى تدمير أجزاء كبيرة من منشآتها التعليمة والإدارية والذي ينم عن حقد اسود ودفين لعدوان التحالف الهمجي الذي لم يفرق بين استهداف مؤسسة مدنية وتعليمية وأخرى عسكرية.
12 يوليو/ 2015م، استهداف مبنى المعهد المهني الواقع في بحي سعوان هبرة بالعاصمة صنعاء ما تسبب في دمار واسع في المبنى.
-12 يوليو/ 2015م، استهداف مبنى المعهد المهني والتقني بمديرية كشر محافظة حجة.
-16 ابريل/ 2015م، استهداف مباني المعهد المهني التقني التابعة لمحافظة صنعاء ما أدى إلى إصابة مواطن تسببت في إصابة مواطن و تهدم أجزاء كبيرة من المبنى.
– 18 ابريل/ 2015م، استهدف مبنى المعهد المهني والتقني بمديرية جحانة بصنعاء ما أدى إلى إصابة أربعة مواطنين وتدمير المبنى مع المعامل والورش الفنية التابعة للمعهد.
– 29 مايو/ 2015 ، استهدف مبنى المعهد المهني بمديرية الحيمة الخارجية بصنعاء ما تسبب بأضرار مادية كبيرة بالمبنى وتضرر منازل المواطنين المجاورة.
16 مايو 2015، استهدف مبنى المعهد المهني في مديرية القريشية بمحافظة البيضاء ما ادى الى تدميره كليا.
– 26 -27يونيو 2015 استهدف مبنى المعهد المهني الواقع في بلدة الخوعة مديرية السوادة محافظة البيضاء.
– 23 إبريل/ 2015م، استهدف مبنى المعهد المهني بالسحول محافظة إب ما أدى إلى تدميره.
– 24 إبريل/ 2015م، استهدف مبنى المعهد الفني بمدينة الحوطة محافظة لحج ما أدى إلى تدمير شبه كلي.
– 7 يوليو/ 2015م، استهدف المعهد المهني والتقني والمعهد الزراعي بمديرية الرجم بمحافظة المحويت، ملحقة أضرار كبيرة بالمبنى.
– 13 أبريل/ 2015م، استهدف مبنى المعهد المهني بمديرية الزاهر بمحافظة البيضاء ما أدّى إلى تدميره
– 21 مايو/ 2015م، استهدف المعهد المهني بمنطقة جدر بأمانة العاصمة مما أدى إلى تدمير مبنى المعهد مع المعامل والورش الفنية التابعة له.
-23 ابريل 2015، استهدف المعهد المهني والتقني بمدينة يريم بمحافظة إب ما أدى إلى أضرار فادحة بالمبنى.
– 30 مايو/ 2015م، استهدف المعهد الفني والمهني الواقع على طريق مدينة الخوخة بمحافظة الحديدة
– 26 يونيو/ 2015م، استهدف مبنى المعهد التقني ومبني الإدارة التعليمية بمديرية المنيرة واللحية بمحافظة الحديدة ما تسبب في تدمير المبنى و اتلف محتوياته.
– 26يونيو 2015م، استهدف مبنى الإدارة التعليمية بمديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة ما تسبب في تدميره.
– 5 يونيو2015م استهدف المعهد التقني بمنطقة الدرب شمال مدينة ذمار ما تسبب في تدمير المعهد كلياً.
– 26 مايو/ 2015م، استهدف المعهد التقني الصناعي بالحوبان بمدينة تعز ما أدى إلى تدميره بشكل شبه كلي وسقوط شهداء وجرحى من المواطنين.
– 20 مايو/ 2015 استهدف مباني المعهد التقني والمعهد العالي للمعلمين بمحافظة صعدة ما أدى إلى تدميرهما بالكامل بالإضافة إلى مخازن الكتاب ما أدى إلى استشهاد 13 مواطناً وإصابة آخرين.
4 يوليو / 2015م، استهداف مبنى رعاية الأيتام بحرض محافظة حجة>
– 21 يوليو / 2015م، استهدف عدد من مباني المعهد المهني والتقني بمحافظة تعز.
– كما استهدف المئات من المدارس الحكومية في القرى والمدن بمختلف المحافظات اليمنية ما أدى إلى تدمير اغلبها كلياً.