وداعاً أيها الراجح

 

عبدالواحد محمد البحري

كلما حاولت أن ألتقط قلمي لأعبر عن ألمي وحزني على فراق العزيز والمربي الفاضل في بساط صاحبة الجلالة الأستاذ راجح الجبوبي الذي رحل عنا بعد معاناة مع المرض الذي تمكن من إبقائه في منزله لفترة ليس بقصيرة بعد أن كان لا يحلو له الجلوس الى في مكتبه أو حديقة وكالة الأنباء سبأ، أتذكر زيارتي له برفقة الزميل محمد قاسم الجبوبي إلى منزله حين كان يكتفي بالنظرات والإشارات الينا فقط بعدان ساءت حالته رحمة الله عليه وكأنه يقول شكرا لزيارتكم وتحياتي للزملاء في صحيفة الثورة..
نعم هكذا كانت لقاءاتنا بالأستاذ راجح الجبوبي قبل مرضه في مكتبه سواء في وكالة سبأ أو نقابة الصحفيين، دائما يسأل عن قدامى المحررين بالصحيفة ويسأل عنهم فردا فردا فقد كانت مؤسسة سبأ للصحافة والأنباء هي البيت الكبير لموظفي صحيفة الثورة ووكالة الأنباء قبل الوحدة تجمعنا إدارة عامة واحدة, وبقى الزملاء على تواصل مستمر مع زملائهم حتى اليوم بعد أن تغير اسم الوكالة واستقلت ماليا وإداريا بعد الوحدة المباركة عام 1990م عن صحيفة الثورة كتبنا عن مرضه ومعاناته في صحيفة الثورة “أخبار قصيرة , ولقطات سريعة” لعل الزملاء في نقابة الصحفيين يلتفتوا الى زميلنا ومعلمنا راجح الجبوبي ونقله إلى أية دولة كنوع من رد الجميل للصحفي والنقابي المخضرم راجح ولكن لا حياة لمن تنادي..
وفي الحقيقية لم نتمكن من عمل شيء لزميلنا في مرضه وكانت الزيارات للأستاذ راجح هي أقل واجب , كما أننا لم نفرغ ما في داخلنا من حزن وأسى ولوعة لرحيله.. لقد كان رحمة الله عليه أبا وأخا عزيزا يحمل قلبا كبيرا للمعنى الأسمى للأخوة وكان نعم الصديق ونعم الصحفي ونعم الرئيس ونعم المدير، وكان مدرسة لما راكمه من تجربة إعلامية، وتعلمنا على يديه الشيء الكثير .. وكان نبيلا وكريما وصريحا يكره الإفك والريا والنفاق وشجاع وكان قلبه عامرا بحب الناس أجمعين .. وحب الناس من حب رب العالمين..كان يحمل كماً هائلاً من المبادئ الإنسانية السامية طيلة حياته … وفي كل الأزمنة والأمكنة …
لقد كان شعلة متقدة من النشاط أينما حلل في وكالة سبأ أو في نقابة الصحفيين ومن ذوي الكفاءات العالية في المهنة وكذلك كان نقابيا متميزا ومن رجالات الصحافة وشخصية نقابية قح، ولقد كان له شرف الموقف والثبات على المبادئ التي أختطها جيل الآباء في حب اليمن الواحد الموحد فلم تحد عنه قيد أنمله حتى آخر يوم من عمره …
ولقد كان حبه للناس والتمسك بمبادئ العمل الصحفي صارما وصارخا لقد أعطى المروءة والصداقة حقها حتى فاض مقيله العامر بكافة الزملاء والصحفيين من مختلف الألوان السياسية وكان نصيراً للغلابة والمحتاجين وأهل الوطن أجمعين ….. ولأن الراحل اتسمت تجربته الإعلامية بالتفاني ونكران الذات، وكان مثالا في الأخلاق الفاضلة ونموذجا في المهنية.
عزاؤنا إنه ترك فينا ذكريات عطرة .. ومبادئ سامية قل ان توجد في هذا الزمن الرديء .. وسوف تظل ذكرى الصحفي والنقابي راجح الجبوبي رحمة الله تغشاه باقية فينا طالما بقينا في العمل الصحفي.
والبركة في أولاده وتلاميذه ممن تتلمذوا على يديه ومبادئه التي تعلمناها من خلال عملنا بجانبه في الوسط الصحفي منذ منتصف الثمانينيات .. فنم قرير العين هائنا يرحمك الله .. ونتوسل إلى الله العلي القدير أن يلهمنا الصبر والسلوان على فراقك … وأن يتقبلك قبولا حسنا ويسكنك فسيح جناته مع الصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقا … إنا لله وإنا إليه راجعون.

قد يعجبك ايضا