وتكسرت أمواج عدوانهم
عبدالرحمن مراد
كان عملاء العدوان السعودي يظنون أنهم ذهبوا إلى المستقبل بخطى أكثر ثبوتا وكانوا يرون ضعف اليمن وسطوة السعودية وظن أولئك أنهم عائدون إلى صنعاء على جناح الاباتشي وعلى صهوة البرانز والبرادلي وعلى فوهة القاذفات الحساسة, وظنوا اليمن بكل تراكمه الحضاري وتاريخه سيكون مطيعا خاضعا ذليلا ويبدو أن الذين وصلوا إلى صدارة المشهد السياسي في اليمن في الماضي لم يدركوا طبيعة اليمن وأهل اليمن ولم يقرأوا تاريخ اليمن فقد كان وعيهم لا يتجاوز وعي الاملاءات التي يتلقونها من أسيادهم وكانت هرولتهم إلى الرياض خضوعا وذلا ولا قرار لهم فيها فقد دلت الوقائع والأحداث أن الكثير من أولئك الذين غادروا صنعاء إلى الرياض وباركوا عدوان المملكة على اليمن كانوا جواسيس لأجهزة استخباراتية عربية وأجنبية ولا أظن الزعيم علي عبدالله صالح كان غافلا عنهم بل كان مدركا لطبيعة الدور الذي يقومون به ولكنه كان يحاول توظيفهم توظيفا يخدم حالة الاستقرار في اليمن فقد شاع عنه قوله أنه كان يرقص على رؤوس الثعابين, وكنا نظن أن الثعابين الذين كانوا يطلون برؤوسهم القذرة والسامة لا ارتباط لهم بدول الإقليم والأجهزة الاستخباراتية العالمية وإذا بالعدوان يكشف لنا ذلك الارتباط الوثيق في مستوياته المتعددة وهي مستويات تجاوزت المستوى الاجتماعي الذي ظل زمنا مرتبطا بالسعودية وما يزال بعض أولئك على علاقة مالية باللجنة الخاصة وكانوا أقل شأنا من تلك المستويات التي رفع العدوان الغطاء عنها وأصبحت ظاهرة ولم نكن ندرك خطورة دورها الذي كانت تقوم به إلا بعد أن تناثرت القنابل العنقودية على رؤوسنا وتفجرت القنابل الفراغية في جبالنا وهبطت القنبلة الارجوانية على نقمنا وتشدقوا في القنوات وتفيهقوا وقالوا عن اليمن واليمنيين ما لم يقله كل اعدائنا عبر حقب التاريخ المختلفة لقد تكسرت أمواج فتنتهم على صخرة صمودنا وخابوا وخسروا وباءوا بغضب من الله ومن الناس أجمعين وكان تبابعة حمير الذين يابون الضيم في جبهات الغزة والكرامة يذودون عن حياض اليمن ويقاتلون اعداءه وهم شامخون بعزلهم يتباهون بتاريخهم وحضارتهم ويعلون من قدر عفاشهم وأسعدهم الكامل وقدر ذي نواسهم الذي فضل البحر غرقا فيه على ان يرى محتلا لبلاده أو وصيا عليها.
ماذا جنى أولئك من ماسحي أحذية أمراء الخليج سوى الخزي والعار والذل والبوار ولا مصير لهم سوى مصير رافع راية ذلهم وعارهم أبي رغال وسيظل ابناء اليمن يرجمون قبورهم ويلعنونهم كما فعلوا مع قائدهم أما هم فلن يجدوا عند محمد بن سلمان ومن شايعه ومن والاه سوى جزاء ابن العلقمي وقد وصلوا إلى ذلك الجزاء حين انذرهم وامهلم لمغادرة الرياض اياما معدودات بعد أن شعر أن لا حاجة له بهم وقد بلغ منهم ما كان يود أن يبلغه وكأني بهم وهم يتوسلون تراب النعال في البقاء وعدم المغادرة وأنى لهم ذلك؟ فقد قيل أن أحقر الناس من يخون وطنه فكيف كانت مشاعرهم وهم يجزمون امتعتهم ويتهيأون للمغادرة إلى محرقة حتمية هي في انتظارهم؟ وتشرد دائم هم سالكون طريقة وليل دائم يعيشون تحت اجنحته الدامسة يتمنون صباحه أن يشرق عليهم فلا يشرق ويتمنون طيوره أن تغنيهم فلا يسعها الا أن تلعنهم فيشعرون بالدماء التي سالت على نجود ووهاد اليمن وكأنها قنابل عنقودية تقض مضاجعهم وبالصواريخ وكأنها طعنات الرماح في ضمائرهم ويطل عليهم ايواب طارش وهم يفترشون الارصفة وهو يصرخ في اخلاقهم وفي ضمائرهم وفي وجدانهم ليس منا ابدا من يسكب النار في اخلاقنا كي تحرقا ويذكرهم بنشيدهم الوطني الذي كانوا يقفون له عند كل مناسبة ويسمعونه صباح كل يوم لن ترى الدنيا على ارضي وصيا أنه الحقيقة المرة التي تجعل وجوههم تقطر خجلا وكأني بهم وقد استعجلوا لحظتهم تلك فسارعوا إلى الانتقام من ايوب قبل ان يصرخ في ضمائرهم وقد اقتحموا منزله في تعز.
اليمن باقية وستظل شامخة وستظل رايتها خفاقة في كل قمة ولن تعدم من ابنائها من يخلص لتاريخها ولحضارتها ولترابها فهي ارض اعتادت ان تلد العظماء من الاذواء ومن التبابعة فشاهت وجوه اعدائها وشاهت وجوه العملاء وبعدا لهم وسحقا.