بناء الإنسان …..الدولة
ن ………….والقلم
حاول الأب عبثا أن يواصل قراءة الجريدة التي يعتبر كثيرون في العالم المتحضر والمتقدم أن قراءتها صباحا (( فنجان القهوة الأول )) , ظل ابنه يضايقه ولم يتوقف , ولأنه تعب من مضايقته فقد اخرج رسما لخارطة العالم كانت بين الصفحات , مزقها ورمى إلى الأرض طالبا من الابن أن يعيد ترتيبها كما كانت والهدف أشغالة حتى يكمل القراءة !!! . لم تمر أكثر من خمس عشرة دقيقه حتى عاد الطفل إلى أبيه وقد أعاد ترتيبها ….فسأله الأب مستغربا سرعته : هل علمتك أمك الجغرافيا ؟ – إذ كيف أعدت ترتيبها وبهذه السرعة ولم تخطئ ؟؟ !! , – لم تعلمني أمي , لقد لاحظت أن هناك صورة لإنسان على الوجه الآخر من الخارطة , فأعدت بناء الإنسان فأعدت تبعا لذلك بناء العالم ……, عبارة عفويه , وحكاية صغيرة في حجمها , كبيرة في معناها (( عندما أعدت بناء الإنسان أعدت بناء العالم أيضا )) .إذا فالإنسان هو حجر الزاوية في البناء مهما كان ضخما , يكون الإنسان هو الفيصل . قلت هنا ذات لحظة أن من لم ولن يتحدث لغة القرن الواحد والعشرين فسيضمحل أو سينقرض , فقد انقرض حيوان الديناصور لأنه لم يكن ذكيا ويتأقلم مع البيئة ويطوعها لمصلحته كما فعل الإنسان فاكتشف النار وكل وسائل الصمود في ظل أسوأ الأوضاع الطبيعية القاهرة التي قهرها بذكائه بالمقابل انقرض الديناصور على ضخامته !!!, وتبعا لذلك فأي قوة مهما بلغ جبروتها أو قوتها أو حتى طغيانها وكبرها , ما لم تمتلك رؤية و تؤسس لدولة فلن يكتب لها البقاء , وإيجاد ألدولة لا يمكن أن يتم إلا ببناء الإنسان , وهنا بيت القصيد أو بيت العصيد , يفرٍق بين القصيد والعصيد من يمتلك الرؤية , والرؤية تؤدي إلى مشروع فبرنامج فخطه , ومن لا يمتلك الرؤية فهو يؤسس للعصيد فقط , وهنا تكون النهاية , ومن يؤسس لدولة يدرك أن عليه أن يأتي بالإنسان , كيف ؟ هنا يتبدى الفرق بين بناة الحضارة والتقدم ومن يلوكون الكلام فقط لتكتشف في النهاية أنهم يبنون فقط عمارات في أركان الشوارع ويؤجرون دكاكين !! , أما أصحاب المشاريع الكبيرة العظيمة فيبنون الإنسان أولا وبه تتأسس الدول الحديثة المدنية , وبالدول تصنع الحياة وتشاد الأوطان , وحيث الرزق يكون الوطن , والرزق لا يأتي عبثا , بل نتاج التخطيط العلمي الذي يواكب العصر بشرط ترك ما للدنيا فلها , وما للآخرة فخيار الإنسان السوي , فلا غير الإنسان من يحدد العلاقة بينه وبين ما هو شخصي لا علاقة للدولة به , هنا تتحدد الفواصل وتستبان الخطوط , ويترك للإنسان الذكي والسوي والمؤهل والكفؤ مهمة اختيار أين يضع قدمه الشخصي , أما القدم العام فالمسألة متعلقة بما يحدده المشروع للإنسان أين يكون !!! . يمكن للحروب أن توفر ظلا لمن لا مشروع له , ولكن إلى حين .