شباب يحترقون!
علي محمد قايد
للإنسان قدرات محدودة على التحمل ومازاد عن الحد أنقلب إلى الضد. فالإصابة بالجنون وبالحالات النفسية لها أسبابها، ومن تلك الأسباب التعرض للظلم والقهر وغير ذلك. كذلك الانتحار له أسبابه ومنها حالات الاكتئاب الناتجة عن الظروف المعيشية القاسية وعدم القدرة على تحمل الأوضاع المعيشية القاسية الناتجة عن الفقر وعدم القدرة على تحمل المسؤولية، فمثل هذه الأمراض النفسية صارت منتشرة بشكل مخيف بسبب الفقر والبطالة وعدم توفر فرص العمل والأزمات المتكررة.
فنلاحظ العديد من الشباب قد غلبهم اليأس والإحباط وهم يصارعون ويواجهون واقعا يفترسهم دون أن يشعر بهم أحد فمن طبيعة الأسرة القاسية ومايواجهونه من عنف لفظي وجسدي إلى طبيعة الشارع والمجتمع بما في ذلك المدرسة والكلية وغيره من الأماكن التي تزيد الطين بلة، المجتمع ونظراته القاصرة لمثل هؤلاء الشباب وبدلاً من التقرب منهم والتحاور معهم ومعرفة مشاكلهم وهمومهم نجد نظرات السخرية والكلام الجارح والقاسي مما يزيد من حدة تلك الحالات لدى بعض الشباب والمشكلة أن الكثيرين قد يشاهدون بعض التصرفات الغريبة من بعض الشباب ومع ذلك لايصارحونهم ولايبينون لهم أخطاءهم، فالشباب الذي دفعته الظروف إلى الانحراف قد يزيد انحرافه لأنه لم يجد من ينبهه إلى غلطه ويأخذ بيده ويعرفه الأسباب التي دفعته إلى ذلك الانحراف. فالطفل مثلا الذي تعود على الحرمان وتربى في جو أسري مشحون بالرعب ووجد الشارع ملاذا له ووجد غيره من الاطفال يحصلون على مايريدونه بينما هو محروم فمن الطبيعي أن يسرق ومن الخطأ أن نعتبره مجرما إنما يجب أن نعرف الأسباب التي دفعته إلى السرقة ونردعه ونساعده إن كان يستحق المساعدة فإن كان يتيما يجب إدخاله دار رعاية الايتام وإن كان ابوه مهملا له يجب إلزامه برعاية ابنه ،المجتمع يجب أن يكون مجتمعاً إيجابياً وليس سلبياً. هناك العديد من الآباء يرتكبون الحماقات في حق أبنائهم ومن تلك الحماقات الزواج المبكر الأب يقوم بتزويج ابنه وهو لايزال عالة وطالباً في المدرسة أو الكلية ولايزال بحاجة إلى مصروفه اليومي من أبيه وبعد الزواج تتغير الاوضاع ويجد الزوج نفسه متحملا مسؤولية غير قادر على تحملها فيضيق الأب ذرعا من ابنه وزوجته مع نشوب الخلافات فتلجأ الزوجة إلى ترك البيت والذهاب إلى بيت أبيها وهنا يجد الزوج نفسه أمام طلبات وشروط والد زوجته يريد بيتا مستقلا لابنته وهنا الكارثة، فمن أين له بكل ذلك ومن هنا يجد الزوج نفسه واقعا في جحيم الحياة الزوجية فتتولد لديه العقد النفسية ومع عدم تجاوب الأبوين معه قد يتعرض لصدمة نفسية خاصة إذا كان يحب زوجته ولديه منها أطفال فكيف سيكون لديه القدرة على إكمال دراسته وهو يمر بمثل هذه الظروف كان ذلك مثالا لبعض الحالات المأساوية التي يعيشها بعض الشباب.
وهناك العديد من الحالات المشابهة ومنها عدم الحصول على وظائف لخريجي الجامعات والمقيدين في مكاتب الخدمة المدنية سنوات تمضي وتمضي وهم يعانون من بطالة وفقر وحرمان خاصة في ظل الاوضاع القاسية التي تعيشها البلاد كذلك عدم توفر الفرص المناسبة للشباب المبدع وإهمالهم قد يسبب الإحباط والمعاناه نتيجة الشعور بالظلم والتجاهل فهناك شباب يستحقون فعلاً تقديرهم والأخذ بيدهم تقديراً لمايقدمونه ولما يتميزون به من إبداع ولكنهم قد يجدون المحاربة من بعض ضعفاء النفوس والذين يشعرون بالنقص منهم وهؤلاء ساعدتهم العشوائية على أن يكونوا في أماكن لايستحقونها، ومع ذلك وبدلاً من تقديم واجبهم تجاه أولئك الشباب تجدهم يبثون سموم أحقادهم ويقفون عائقا أمامهم، والمآسي كثيرة جدا والواقع يشهد على ذلك .