العدوان يشل حركة الصيد التقليدي في السواحل اليمنية
أحمد السعيدي
ارتكبت قوات تحالف العدوان الهمجي الحاقد بقيادة المملكة السعودية في حق الشعب اليمني أبشع الجرائم اللا إنسانية التي لا يقبلها دين أو عرف أو عقل , ويتعمد جاهداً إلى قتل كل مظاهر الحياة وإحراق أبسط مقوماتها حتى الصيادين البسطاء حرمهم العدوان من أرزاقهم ثم حرم أبناءَهم وأزواجهم من رؤية عائلهم على قيد الحياة في جريمة لا تقل بشاعة عن سابقاتها منذ بدء العدوان .
الصيادون وقواربهم لم تسلم من حقد تحالف الشر وكانوا هدفاً للغارات العدوانية التي مزقتهم أشلاء في صورة أبكت وأدمت الشجر والحجر في ظل صمت دولي وغياب دور المنظمات الحقوقية الدولية .
(( الثورة )) تسلط الضوء على جانب من جوانب الانتهاكات والجرائم التي ترتكبها قوات تحالف العدوان في حق أبناء الشعب اليمني ,,,
حالات إنسانيـــــة
لم يستطع الطفل “أيهم” صاحب الاثني عشر ربيعاً إكمال حديثه وهو يتحدث عن استشهاد والده وزملائه في غارات العدوان في جزيرة حنيش.
يحكي “أيهم” عن والده الذي تعود أن يدخل عليه البيت يحمل في يديه أسماكاً صغيرة يوزعها بينه وأشقائة الثلاثة ولم يكن يتوقع أن يدخل عليه محمولاً على الأكتاف بدون ذنب اقترفه سوى الخروج لطلب الرزق المشروع للحصول على لقمة عيش أسرته وما يحتاجه أولاده الصغار ليكملوا دراستهم ويعيشون حياة مستقرة.
وتحدث أيهم الذي أجهش بالبكاء عن حلمه عندما يكبر بأن يصبح طياراً ويذهب للانتقام ممن قتلوا والده ظلماً وعدواناً .
أما الأخت / أم سارة فقد فقدت زوجها في جريمة مجزرة جزيرة (( عقبان )) التي راح ضحيتها أكثر من 150 شهيداً من الصيادين. وتعيش أم سارة برفقة أربع بنات لا تجد من يعولهن بعد رحيل زوجها العائل الوحيد للأسرة التي لم تعد تعرف معنى العيش.
وتساءلت أم سارة عن الذنب الذي اقترفه زوجها حتى تسيل دماؤه وتتمزق أشلاؤه بكل تلك الوحشية بعد أن قضى ثلاثين عاماً صياداً لا يأكل إلا مما تصطاده يداه .
وفي محافظة تعز وتحديداً ميناء المخا , تحكي أسرة الشهيد مروان الوازعي قصة الابن الشهيد الذي جمع المال منذ طفولته لتحقيق حلمه في شراء قارب صيد والعمل عليه رافضاً أن يتزوج قبل الوصول إلى حلمه وبعد أن حقق غايته انتزع روحه وحلمه صاروخ موجه أطلقته بارجة حربية تابعة للعدوان واستهدفت تجمع أربعة قوارب صيد صغيرة، كان قارب مروان أحدها فاستشهد هو وزملاؤه وامتزجت دماؤهم بماء البحر في جريمة تضاف إلى جرائم العدوان الوحشية ضد هذا الشعب العظيم.
وهناك أيضاً في محافظة الحديدة الأشقاء الثلاثة الذين يعملون في جزيرة عقبان منذ نعومة أضافرهم لتضع غارات العدوان حداً لمسيرتهم الكفاحية وينتقلوا معاً شهداء إلى الرفيق الأعلى.
“معاذ, وجدي, وائل” أبناء الحاج نور الدين حميد , لم تتجاوز أعمارهم “16 و17 و18″ عاماً, فهم تعودوا أن يخرجوا يومياً في الصباح الباكر سوياً للعمل على قاربهم الذي اشتراه والدهم ليكون مصدر دخلهم الوحيد وسبب رزقهم المتواضع , لكن العدوان الظالم حرم ذلك الأب المسن ليس من القارب فحسب بل ومن أبنائه الثلاثة الذي كان يستند عليهم بعدما كبر سنه واشتد به التعب .
دور السلطة والنقابة
وتحدثت ” الثورة ” مع السلطة المحلية في محافظة الحديدة عن دورهم تجاه أسر الشهداء والجرحى وأيضاً دور المنظمات والجمعيات وفرع نقابة الصيادين .. يقول إعلامي السلطة المحلية / محمد فوزي:
“قمنا بدورنا المحدود وغير الكافي في السلطة المحلية تجاه أسر الشهداء من الصيادين الأبرياء الذين قتلهم تحالف العدوان الهمجي بكل وحشية حيث استطعنا بالتعاون مع فرع نقابة الصيادين حصر تلك الأسر والتي بلغت 161 أسرة وهناك بعض الأسر قدمت أكثر من شهيد وعائلة واحدة قدمت سبعة شهداء دفعة واحدة وبعد مرحلة الحصر نظمنا فعاليات وأنشطة بمشاركة منظمات مدنية وجمعيات خيرية لكي نشعر تلك الأسر المنكوبة بأن الحياة لا زالت في أمل وهناك من يشعر بهم ويلتفت لمعاناتهم وأيضاً لإيصال رسالتهم إلى المجتمع الدولي والمنظمات العالمية بأن هؤلاء الأبرياء هم ضحايا العدوان الغاشم الذي ينتهج هذه الوحشية في حرب الإبادة العدوانية على اليمن وكان هناك تفاعل ملحوظ من بعض الجمعيات وفاعلي خير من خارج المحافظة أيضاً، لكن تبقى قضية معاناتهم أكبر من هذه الخطوات فهم بحاجة إلى من يقف بجانبهم أكثر من ذلك”.
توقف القطاع السمكي
رئيس هيئة المصائد السمكية في محافظة الحديدة، المهندس خالد الشمسي أكد توقف نشاط الصيادين ومراكز الإنزال في البحر الأحمر من الخوخة إلى باب المندب ومن شمال اللحية إلى ميدي. ولفت الشمسي إلى أن مراكز الإنزال السمكي الممتدة من جنوب «اللحية» إلى شمال منطقة الخوخة لا تزال تعمل.
ويقتل العدوان الصيادين مرتين. الأولى في حال استهدافهم وترك جثثهم لتنهشها أسماك القرش، والثانية في إخفاء الجريمة عن الرأي العام العربي والدولي.
في نهاية شهر أغسطس الماضي، أقدمت طائرات العدوان مسنودة بطائرات «الأباتشي» على ارتكاب جريمة إبادة جماعية بحق الصيادين في جزيرتي عقبان وكدمان في البحر الأحمر قتلت فيها أكثر من 100 صياد وأصابت العشرات بجروح تفاوتت نسبها. ولمعرفة «التحالف» فداحة الجريمة، أقدم على حصار الجزيرتين بالبوارج والسفن الحربية ومنع وصول أي طواقم إسعاف إلى الجزر المستهدفة حتى لا تنكشف الجريمة، وأجبرت الأهالي على دفن الضحايا في الجزيرتين بعدما كادت جثثهم تتحلل، لتخفي الجريمة عن المنظمات الدولية العاملة في مجال حقوق الإنسان. وعقب ارتكاب الجريمة تواصلت العمليات ضد الصيادين بشكل مكثف في البحر والبر ولا تزال حتى الآن. كذلك، ارتكب طيران «التحالف» مجزرة بحق الصيادين في منطقة «واحجة» في مديرية ذباب (المخا – تعز)، سقط فيها 135 شهيداً في شهر أيلول الماضي بقيت طي التعتيم الإعلامي.
الاستهداف المتعمد للقطاع الإنتاجي لم ينحصر بالصيادين وبقواربهم ومراكز الإنزال، بل طال أيضاً استثمارات القطاع الخاص في مجال الاستزراع السمكي كما حدث لمزرعة با مسلم للاستثمار السمكي «مزرعة جمبري» الواقعة في منطقة اللحية في محافظة الحديدة الساحلية. هذه المزرعة استهدفتها طائرات «التحالف» مطلع شهر تشرين الأول الماضي بسلسلة غارات أدت إلى تدمير منشآتها كافة.
وخلف الاستهداف لقطاع الثروة السمكية، كأغلب القطاعات الاقتصادية في اليمن، خسائر اقتصادية كبيرة جداً صعب حتى الآن على الجهات المختصة تقديرها.
وكشف الشمسي أن لجنة لحصر الأضرار تعمل للخروج بالأرقام النهائية للخسائر التي طاولت القطاع الحيوي. ولفت رئيس هيئة المصائد السمكية في محافظة الحديدة إلى أن ثمة تراكمات متعددة ساهمت في توقف نشاط الصيادين التقليديين، أولها المخاوف من استهداف طائرات «التحالف» للصيادين في البحر ومروراً بأزمة المشتقات النفطية الناتجة عن الحصار، التي أعاقت حركة الصيد التقليدي، وأخيراً استهداف قوارب الصيادين.
إلى ذلك وتستمر سفن «التحالف» في مضايقة بعض السفن في البحر الأحمر، ولا سيما استهداف منطقة الثروة السمكية البحرية. وأكد مصدر في هيئة المصائد السمكية في الحُديدة تلقيهم بلاغات بوجود سفن جرف آلي للصيد تعمل في سواحل البحر الأحمر من دون أي اعتراض من قبل بوارج وقوات «التحالف»، مشيراً إلى أن ما يحدث سرقة واضحة لثروة الشعب اليمني.
إدانـــات واسعـــــــة
في الوقت ذاته أدانت وزارة الثروة السمكية الاستهداف الممنهج للصيادين من قبل تحالف العدوان السعودي الغاشم بعدة جرائم متوالية ابتداءً من استهداف منازل الصيادين في الخوخة ومجزرة جزيرة عقبان واختطاف الصيادين .
وأوضحت الوزارة في بيان لها أن هذه الجرائم التي ارتكبها العدوان السعودي بحق الصيادين والتي كان آخرها مجزرة جزيرة زقر تعتبر جرائم ضد الإنسانية.
وأهابت الوزارة بكافة المنظمات الدولية وعلى رأسها الأمم المتحدة القيام بدورها في إيقاف هذه الجرائم الممنهجة ضد الصيادين اليمنيين وتوثيقها.
كجرائم حرب كونها تستهدف شريحة هامة من شرائح المجتمع المدني .
من جانبها أدانت الهيئة العامة للمصائد السمكية في البحر الأحمر في بيان الجرائم المتكررة للعدوان بحق الصيادين والمدنيين في الجزر اليمنية، داعية المنظمات الحقوقية الدولية لتحمل المسؤولية الأخلاقية تجاه ما يتعرض من انتهاك وجرائم من قبل تحالف العدوان السعودي.
كما أدان الاتحاد التعاوني السمكي والجمعيات السمكية في محافظة الحديدة الجرائم التي يتعرض لها الصيادون في جزيرتي حنيش وزقر مطالباً المنظمات الدولية العمل على إيقاف هذه الجرائم وتقديم مرتكبيها إلى المحاكم الدولية لنيل جزائهم الرادع
شهداء ومفقودون
وثق المركز القانوني للحقوق والتنمية ما يقارب من سبعة عشر جريمة في حق الصيادين وقد تنوعت ما بين استهداف قوارب صيد ومناطق وقرى الصيادين بالإضافة إلى الأسواق ومراكز الإنزال السمكي، وقد راح ضحية هذه الجرائم التي ارتكبتها قوات تحالف العدوان بقيادة النظام السعودي أكثر من 200 شهيد و150 جريح وأكثر من 50 مفقوداً و300 قارب صيد.
وأكد الأمين العام للمركز القانوني للحقوق والتنمية الدكتور/ هاشم شرف الدين بأن الاستهداف الممنهج والمتكرر للصيادين ومناطقهم من قبل السعودية وتحالفها يعد انتهاكاً خطيراً وكارثياً يهدد حياة آلاف الأسر التي تعتمد بشكل أساسي على الصيد كمصدر دخل وحيد في المناطق والمدن الساحلية لليمن والتي تعاني من الحصار الخانق المفروض من قبل السعودية وتحالفها منذ ما يقارب 8 أشهر وأن هذه الانتهاكات الجسيمة تعد أيضاً جرائم إبادة جماعية في حق أبناء اليمن .
لماذا الصيادون ؟؟؟
ولا ندري حقيقة لماذا تكرر استهداف الصيادين في صورة توحي أن هناك تعمداً وأنه ليس عن طريق الخطأ ؟! هذا التساؤل لم نجد له إجابة تبيح دماء هذه الشريحة (( الصيادين )) التي لا تشكل أي خطر على العدوان وأدواته في سواحل وموانئ محافظات الجمهورية، ويبدو أنه لا إجابة تذكر ولا تبرير يقال سوى أن الحقد الذي أعمى بصائرهم جعلهم يستهدفون البنية التحتية وكل مقدرات هذا الوطن التي تمنح المواطن حقوقه في عيش حياة طبيعية ومستقرة في ظل عدوان غاشم يفرض حصاره الشامل على أبناء هذا الشعب حتى في أرزاقهم ليستسلم ويركع ويرحب بالمحتل البغيض. وهذا ما راهن عليه العدوان في حربه على اليمن وظن أنه لن يصمد طويلاً فأخطأ العدوان مرتين وأصبح يحاول الخروج بماء الوجه من أرض العروبة مقبرة المحتلين .