المحويت .. تعاضد مجتمعي قهر المشكلات وتجاوز التحديات

المحويت/ إبراهيم الوادعي

انطلاقة العام الدراسي 2015 / 2016م في محافظة المحويت وفي ظل استمرار العدوان السعودي الأمريكي على اليمن بدا مختلفا عن الأعوام الدراسية التي سبقته, وبرغم أن المشاكل التي تتكرر كل عام لازالت موجودة بل وتعاظمت بوجود مدارس يقطنها نازحون, وغياب شبه ملحوظ للكتاب المدرسي, وبرغم ذلك فالعملية التعليمية تسير بوتيرة عالية وحققت نجاحا منذ اليوم الأول, وأمكن التغلب على المشاكل المتكررة في كل عام كضيق الحيز الدراسي وقلة المقاعد والكثافة الطلابية  وخاصة في المدن .
تقول سمية حزام مديرة مدرسة عائشة  بمدينة المحويت: هذا العام هناك عزيمة ومصداقية نلمسها من قبل جميع الأطراف المتصلة بالعملية التعليمية, بسبب الإرباك خلال العام السابق 2014 / 2015م وضغط المنهج الدراسي, هناك عزم قائم على المضي بنجاح  في العام الدراسي الحالي وأن يحصل طلابنا على حقهم في التعليم رغم أنف العدوان الغاشم على بلدنا.

لأول مرة
وتضيف حزام: لأول مرة نجد هذا التفاعل الكبير والاهتمام الجدي ببداية العام الدراسي وخاصة من الآباء وأولياء أمور الطلاب الذين بدوا أكثر تفهما للظروف والصعوبات التي يعانيها القطاع التعليمي كقلة المقاعد الدراسية، ومشاكل أخرى تتكرر كل عام، وهذا العام وفي ظل العدوان برزت إلى العلن مشكلة انعدام الكتاب المدرسي بشكل لافت، ونحن في الطريق إلى تجاوزها بفضل تعاون وتفهم الأهالي وأولياء أمور الطلبة والأطراف الأخرى كمكتب التربية في المحافظة، ووزارة التربية والتعليم.
المجتمع المحلي كشف عن نفسه كرقم فاعل وأحد مظاهر التميز للعام الدراسي 2015 / 2016م في محافظة المحويت، فهو من يدفع بأبنائه إلى المدارس متحديا العدوان الذي لم يوفر مدرسة أو منشأة تعليمية إلا واستهدفها دون مراعاة لمبادئ الإسلام أو الأعراف الإنسانية والدولية، ودوره لا يقل أهمية في التخفيف من الصعوبات التي يعانيها القطاع التربوي.
عنصر ظل غائبا أو مهمشا في الأعوام السابقة إلا من مظاهر شكلية كمجلس الآباء، لكن ومع استمرار العدوان السعودي فإن المجتمع الذي برز كعنصر فاعل ورقم صعب في جبهات القتال والمواجهة مع العدوان السعودي الأمريكي ومرتزقته منخرطا في تشكيلات اللجان الشعبية المساندة للجيش، يقف الآن مساندا وداعما للعملية التعليمية بشكل قوي، هذا الطرف القوي في المعادلة القائمة اليوم وفر الأرضية لنجاح الحملة الطوعية التي أطلقتها المدارس لتوفير الكتاب المدرسي في المحافظة وعلى مستوى الجمهورية، وأمكن من خلاله قهر العدوان وتبخر أحلامه في إيقاف عجلة التعليم ومنع انخراط الطلاب في مدارسهم خلال العام الحالي.
حملة طوعية
مدرسة عائشة أطلقت في أول طابور صباح تعقده المدرسة حملة مجتمعية طوعية لجمع الكتاب المدرسي وإعادة توزيعه على الطلاب، حصدت نتائج غير متوقعة خلال الشهر الأول من العام الدراسي، أذهلت القائمين على الحملة في المدرسة، فجمع المئات من الكتب المدرسية وفرها الطلاب والمدرسون في اليوم الأول للحملة.
ومثل هذا النجاح تحقق في مدارس المحافظات المختلفة التي تمكنت من رفد مخازنها بالكتب المدرسية وإعادة توزيعها على الطلاب.
تقول أمة السلام اللساني –مدرسة-: لمسنا إقبالا لم نعهده في أي حملة مماثلة أطلقناها من قبل في أعوام سابقة شح الكتاب المدرسي فيها، كنا نجد التبرم والشكوى حتى نستبدل الكتاب الجديد بالقديم، هذا العام لم نسمع شكوى واحدة، بل الكل متفهم ويرى في ذلك تحدياً للعدوان.
وأضافت اللساني: وعلى العكس أتى أولياء أمور ليسلموا المدرسة كتبا من المنهج بأنفسهم، وليساعدونا في حل إشكالات حول تسليم كتاب واحد  لطالبين، كما نفعل في بعض الحالات، وهم يقولون نحن في ظل عدوان وإذا لم نتكاتف ونتعاون فيما بيننا فماذا ننتظر من الآخرين.
عجز في الورق
مؤسسة مطابع الكتاب المدرسي في العاصمة صنعاء أعلنت عجزها عن الإيفاء بمتطلبات الكتاب المدرسي لهذا العام بسبب منع العدوان السعودي الأمريكي إدخال الأوراق اللازمة لطباعة المنهج التعليمي اليمني وتواصل العدوان على اليمن.
وفي هذا السياق يعلق علي الشبامي أحد أولياء أمور الطلاب قائلا: العدوان السعودي والحصار المفروض على اليمن لم يسبق له مثيل من ناحية الخسة والدناءة، يحاصرون الطلاب كي لا يدرسوا، يمنعون إدخال ورق كتب مدرسية، ما الذي يخافونه من التعليم؟
ويضيف الشبامي: المواجهة تستهدف اليوم وجودنا، مدارسنا وجامعاتنا ومعاهدنا المهنية، وقع شهداء من التلاميذ وهم في مدارسهم، ومن هذا المنطلق دفعنا بأبنائنا إلى المدارس نرى فيه جهدا وتحديا، ونحن اليمنيون على قدر التحدي، وهذا ما أثبتته الأشهر الماضية التي لم يحقق العدوان فيها إلا الفشل.
ويتساءل آخر مانع عبدالرحمن: منع الأوراق اللازمة لطبع الكتاب المدرسي من الدخول إلى اليمن، ما الذي سيفيد العدوان عسكريا؟، حقيقة لا شيء، إلا أن ذلك يفضح حقيقة أن من يقف خلف العدوان يريد أن نبقى بدون تعليم يريد اليمنيين أن يظلوا عبيدا على اعتابهم.. نجاح هذا العام الدراسي واستمرار أبنائنا في الدراسة هو تحد لنا وسننتصر في هذا التحدي.
سد العجز
مسؤولو مكتب التربية والتعليم بالمحافظة يلفتون إلى أن الحملة التي تم تبنيها على مستوى الجمهورية نجحت إلى حد كبير بسد العجز في الكتاب المدرسي، ويعود الفضل في نجاحها بعد الله سبحانه وتعالى وإلى تعاون الناس، الذين وجدوا في توفير الكتاب المدرسي لمن يحتاجه تحديا للعدوان، وإثباتا لمن يحاصرون اليمنيين بأن هذا الشعب بتكاتفه وتعاضده قادر على تجاوز محنه، ولن يركع للمعتدي أو يسمع صراخه العالم.
وزارة التربية والتعليم من جانبها وإسهاما منها في حل مشكلة عدم توفر الكتاب المردسي قامت بإطلاق نسخ إلكترونية للمنهج الدراسي لجميع الصفوف الدراسية، ويمكن للجميع تنزيلها على هواتفهم أو كمبيوتراتهم الشخصية وطباعتها عبر موقع الوزارة الرسمي، أو عبر سوق بلاي للهواتف المحمولة اندرويد.
محافظة النازحين
عنصر آخر طارئ مع انطلاق العام الدراسي 2015 / 2016م، محافظة المحويت باتت تعرف في ظل العدوان بمحافظة النازحين، أكثر من 100 ألف نازح نزحوا إليها بفعل استهداف العدوان السعودي الأمريكي الكثيف لمناطقهم يقطنون مدارس في المحافظة، وهنا لجأ التربويون إلى إضافة فترات مسائية بمدارس مجاورة لاستيعاب طلاب تلك المدارس كما هو الحال بالنسبة لطلاب مدرسة النبلاء الابتدائية بمدينة المحويت عاصمة المحافظة، حيث جرى استضافتهم لفترة مسائية في مدرسة الخنساء المجاورة، وتعمل إدارتين مستقلتين بذات المبنى ووفق توقيتين مختلفين.
هذه المعضلة، تم تجاوزها بشكل كبير وكان التعاون البناء من قبل جميع الأطراف بما في ذلك أولياء أمور الطلاب هو السائد، واستشعر الجميع أهمية التكاتف والتعاون لتحقيق التآلف المجتمعي المطلوب حماية للجبهة الداخلية وتماسكها وما لذلك من أثر في رفع معنويات الجيش واللجان الشعبية الذين يتصدرون المواجهة مع العدوان ومرتزقته.
العدوان السعودي الأمريكي على اليمن نفع اليمنيين من حيث لا يدري، وكشف لهم من حيث لا يحتسبون عن مكامن قوتهم، تعاضدهم وتكاتف المجمع اليمني أحال المشاكل المتكررة مع بداية كل عام دراسي إلى هوامش لا يلتفت إليها، بل وولد تحديا لدى كل الأطراف المتصلة بالعملية التعليمية لإنجاح العام الدراسي 2015 / 2016م، واعتباره جبهة يجب قهر العدوان فيها.

قد يعجبك ايضا