في أحضان الرجعية!!
أحمد عبدالله الشاوش
كشفت الأزمات العربية منذ فوضى الربيع العربي المؤدلج الكثير من المفارقات العجيبة والفضائح المتتالية للمتشدقين بالمبادئ الثورية والقيم الإسلامية والمزايدين باستلهام وترديد العناوين والشعارات الرنانة ومالازمها من اقتباس بعض درر العظماء الذين مثلوا قمة الصدق مع شعوبهم والشعور الوطني النبيل واكتسابهم حب الجماهير الذي جسد الوحدة الوطنية وقاد مشاعل تحرير الوطن العربي والعالم الإسلامي رغم كل الإغراءات وأساليب الترهيب والترغيب.
وما زاد من بشاعة ووقاحة مؤدلجي الربيع الصهيوني، ذلك الانحدار الأخلاقي الخطير المتمثل في ارتماء ممن استبدل مشاعل النور بظلام التآمر مع الأجنبي وتدمير الأوطان بداية
من تونس ومروراً بليبيا والتعريج على مصر الكنانة وانتهاء باليمن ، الذين جاهروا العداء للرجعية حيناً من الدهر وسقطوا في أحضانها ورحبوا بالغازي والفاجر في سبيل كراس هزازة وحفنة من المال الحرام دون خجل ، مما شكل صعقاً للأمة العربية وصدمة للعالم الإسلامي الذي راهن على انتصار التيارات العقائدية بشقيها التقدمي والإسلامي رغم العداء بينهما.
لم نُصدم لمؤامرة السعودية وأمريكا أو صهاينة العصر، بل كنا أكثر صدمة ومرارة في مَن كانت شعوب العالم العربي والإسلامي تراهن على أنهم ” القدوة” وحاملي مشروع الدولة المدنية “الحديثة ” أو المشروع ” الإسلامي ” الذي اتضح بما لايدع مجالاً للشك سراب الأول وزيف الآخر رغم نقاء الفكر التقدمي وصفاء الإسلام الذي تم تشويهه وتسويقه بصورة بشعة.
وكلما تذكرنا الكلمة التاريخية للزعيم جمال عبدالناصر بعد أن قدمت مصر ثلاثين ألف جندي لتحرير اليمن من العبودية حين قال إن جزمة أصغر جندي مصري اشرف من تاج الملك سعود ، تمر الأيام لنكتشف السقوط الأخلاقي المريع في أن جزمة الجندي اليمني ولجانه الشعبية التي تصدت للعدوان السعودي الأمريكي الوحشي أشرف من أكبر قيادي مرتزق في الأحزاب
التقدمية والدينية عمل تحت جزمة وخدمة آل سعود وتحالفهم الجائر ، وبالمفهوم العام إن ما استفز عقلية المواطن اليمني وحاول قتل طموحه هو ذلك السقوط المريع لبعض قادة الاشتراكي والناصري والإسلام السياسي وبعض القيادات المدسوسة في المؤتمر الشعبي العام وغيرهم من الطاعنين في السن الذين اعتقدنا حيناً من الدهر قدسيتهم في حين مارسوا أبشع صور الديكتاتورية والاستغلال في أحزابهم والإغواء والقمع لقواعدهم الشبابية والمتاجرة بالأوطان والمبادئ والمثل والمذاهب والنظريات ’ولم يكتف المتاجرون بالخطابات الرنانة والحوارات والتصريحات النارية لسحر ” السذج “وتأليب الشعب وإثارة النعرات ، بل ناصروا الغزاة بعد أن هزمتهم حركات التحرر وطردتهم زمن الزعيم جمال عبد الناصررحمة الله عليه، إلا أن من ركبوا الموجة واستحسنوا المال السحت والمناصب الملوثة والسفارات المشبوهة بعد أن تعروا ، حاولوا فتح الأبواب للغزاة و شرعنوا للعدوان بكل أشكاله وأنواعه وجيشوا المرتزقة لتدمير اليمن أرضاً وإنساناً ورغم تلك المآسي والأحزان والدمار والدماء والإبادة المنظمة للشعب اليمني ، سقطت الأقنعة الزائفة وفرت ما بين الرياض ولندن والقاهرة وقطر وتركيا وواشنطن تحمل ويلات الخزي والعار والانبطاح بعد أن دلست حيناً من الدهر أكسبها نوعاً من الاحترام في منبع العروبة اليمن السعيد، وسقط العدوان ورغم ذلك التآمر ومرور أكثر من 9 أشهر من التوحش ، أفشل اليمانيون مخططات الشر بصمودهم العظيم المكلل بالنصر الإلهي انتصافاً للأبرياء وسطر اليمانيون صفحات ناصعة في سماء البطولة ومازالوا رغم التآمر الدولي وآلة الحرب الجهنمية التي أحرقت الشجر والبشر.
وأخيراً .. إذا غضب الله على البعوضة أريشت وسقط قوامها بصورة مريعة .. وما النصر إلا من عند الله.