مراحل العلاقات العربية الأوروبية الغربية
قدرية الجفري
تؤكد معلومات العلاقات التاريخية بين المنطقة العربية وأوروبا أنها تعود إلى زمن بعيد، فالمرحلة الأولى تمتد منذ نشؤ الحضارة في بداية الألف الثالث قبل الميلاد وخاصة منذ نهاية الألف الثاني وحتى الغزو اليوناني عام 331 قبل الميلاد.
أما المرحلة الثانية فهي مرحلة العصور الهلنستية والرومانية الممتدة حتى الفتح العربي الإسلامي في الربع الثاني من القرن السابع الميلادي.
أما المرحلة الثالثة فهي المرحلة الممتدة حتى القرن السادس عشر.
وأما المرحلة الرابعة فهي المرحلة الممتدة من القرن السادس عشر وحتى الحرب العالمية الثانية.
أما المرحلة الخامسة وهي المهمة بالنسبة لنا كعرب الشرق الأوسط مرحلة زوال الاحتلال الاستعماري عن معظم الأقطار العربية وحصولها على استقلالها السياسي ومحاولتها الاتجاه نحو التنمية والتقدم.
فالعامل الجغرافي المتوسطي في منطقتنا العربية.
(شرق البحر الأبيض المتوسط وجنوبه) ربطها ببلدان أوروبا الغربية بوشائج عديدة منها التجارية والثقافية والإرث الحضاري والسياسي سواء بالقوة أم بالود والصداقة مثلما دمج الوطن العربي بدول شتى دمجاً إجبارياً بقوة العدوان المسلح في الأمبراطورية الاستعمارية التوسعية لكل من فرنسا وبريطانيا التي كانت تسود معظم العالم في القرن التاسع عشر.
هناك أسباب عديدة تجعل من منطقة الشرق الأوسط منطقة مهمة للغرب حد الاستهداف وهي الموقع الجغرافي للمنطقة والارتباط الوثيق بين الأمن فيها وبين أمن أوروبا والثروات الضخمة في الوطن العربي وخصوصاً الطاقة “النفط” فالدول الغربية تستورد أكثر من 70% من احتياجاتها من النفط من الوطن العربي.
كما أن الفائض النقدي الكبير لدى الدول العربية النفطية وتأثيره في الاقتصاد الأوروبي وكذلك السوق الكبيرة التي تشكلها البلدان العربية والتي بدورها تلعب دوراً مهماً في الاقتصاد الأوروبي والعلاقات الثقافية بين عدد كبير من البلدان العربية والبلدان الأوروبية.
كذلك حلم العودة للسيطرة الاقتصادية على البلدان العربية وثرواتها بعد سقوط الاستعمار الأوروبي.
إلى أن جاء حرب 6 أكتوبر 1973م التي أثارت مشكلة الشرق الأوسط ولكن بطريقة جديدة تختلف عن حرب الأيام الستة لعام 1967م ولم تكن حرب تحريك كما ارادوها بل كانت حرب تحرير.
لذلك لم يكن حرب أكتوبر 73م حدثاً عابراً بل إنها حفرت أخاديد مازالت آثارها واضحة وليس هذا على المستوى العربي بل على المستوى العالمي ففي أوروبا هزت الكيانات الأوروبية لأسباب أدركتها أوروبا أكثر من غيرها وأهمها:
أن الولايات المتحدة الأمريكية قامت باستنفار قواعدها في أوروبا دون معرفة تلك الحكومات وهذا يعني إمكان نشوب حرب عالمية تدمر هذه البلدان من دون أن يكون لها أي دور.
فاستخدمت حكومة أمريكا قواعدها في بعض البلدان الأوروبية لنقل السلاح إلى إسرائيل من دون موافقة هذه الحكومات بل من دون معرفتها.
كما أصبح الاقتصاد الأوروبي بعد خفض إنتاج النفط مهدداً بالتوقف كما أن رفع أسعار النفط وما أحدثه من عجز ضخم في موازين المدفوعات ووضع الحياة الاقتصادية والسياسية في أوروبا أمام اختبار خطير، هكذا كان لحرب أكتوبر نتائج غير عسكرية على أوروبا الغربية بل إنها أحدثت هزة في العالم ونبهت الشعوب إلى أن مسألة الأمن لم تعد إقليمية والدليل على ذلك أن حرب مصر مع إسرائيل في العاشر من رمضان 73م هددت أمن أوروبا وأوروبا بدورها أيقنت أكثر من غيرها أنها مهددة ربما تكون أوروبا أكثر من غيرها لذعت بنار الحرب في الحرب العالمية الثانية ومازالت تعيش آثارها إلى الآن.
وقد كان لحرب أكتوبر 73م الدور الكبير في انفتاح العالم علينا وتفهمه على أننا أصحاب حق وأن لنا قضية عادلة تحتاج إلى دفاع عنها والمطالبة بإحقاق الحقوق وإعادتها إلى أصحابها.
لقد فجرت حرب أكتوبر الكثير من البراكين السياسية وكان في مقدمتها البركان الأوروبي حيث كان الرد مباشرة في اليوم الأول من الحرب بحيث أصدرت السوق الأوروبية المشتركة بياناً أوضحت فيه موقفها من الصراع القائم.