أمريكا وخطرها على السلم والأمن الدولي
عبدالسلام حسين الضلعي
لا شك بأن القرن العشرين وبداية القرن الواحد والعشرين فترة شهدت بامتياز تفرد الولايات المتحدة الأمريكية بالنظام العالمي وخاصة بعد انتهاء الحرب الباردة بين ما كان يسمى بالاتحاد السوفيتي وأمريكا والغرب من جهة أخرى والمتتبع للسياسة الأمريكية باعتبارها الممثل الخاص للمصالح الأمريكية بشكل خاص والغربية بشكل عام سيجد أنها سعت جاهدة للتفرد بالتفوق وجنى ثمار الحربين العالمية الأولى والثانية وكذلك الحرب البادرة بل وجميع الحروب والصراعات في القرن العشرين وبداية القرن الواحد والعشرين كما كانت تقوم عادة بخوض غمار النزاعات والصراعات مباشرة وبالوساطة عبر طريق تشجيع الانقلابات داخل الدول على بعض الأنظمة في الشرق الأوسط وفي أمريكا اللاتينية ودول افريقيا وآسيا التي تنتقد أو تخالف السياسة الأمريكية بل وأحياناً كانت تعمل على تحريض أطراف أخرى على الاقتتال فيما بينها هذا فقط فيما يخص الحروب العالمية والنزاعات والصراعات التي دأبت على استقلالها من أجل توسع امبراطورتيها السيئة أما ما يخص الديمقراطية والحريات وحقوق الإنسان التي تتغنى بها السياسة الأمريكية وخطاباتها وشعاراتها فهي شعارات زائفة بعكس ما تقوم به تماماً من انتهاك لحريات وحقوق الإنسان بل أصبحت هي من تهدد الأمن والسلم في أصقاع شتى من العالم وما حصل ويحصل الآن من قتل وتدمير وانتهاك حريات الشعوب بدءاً بالفلبين وافغانستان والعراق والآن في سوريا وليبيا واليمن وهو ما راح ضحية له مئات الآلاف إن لم نقل ملايين البشر وذلك من أجل المصالح والهيمنة والتوسع ليس هناك أي مانع للحفاظ على المصالح الأمريكية حتى وإن أبادت ملايين البشر فالجانب الأخلاقي والقيمي ليس له حساب في السياسة الأمريكية إضافة إلى تخليها عن حلفائها من الدول والقادة وذلك بمجرد انتهاء مصالحها وعلى سبيل المثال محمد رضاء بهلوي شاه إيران الذي تخلت عنه عقب قيام الثورة الإيرانية عام 1979م ورفضت اعطاءه تأشيرة دخول إلى أمريكا بل كانت على وشك تسليمه للثورة الإيرانية مقابل تسليم الرهائن الأمريكان الذين احتجزهم الثوار الإيرانيين وكذلك القبض على صدام حسين وتسليمه للمعارضة لذبحه وشنقة بينما كان حليفها أثناء الحرب الإيرانية العراقية من 1979م وحتى 1990م وكذلك تخليها عن الرئيس حسني مبارك في مصر أثناء الربيع العربي بل واتهمته بأنه يقتل شعبه بينما هي تعرف من قام بقتل الشباب في ميدان التحرير أثناء التظاهرات وهم حليف أمريكا الإخوان المسلمين حيث شجعت وأيدت اعمال القتل والخراب والفوضى التي قاموا بها في بلدان ما يسمى بالربيع العربي الذي سرعان ما أصبح شتاء عربياً قارساً دمر تلك البلدان والشعوب وفي اليمن تسعى من خلال تحالفها مع السعودية في حربها على اليمن للبحث عن الرئيس علي عبدالله صالح للتخلص منه بينما كان شريكها الوحيد والأول في المنطقة لمحاربة الإرهاب.
وألا خطر من ذلك فإن السياسة الأمريكية سعت وعملت على مسخ وتعطيل منظمة الأمم المتحدة من أداء دورها القانوني والأخلاقي والإنساني وهذا يتمثل في قرارات مجلس الأمن في الأمم المتحدة والتي ما شاءت فإنها تعطل أي قرار لا ترغب فيه وتنفذ القرارات التي يحلولها وبقوة السلاح وهناك أمثلة كثيرة لهذه القرارات التي تم تعطيلها أولها ما يخص النزاع الفلسطيني الإسرائيلي وأخرها حربها في العراق دون الرجوع أو منح أي اعتبار لا لمجلس الأمن ولا حتى لمنظمة الأمم المتحدة وقراراتها.
كما اصبح البنك الدولي أداة للسياسة الأمريكية فتعطي المساعدات والهبات والقروض لمن تشاء من الدول التابعة لسياستها وفقا لمصالحها هي وتمنعها عمّن تريد وذلك وفقاً لما تمليه هي من شروط أيضا تقوم الولايات المتحدة الأمريكية بتشجيع وتأييد دعم أنظمة مستبدة فاسدة كهنوتية أسرية ديكتاتورية في بعض دول العالم مثل المملكة العربية السعودية والإمارات وقطر والبحرين وإسرائيل وأخيراً دخلت الولايات المتحدة «الأمبراطورية» في حلف مع هذه الدول لتخوض حرباً ظالمة وجائرة ضد افقر دولة في العالم ومحاصرتها براً وبحراً وجواً وهي الجمهورية اليمنية بذرائع وحجج واهية وغير أخلاقية ولم تكن لازمة ولا ضرورية.
إن ما يجري من فوضى وتوتر وتداعيات خطيرة ومؤلمة في المنطقة الغرض منها تفكيك وتدمير منطقة الشرق الأوسط وليس فحسب تدمير اليمن وسوريا والعراق كما هو حاصل الآن فسوف تجر بقية الدول العربية بما فيها دول الخليج.
لذا علينا جميعاً وسريعاً إدراك واستيعاب مخطط وحقائق ما جرى ويجري في منطقتنا العربية ووقف الاقتتال والصراعات والحروب وإلا فإن الحرب وعمى البصيرة لدى العرب ستكون هي الكفيلة بتدمير وانهاء الجميع وهذا ما ستحرص الولايات المتحدة الأمريكية ودول الغرب وأذنابهم ومن حالفهم عليه لاستمرار جذوة الصراع والاقتتال والتدمير.