رغم العدوان دعم المشاريع الثقافية مستمر
أوضح المدير التنفيذي لصندوق التراث والتنمية الثقافية معاذ الشهابي أن الصندوق استطاع مواجهة العديد من الالتزامات والمهام الرئيسية ودعم المشاريع الثقافية والتاريخية والأثرية خلال العام الحالي رغم انخفاض الإيرادات بنسبة 95%، وذلك بسبب اقفال الكثير من المؤسسات الصناعية والتجارية التي يعتمد عليها الصندوق في إيراداته، وكذلك عدم القدرة على تحصيل الإيرادات من بعض الجهات خاصة في المناطق الجنوبية والشرقية.
وأكد في لقاء أجريناه معه أن الصندوق قد اتخذ قراراً بإعادة صياغة الدعم المباشر للمبدعين، واقتصاره لمن لا يمتلكون مستحقات من جهات أخرى، والقيام بدعم إبداعاتهم عن طريق الفعاليات الإبداعية من أنشطة ثقافية وطباعة كتب وتنظيم أنشطة مسرحية وغيرها.
وأشار إلى أن لدى الصندوق خطة فعلية بما يتلاءم مع الإمكانيات المتاحة في ظل الظروف الصعبة التي تمر بها البلد بالشراكة مع بعض الجهات مثل منظمات المجتمع المدني وكذلك مع مبدعين من فنانين وأدباء وتشكيليين، مثمناً تفهم المبدعين بكافة فئاتهم إلى الظروف التي يمر بها الصندوق ومراعاتهم لما يعانيه الصندوق من شحة في الإيرادات.. فإلى تفاصيل اللقاء:
لقاء/ خليل المعلمي
أداء الصندوق
ما تقييمكم لأداء الصندوق خلال العام 2015م.؟
صندوق التراث والتنمية الثقافية هو أحد المؤسسات الثقافية الداعمة للنشاط الثقافي والإبداعي في بلادنا، ويظل الصندوق محل أنظار الأدباء والفنانين والمبدعين وغيرهم لأنه الجهة الراعية والداعمة لهم، وقد تضرر الصندوق بشكل كبير من بداية العدوان على بلادنا في نهاية مارس الماضي، وانخفضت نسبة الايرادات بشكل كبير وذلك لأن إيرادات الصندوق تعتمد بشكل أساسي على المصانع، ومن أهمها مصانع الأسمنت التي توقفت هذا العام، وكذلك بعض شركات المياه التي توقفت أيضاً، إضافة إلى إيرادات المنافذ الجمركية والتي يتم تحصيل ريال واحد عن كل طرد يدخل البلد، وكذلك إيقاف تحصيل إيرادات الصندوق من المحافظات الجنوبية والشرقية ، كل ذلك كانت له أضرار كبيرة.
إجراءات ضرورية
ما هي الإجراءات التي تم اتخاذها من أجل الحفاظ على الصندوق؟
حاولنا قدر المستطاع مواجهة هذه المشكلة والوفاء بالأغراض التي من أجلها تم إنشاء الصندوق والحفاظ على المؤسسات الثقافية والتاريخية والأثرية من خلال دعم مشاريعها المختلفة.
ولأن هذه الفترة تعتبر صعبة على الجميع بما فيهم المبدعون من أدباء وفنانين، فكان لابد من إعادة صياغة هذا الدعم، وكان لنا اجتماع مع قيادة وزارة الثقافة وتم إقرار مقترح لوقف الدعم المباشر لمن لديهم مرتبات من أي جهة حكومية، ويقتصر الدعم لمن لا يمتلك أي مرتب، وتم إجراء بعض المعالجات للمستفيدين والمبدعين ممن تضرروا نتيجة الأوضاع الراهنة واضطروا للنزوح إلى مناطق آمنة وبالتالي وصل الدعم المقدم خلال الفترة الماضية إلى 43 مليون ريال.
وبالنسبة لمن توقف عنهم الدعم المباشر فقد اتخذ الصندوق قراراً بدعم إبداعاتهم عن طريق الفعاليات الإبداعية من أنشطة ثقافية وطباعة كتب وتنظيم أنشطة مسرحية، بحيث يكون الصندوق داعماً للإبداع وليس داعماً للشخص نفسه، وهذا ما يريده المبدع، يريد من يتبنى إبداعه وأعماله وأفكاره الإبداعية وبهذه الطريقة ستكون الفائدة أفضل وأكبر.
وقد تعدى أعداد المستفيدين من الصندوق بشكل مباشر أكثر من ألف شخص معظمهم لا توجد قاعدة بيانات لهم لذلك قمنا بإعداد قاعدة بيانات للمستفيدين وتصنيفهم تحت مسميات محددة كأدباء أو فنانين (تشكيليين، غنائيين، مسرحيين) ولايزال العمل جارياً في إعداد هذه القاعدة والعمل عن طريقها في دعم الإبداع.
انخفاض التحصيل إلى 95 %
هل واجهتكم مشاكل في تحصيل الإيرادات خلال هذه الفترة؟
المشكلة الرئيسية التي تواجه الصندوق هي شحة الإيرادات وعملية تحصيلها، فكما ذكرت سابقاً أن المصانع التي كنا نعتمد عليها في تحصيل الإيرادات معظمها أغلقت، وانخفض التحصيل بنسبة 95%، كما توقف توريد مبالغ التحصيل من المصانع والشركات العاملة في المحافظات الجنوبية والشرقية إلى صنعاء، وهذا كان له أثر كبير في انخفاض الإيرادات بنسبة كبيرة، على الرغم أن 65% من المستفيدين من مهام الصندوق في هذه المحافظات، ولا أريد أن أدخل في هذا المضمار، لأن عمل الصندوق هو عمل ثقافي بحت بعيد عن السياسة، وكنت قد تواصلت مع محافظ عدن السابق رحمه الله تعالى، وحدثته عن امتناع إحدى شركات السجائر في عدن عن تسديد ما عليها من متأخرات لسنتين، وأخبرته بأن المؤسسات الثقافية الموجودة في عدن تتلقى ميزانيتها التشغيلية من الصندوق مثل معهد جميل غانم، ومكتب الثقافة، وكذلك المنتديات الثقافية ومكاتب الثقافة في محافظات أبين ولحج وشبوة وغيرها، وكان قد وعدنا بحل المشكلة ولكن تعرض لعملية اغتيال وتوفاه الله.
دعم المشاريع الهامة
ما هي أبرز المشاريع التي استمر الصندوق في دعمها خلال الفترة الماضية؟
من المشاريع الهامة التي استمر دعمها مشروع الحفاظ على المخطوطات التاريخية في صنعاء حيث تم دعمه بمبلغ 21 مليون ريال من مارس الماضي وحتى ديسمبر 2015م، كما استطاع الصندوق الوفاء بالالتزامات المالية للاحتفالات الوطنية في مايو وسبتمبر وأكتوبر ونوفمبر، خاصة بعد اعتذار وزارة المالية لوزارة الثقافة بعد صرف مستحقات هذه الاحتفالات، إضافة إلى دعم بعض الأنشطة الثقافية والندوات بالشراكة مع مؤسسات ثقافية ووصل هذا الدعم إلى 45 مليون ريال.
مشروع رفع الإيرادات
ماذا عن مشروع تعديل قانون الصندوق من أجل رفع إيرادات الصندوق؟
الصندوق تم إنشاؤه بقانون أقره مجلس النواب، ويكتسب الصندوق قوته من قوة القانون، وبالتالي أي تعديل في أي مادة من مواده لا يتم إلا عن طريق مجلس النواب، ونحن نعاني من عدم تفسير بعض مواد هذا القانون، فمثلاً يتم خصم ريال واحد عن كل طرد يدخل البلاد من المنافذ، سواء كان هذا الطرد صغيراً أو كبيراً حتى لو كان حاوية كبيرة، حتى لو كان البلد في أوج حركتها الملاحية ودخلت مثلاً مليون حاوية سيتم خصم مليون ريال فقط، وبالتالي فهناك بعض المواد بحاجة إلى تعديل، إضافة إلى أن الرسم المتحصل “ريال واحد” فقط والريال لم يعد له قيمة وبالتالي بشكل عام الصندوق يعاني من شحه الإيرادات، وفي السابق كانت هناك نية لدى الوزارة في تعديل القانون منذ كان الدكتور المفلحي وزيراً للثقافة حيث تقدم مشروع التعديل إلى مجلس الوزراء الذي أحاله إلى مجلس النواب، فتوقف النظر فيه في 2011م، كما أن الدكتور عبدالله عوبل ناقش مشروع التعديلات مع مجلس الوزراء من جديد، وتوالت الأحداث حتى وضعنا الراهن، والمشروع هو شبه جاهز ومرهون باستقرار الوضع السياسي.
أهمية مشروع التعديل
هل مشروع القانون سيفي بمتطلبات الصندوق وتنفيذ المهام التي من أجلها أنشئ؟
لاشك في ذلك، فإن الغرض من التعديل هو زيادة الإيراد الذي يعتبر جزءاً مهماً في مواجهة الكثير من متطلبات المستفيدين ومتطلبات الحركة الثقافية وحتى نواجه مستحقات الموظفين العاملين في الصندوق لأنهم يستلمون مرتباتهم من إيرادات الصندوق ولا يستلمون من وزارة المالية ضمن الموازنة العامة.
وإذا توقفت إيرادات الصندوق ستتوقف مرتبات الموظفين وبالتالي نحن واجهنا صعوبات كبيرة في البداية وكان البعض يتصور أننا سنغلق الصندوق مع بداية الحرب، لكننا حاولنا قدر المستطاع الحفاظ على المبالغ الضئيلة التي يتم تحصيلها من بعض الجهات وتابعنا بعض الجهات التي كانت متوقفة عن التسديد بحكم الوضع العام، كما ظهرت شائعات بأن الإيرادات يتم أخذها للمجهود الحربي، فقمنا بالتوضيح أن الصندوق يقوم بصرف إيراداته في المصارف المخصصة بحسب القانون وفي دعم المبدعين والإبداع ورعايتهم في بلادنا، إلا أن الموارد أصبحت شحيحة وبالتالي تأثر المبدع.
المبدعون أكثر تفهماً
هل تفهم المستفيدون وضع الصندوق؟
كنت أتوقع أن يصل المستفيدون من مبدعين وفنانين وأدباء إلى وضع أسوأ مما هم عليه الآن، لكن الحمد لله تواصلنا معهم وكانوا أكثر تفهماً للوضع، وبدلاً من صرف مستحق شهري بسيط قد لا يفي لهم بغرض، أصبح الصندوق يواجه مشاكل الفنانين سواء كانت مرضية أو غيرها من المشاكل في ظل هذه الأوضاع، كما دعمنا الكثير من الفعاليات بالتنسيق مع منظمات المجتمع المدني.
خطة العام الجديد
ما هي خطة الصندوق للعام القادم 2016م؟ وما هي تطلعاتكم؟
لدى الصندوق خطة يتم إعدادها من قبل إدارة الأنشطة في الصندوق، ووصلنا إلى خطة نصف سنوية ونستكمل حالياً الخطة السنوية، وهي خطة فعلية بما يتلاءم مع الإمكانيات التي لدينا في ظل الظروف الصعبة التي تمر بها البلد بالشراكة مع بعض الجهات مثل منظمات المجتمع المدني وكذلك مع مبدعين من فنانين وأدباء وتشكيليين.
وسيكون شهر يناير القادم حافلاً بالفعاليات منها تنظيم معرض كبير للفنان التشكيلي حكيم العاقل وكذلك استضافة الأستاذ الكاتب عبدالكريم الرازحي عبر ندوة ثقافية.
وقد وضعنا في موازنة العام القادم بحسب الإيرادات المتوقعة خطة طموحة أضفنا فيها مقراً جديداً لصندوق التراث، كما نطمح إلى وضع أفضل.
شراكة
لا شك أن المبدعين هم أساس العمل الإبداعي والثقافي، فهل هناك شراكة معهم في إيجاد أفكار جديدة؟
هناك أفكار لدى بعض المبدعين يمكن الاستفادة منها، نحن نستقبل هذه الأفكار من البعض، كما نقوم بالتواصل الشخصي مع آخرين، وبالتالي سيتم استقبال هذه الأفكار ومناقشتها معهم والإضافة عليها، وبالتالي الخروج بأعمال مشتركة إلى الجمهور، ومن خلال هذا اللقاء ندعو المبدعين في جميع المجالات لتقديم أفكارهم والمشاركة في خلق نشاط ثقافي مختلف خلال العام القادم.
كلمة للمبدعين
هل من كلمة أخيرة توجهونها للمثقفين؟
أشكر جميع المثقفين وهم الذين اختاروني لإدارة الصندوق، حيث رفعوا بمذكرة إلى قيادة وزارة الثقافة باختياري، وكنت قد رفضت إدارة الصندوق في وقت سابق، فالصندوق يواجه ضغوطات كبيرة من قبل العديد من الجهات ويخرج عن الإطار الذي من أجله وجد، إلا أن الظروف التي تمر بها البلاد جعلني أقبل هذا المنصب، وفي هذا الظرف فقد تفهم المبدعون والمثقفون والمستفيدون الوضع الراهن ونحن بذلك نقدم لهم الشكر والتقدير لصبرهم، وخلال الفترة السابقة حاولنا أن نحافظ على الصندوق أولاً ليظل فاتحاً أبوابه للجمهور وللمثقفين، وعلى الرغم من شعور موظفي الصندوق بعدم القدرة على تحصيل أي إيرادات في الشهر الأول من بداية العدوان وأنهم لن يستلموا رواتبهم، ولكن تمكنا من مواجهة التحديات وصرف المستحقات للموظفين وكذلك قيام الصندوق بواجباته تجاه المبدعين والمستفيدين والأدباء والفنانين.
ونتمنى أن نبدأ العام الجديد وقد انجلت الغمة عن هذا البلد ويعاود الصندوق نشاطه بشكل مكثف، ومضاعفة الدعم لفئة المبدعين الذين يستحقون الكثير، فالصندوق لم ينشأ إلا من أجل المبدعين والأدباء والفنانين، فبدون هذه الفئة لن يستطيع الصندوق تحقيق أي نجاح على الواقع الثقافي.
Prev Post
Next Post