محمد.. لا يعنيهم!!
بكلِّ بساطةٍ أحَدُ الأصدقاء يكتُبُ مقالاً بعنوان “عُذراً رَسُـــوْلَ الله مولدُك لا يعنيني”.. أشار في مضمون مقالِه أنه منذ كان صغيراً ووالدُه يصطحبُه إلى المسجد للاحتفال بالمولد النبوي الشريف على صاحبه وآله السلام في هذه الفترة من طفولته كان المولدُ النبوي الشريف يعني له شيئاً.. لكن منذُ أن استخدم المولد النبوي –حسب تعبيره- استخداماً سياسياً أصبح المولد النبوي “لا يعنيه”.
عجباً يا صديقي.. هل خاتمُ الأنبياء محمدٌ صلى الله عليه وآله وسلم بُعث لمجموعة بعينها، أم بُعِثَ لقوم محددين، أم بعث لفئة معينة، أم بعث للناس أجمعين؟!!.. الإجابة الأكيدة أن الرَسُـــوْل الأعظمَ محمد صلى الله عليه وآله وسلم بُعِثَ للناس أجمعين دون استثناء.
يا صديقي.. لقد تأثرت بثقافة إسلامية مغلوطة، بثقافة إسلامية مشوّهة.. دع الآخرين يحتفلون بالمولد النبوي كما يشاؤون.. واحتفل أنت كما تشاء، ولتحتفلْ بالمولد النبوي كما كان يحتفل به والدُك.. فلتذهبْ إلى الجامع كما كان يفعلُ معك والدُك وأنت صغيرٌ.
ولتعلم أن يومَ ميلاد رَسُـــوْل الله صلى الله عليه وآله وسلم، أفرَحَ اليهودَ قبل العرب.. أفرحهم بمولد خاتم الأنبياء، وحين علموا أن الرَسُـــوْل ليس من طائفتهم اليهودية، وأنه من العرب.. حينها أصبح يومُ ميلاد الرَسُـــوْل مزعجاً لهم ولكبريائهم.
ولتعلم كذلك أن أعداءَ الإسلام –اليهود بالذات- لم يهدأ لهم بالٌ ولم تقر لهم عين منذ ميلاد رَسُـــوْل الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقد سعوا إلى تفريق الأمة وإيجاد الاختلاف بينهم عن طريق بث الشائعات وإرسال العملاء واستقطاب الخونة.. فأصبح كثيرٌ من الشعائر الدينية بدعةً، وزيارة قبور الصالحين شركاً، وقراءةُ بسم الله الرحمن الرحيم في الصلاة غيرَ جائزة، وقراءة القرآن الكريم على موتى المسلمين يعذبهم في قبورهم.. وعندما تساهل علماءُ الدين عن حقيقة ما يدور ويحاك حول الإسلام ورَسُـــوْل الإسلام منذ قرون من السنين، تمادى أعداءُ الأمة الإسلامية وأعداء محمد صلى الله عليه وآله وسلم في إسقاط الشعائر الدينية الواحدةَ تلو الأخرى حتى وصلوا إلى شخصية النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلّم.. فقد بدأوها بالرسومات الكاريكاتورية، والتي قاسوا من خلالها نبضَ الشارع الإسلامي تجاه نبيهم محمد صلى الله عليه وآله وسلم، ووجدوا أن محمداً “لم يعد يعنيهم” –كما تقول يا صديقي- فبدأوا بإدراج الأقوال ونسبوها لرَسُـــوْل الله صلى الله عليه وآله وسلم، فصدّقها علماؤهم المستأجرون واعتمدوها في كتبهم وأصبحت تدرَّسُ في مدارسهم ومساجدهم.
يا صديقي.. كلُّ ما عملوه خلال القرون الماضية لم يكفِهم.. تطاولوا أكثرَ وتمادوا أكثرَ وأكثرَ.. بدأوا بالقتل والذبح والسحل وسبْي النساء باسم مَن؟.. هل تعلم باسم من – يا صديقي؟-.. لقد جعلوه باسم محمد صلى اللهُ عليه وآله وسلم –الذي لم يعد يعنيك كما تقول- لقد تمادوا أكثرَ وأكثرَ باتهامهم بأن رَسُـــوْل الله صلى الله عليه وآله وسلم “جاء بالذبح” كما قالوا.. لقد غيَّبوا عن الناس بأن محمداً صلى اللهُ عليه وآلَه وسلم جَاءَ رحمةً للعالمين.
منذُ أن أصبَحَ ميلادُ محمد “لا يعنيك” هو كذلك لا يعني كثيراً من أمثالك الذين تأثروا بثقافة مغلوطة ومشوَّهة قادمة من أشخاص استطاعوا غزْوَ المسلمين والسيطرة عليهم فكرياً وعقائدياً وأخلاقياً.