مفاوضات جنيف2 .. بين تكتيك عكس الاتجاه والإنهاك الاستنزافي
عبدالله علي الظرافي
حقق الوفد الوطني إلى مفاوضات جنيف, انتصارات سياسية ودبلوماسية لاتقل شأناً عن الانتصارات العسكرية ,فمن خلال استخدامه أذكى التكتيكات التفاوضية وهو تكتيك “عكس الاتجاه “الذي يعتمد على تغيير موقف التفاوض من التعنت والتشدد إلى موقف مرن متعاون وعلى استعداد لتقديم التنازلات المعقولة, استطاع أن يكسب نقاطاً تفاوضية قوية,كما نجح في إقناع المجتمع الدولي بجدية مسعاه وصدق نواياه في الوصول إلى حل سياسي حقيقي يوقف العدوان ويرفع الحصار وينهي الصراع في اليمن.
وبالعكس من ذلك فقد أثبت الوفد المفاوض المؤيد للعدوان السعودي عجزه وفشله,بل واظهر إلى جانب هشاشة تكوينه غير المتجانس ,المقاصد الحقيقية التي يسعى النظام السعودي إلى تحقيقها من خلال المفاوضات,وتحديدا اللعب على عامل الوقت لتغطية استمرار عدوانه العسكري على اليمن .وهذا ما تبين جليا في استخدام وفد التفاوض الخياني لتكتيك “الإنهاك الاستنزافي” الذي يعتمد على استنزاف الوقت دون أن يكون هدفه التوصل إلى نتائج حقيقية في المفاوضات ,ومن ذلك صرف جهده وتوجهاته إلى العناصر التفاوضية الهامشية والشكلية التي لا قيمة لها ,وهذا ما تأكد عمليا في إصرار الوفد المؤيد للعدوان على طرح نقاط هامشية في المفاوضات مثل فك الأسرى وإدخال مساعدات إلى تعز وغيرها .بينما تجاهل النقاط الرئيسية التي تدور حولها المفاوضات كمثال تطبيق النقاط السبع وأبرزها وقف العدوان السعودي ورفع الحصار المفروض عن كل الشعب اليمني,
لاشك أن الأداء الرفيع الذي أظهره الوفد الوطني برئاسة محمد عبدالسلام كان مؤثرا وفاعلا لجهة النصر السياسي الذي تحقق,فإلى جانب أنه- أي الوفد الوطني- تميز بالحنكة السياسية, تميز أيضا باللباقة والحكمة وحسن التصرف, الأمر الذي أصاب الوفد المفاوض المؤيد للعدوان السعودي بحرج شديد أمام فريق الأمم المتحدة والمجتمع الدولي من خلال إظهار ضعفهم وأنهم ليسوا أصحاب قرار، وهو ما ظهر جليا في الخلافات التي نشبت بينهم ، إلى درجة أن بعضهم شعر انه مستهدف في نفسه من قبل السعودية وأنه فقط ورقة تواليت تستخدمها الرياض ليشكل غطاء للعدوان ويتم رميها بعد استخدامها.
على أن الأمر الافت للنظر هو أن بعض المراقبين والمحللين أشادوا بالدور المحوري الذي قام به رئيس الوفد محمد عبدالسلام في المفاوضات ,وأكدوا أنه يتصف بالمصداقية السياسية وهي صفة نادرة في الحقل السياسي ,كما يتصف أيضا بحنكة سياسية وقدرة دبلوماسية وكفاءة تفاوضية عالية قلما توجد في الكثير من الدبلوماسيين والمفاوضين السياسيين.
وفي الأخير:
أكرر القول إنه ورغم أهمية مواصلة السير في خط العمل السياسي والمفاوضات,تبقى العمليات العسكرية في الحدود وصولا إلى الركن اليماني, هي الطريق الأنجع والأقرب لفرض الحل السياسي الصحيح .لأنها – أي عمليات الحدود- من ستحفز النظام السعودي على أن يجنح للسلم حقيقة ,وعندها يمكن التأكد من نجاح أي مفاوضات للحل السياسي في جنيف أو غيره.