هيكل وفنجان قهوة

مساحة خضراء

لم يعانِ صحفي وكاتب سياسي كما عانى (الجر نالجي) محمد حسنين هيكل من أصدقائه وأعدائه على حد سواء, فقد واجه هيكل حملات شرسة في حياته المهنية منذ أن كان مراسلاً عسكرياً في منطقة العالمين إبان الحرب العالمية الثانية, وحتى وصوله إلى سدة رئاسة تحرير “الأهرام”, وما أدراك ما “الأهرام”, وكتابه “بصراحة” الذي كان ينشر في نفس اليوم في “الصياد” أو “الأنوار” البيروتية, إن لم تخني الذاكرة, واجه الكثير من الشتائم حتى في عهد عبدالناصر عندما كان يتبوأ “الأهرام” أو عندما خرج من رئاسة تحرير “الأهرام”.
عندما أصدر “الطريق إلى رمضان” أو “لمصر لا لعبدالناصر” و”بصراحة” أو عندما أصدر زيارة جديدة للتاريخ وغيرها من الكتب لم يسلم أيضاً من التشنيع, لكن الرجل ظل كما كان يقول على شاتميه ومنتقديه, إنها زوبعة في فنجان قهوة عربية, فلا أنا شربت ولا هم شربوا.
وعندما كان يكتب في صحف خارجية لم يسلم من نقده, لكن كان الرجل صخرة, حتى عندما كان يقول رأياً في قضية أو يطرح فكرة كانوا أيضاً، الأصدقاء والأعداء, لا يتركونه في حاله.
خلال ثورة الربيع العربي كانت عين هيكل على اليمن, قال رأياً : القبائل اليمنية تبحث عن دولة, ومشاركتها في الاحتجاجات ونزولها للشارع كانت تبحث عن نفسها أو بما معناه.
هنا بدأت الحملة على هيكل من الكتّاب والمتصحفين, من وصفه بأن الرجل أصبح يخرف, ولا يعطي رأياً, ومن قال بأن أيام هيكل ولّت, ونسوا أن الصحفي والكاتب والمحلل هيكل رجل المعلومات وكمبيوتر متنقل, وأن اليمن في الأساس لم تتمكن من العمل الصحفي حتى اليوم, وأنه لا يوجد صحفيون حتى يسفون هيكل, ثم أنه في الأول والأخير هو رأي قاله الرجل.
ولمحمد حسنين هيكل توصيف دقيق لليمن صدر عنه, ومر مرور الكرام ولم يعترض أحد.
قال في توصيفه لليمن : ماضٍ أبى أن يرحل, ومستقبل يأبى أن يأتي, وحاضر يأبى أن يتغير.
فهل أخطأ بتوصيفه عن البلاد وواقعها؟ يبدو أن التوصيف قد ضرب في الصميم, فأغلق الجميع أفواههم, وأخفوا أقلامهم, فلم يرتفع صوت ولا خط قلم.

قد يعجبك ايضا