ن ………….والقلم…تونة .. زبادي .. سحاوق !!

عبدالرحمن بجاش
تزينت سماء الأمس بسحب بدا أنها محملة بالغيث، وبدت المساحات العلية بين الزرقة والسواد لوحة جميلة طالما والمحمول خيرا ينتظره الإنسان والأرض .
كان الشارع هادئاً على غير العادة, الدكاكين المتناثرة تباين فيها الوافدون من الزبائن، يرتسم الأمر على ملامح الباعة, فصديقي الجزار مبتسم، وكذلك الحرازي صاحب الدجاج، لكن علي أبو البهارات ما يزال يشكو قلة الزبائن، على أن أصحاب الملابس (( مُبَوٍرين )) لا يكاد احد يزورهم، كيف سيزورهم أي أحد والجيوب يعشعش داخلها الهواء !! .
السيارات تمرق كل حسب ما في خزانه من وقود، والمسكين صاحب التاكسي يقف هناك يده على خده، إذ لم يجد في المحطة (( ولا قطرة ))، بينما شبان يحلقون رؤوسهم بطريقة عجيبة يجدونه بسهولة, ربما هي آخر تقليعة يخترعها لهم محمد الحلًاق في صالون الشارع، إذ يخترع كل أسبوع قصةً !!، قلت يا محمد : كيف ؟ – نُخَرج الزلط من جيوبهم !!، أواصل المشي وسط الشارع أتملى في الوجوه لا أجد غير الهموم تسكنها، والنساء في الشارع أكثر نشاطا، ذاهبات آيبات، مُصَلِح الجزمات لم يأته أي زبون، أقول : كيف يا محمد ؟ – يرفع يده إلى السماء (( على الباري ))، صاحبي أبو ((الزعقة)) ما يزال على نشاطه، ففمه لم يتوقف عن الصعود والهبوط، يتأكد لي أنه بالفعل اتخذ قراره، فقط المسألة مسألة وقت !! .
أتوغل في الشارع، وحده سوق القات نشط إلى درجة أن تظن أن هذا البلد لا يعاني أي أزمة ولا مشكلة, يذهب الذاهبون ((قالبين صورهم)) يعودون مبتسمين، تذهب بنظرك إلى الربطة تحت الأبط، أو كيس يتدلى من على العسيب، أو ملفوفاُ تحت الجنبية, تكتشف سر الابتسامة، التي تراها مرتسمة على محيا صاحبي ياسين، – إلى أين ياعم ياسين – إلى المطيبة المرق عند الشيباني، أدرك أن القات قدوه في البيت، ما باقي إلا مطيبة المرق (( تُطلع حرارة )) للقات !!! .
يغيب عن نظري صاحب البراويز، أذهب بنظري يمينا وشمالا فلا أجد المحل !!!، أستغرب (( فص ملح وذاب ))!!!، يحس حسام في الصالون بحيرتي : – يا عم عبده من بتدور ؟ صاحب البراويز، يؤشر لي أن تعال، أذهب، يشير إلى صندوق صغير هناك على الرصيف المقابل: حق صاحبك صاحب البراويز، – أيش حصل ؟ – عجز عن دفع الإيجار، فباع (( القلافد )) واشترى ذلك الصندوق، وعليه يقدم للأولاد عصر كل يوم .. تونة .. زبادي .. سحاوق، رددت في سري وقد تركته : سمك .. لبن .. تمر هندي ليست حياتنا فقط كذلك، بل اسم لفيلم مصري !!!.

قد يعجبك ايضا