البيان اعتبر أن تهديد الاستقرار في اليمن يمثل تهديدا◌ٍ للسلام العالمي

لقاءات: حسن شرف الدين –

سيادة القانون مطلب رئيسي.. واحترام حقوق الإنسان من المبادئ الدستورية الأساسية

قراءة/ الراصد السياسي
لقاءات: حسن شرف الدين
بصدور بيان مجلس الأمن الأخير حول الشأن اليمني- الجمعة الماضية- يكون المجتمع الدولي قد حسم خياراته وأطلق صفارة الإنذار النهائية في وجه فرقاء المرحلة الراهنة معلنا انتهاء الوقت الأصلي لزمن المراوغة وأشواطها الاضافية ليبدأ التعامل الحاسم بضربات ترجيح نهائية سدد فيها هدفاٍ مباغتاٍ في مرمى معطلي المرحلة الانتقالية الثانية- الآخذة في التموضع.
فعلى غير عادته ورغم أنه ظل يتجنب تسمية أطراف بعينها منذ توقيع المبادرة الخليجية في كل بياناته قرر هذه المرة تصعيد لهجته إلى مستوى غير مسبوق عندما كشف- تصريحا لا تلميحاٍ- عن أسماء من العيار الثقيل وصفهم بمعرقلي التسوية السياسية في البلد بجانب أطراف غير معلنة متوعداٍ الجميع بإجراءات رادعة تحت بند المادة41 من ميثاق الأمم في حال استمرت الاجراءات التي تهدف الى تقويض حكومة الوحدة الوطنية وإفشال عملية الانتقال السياسي القائمة.
جاء ذلك في بيان رئاسي أممي أصدره مجلس الأمن في ختام اجتماعه مساء الجمعة الفائتة برئاسة مندوب كوريا الجنوبية كيم سوك الذي تتولى بلاده الرئاسة الدورية للمجلس لشهر فبراير الفائت وهو أمر غير مسبوق في مشوار البيانات الأممية تجاه الأزمة اليمنية منذ اندلاعها في فبراير 2011م.
مؤكد أن “مجلس الأقوياء” بهذا التصريح المباشر لم يكن ينوي استهداف أسماء دون غيرها لكنه أراد من خلالها- على ما يبدو- أن يوجه رسالة قوية بأن أحداٍ لن يكون بمنأىٍ عن يده الطويلة بعد الآن وجهها لكل من يسعى الى افشال المرحلة الانتقالية ووضع العراقيل أمام أي تغيير حقيقي ينقل اليمن الى وضع جديد أو من يفكر في الوقوف حجر عثرة أمام عبور بوابة المستقبل ومهمة الخروج من عتبة المراوحة التي طال أمدها إلى طاولة حوار مصيري يترقبه العالم ويراهن عليه لإخراج اليمن الى بر الأمان وحل مشكلاته العالقة.
من القراءة الأولى لبيانه الأخير حول الأوضاع في اليمن ودعمه الأقوى للمرحلة الانتقالية الراهنة سياسيا وماديا ثمة مفارقة غريبة توحي بأن “العالم يبدو أحرص على اليمن أكثر من حرص اليمنيين أنفسهم على بلدهم”- يقول أحدهم!
والمفارقة الأغرب أن “تحقيق إجماع عالمي حول اليمن دون غيره بدا ممكنا فيما إجماع اليمنيين تجاه بلدهم عز تحقيقه حتى اللحظة”- يقول آخر.
حرص العالم على مصلحة اليمن تجلى بكل وضوح من خلال تمسكه بوحدة اليمن وسيادته واستقراره وسلامة أراضيه أكثر من تمسك بعض اليمنيين بوحدة بلدهم”- يقول ثالث.. فضلا عن مباركته لإعلان الرئيس هادي عن موعد مؤتمر الحوار الوطني في 18 مارس المقبل وتشكيل المكتب التنفيذي لإطار المساءلة المتبادلة وكذا دعوته للأطياف السياسية الى التقيد بالوقت المحدد والجدول الزمني للحوار والمبادئ المنصوص عليها في اتفاق نقل السلطة والتصرف بحسن نية وبطريقة سلمية وشفافة وبناءة وتصالحية وتأكيده على ضرورة أن يجري مؤتمر الحوار الوطني بشكل كامل ومشاركة كاملة من جميع مكونات المجتمع اليمني بما فيها ممثلون عن مناطق الجنوب معربٍا عن تطلعه إلى أن يقود الحوار الوطني إلى إجراء استفتاء على الدستور الجديد للبلاد وإجراء الانتخابات بحلول فبراير 2014 مع تأكيده الحاجة إلى قيادة يمنية للمرحلة الانتقالية الثانية تستند إلى التزام الديمقراطية والحوكمة الرشيدة وسيادة القانون والمصالحة الوطنية واحترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية لجميع اليمنيين- حسب منطوق البيان.
أما ذروة حرص المجتمع الدولي على مصلحة اليمن فقد تبدت في تأكيده الواضح وبلغة صريحة لا تحتمل التأويل على دعم المجلس لمحاسبة من وصفهم بالأطراف المعرقلة لقطار التسوية السياسية واستعداده لتبني إجراءات منصوصة في القانون الدولي وجهوزيته لدرس إجراءات إضافية بما فيها إعمال المادة 41 من ميثاق الأمم المتحدة ضد من يتدخلون لإعاقة المرحلة الانتقالية سواء من قبل أفراد يمثلون النظام السابق أو المعارضة السابقة أو آخرين لا يلتزمون بتطبيق المبادئ التوجيهية للآلية التنفيذية للعملية الانتقالية في حال استمرار أية أعمال من شأنها تقويض حكومة الوفاق الوطني وخطوات الانتقال السياسي مشددا على جميع الأطراف في اليمن بالتزام حل اختلافاتهم عبر الحوار والمشاورات ورفض أعمال العنف لتحقيق غايات سياسية والامتناع عن الاستفزازات والامتثال الكامل للقرارين 2014 لعام (2011) و2051 لعام (2012).
كلها إشارات واضحة على أنه لم يعد ثمة طريق متاح أمام اليمنيين غير الدخول والالتئام في طاولة الحوار لحل مشاكل بلدهم ولا خيار آخر أمامهم غير الالتزام بالتوقيت المحدد دون مفاصلة.. إذن حسم العالم خياراته ووجه بوصلته صوب 18 مارس فحسب بما لا يدع مجالا للتشكيك في موعد الحوار أو فرصة للمراوغة أو أية محاولة لكسب الوقت..
أما بإفصاحه عن طرفين محددين يكون المجتمع الدولي قد ضيق الخيارات أمامهم للبقاء في المشهد السياسي ومؤكد أنه سيدفع الأطراف التي ذْكرت أسماؤها للمسارعة إلى سحب بعض مجموعاتها المتكتلة في صفها والتي ستعمل على التعجيل بانضمامها لمؤتمر الحوار للنجاة بنفسها من العقوبات المتربصة بالجميع.. بمن فيهم تيار “فك الارتباط” هؤلاء وضعهم البيان في حرج بالغ عندما أورد اسم زعيمهم والانحياز المطلق لوحدة اليمن واستقراره ليكشف بذلك عن فشلهم الذريع في كسب أي تعاطف دولي حتى الآن مع سقف مطالبهم التعجيزية التي تنم عن جهل فاضح بالمتغيرات الاقليمية والدوليةوطبيعة التحديات المحليةوكل الذي حصلوا عليه من العالم هو التهديد فقط بعقوبات رادعة ستطالهم لامحالة إن لم يلحقوا بركب الجماعة عقوبات مشروعة ستضع دولة الوحدة في موقف قوي يمكنها من التعامل بحزم مع أي مطالب تخالف ثوابت العالم تجاه اليمن.
إذ تنص المادة 41 من ميثاق الأمم المتحدة على أن: “لمجلس الأمن أن يقرر ما يجب اتخاذه من التدابير التي لا تتطلب استخدام القوات المسلحة لتنفيذ قراراته وله أن يطلب إلى أعضاء (الأمم المتحدة) تطبيق هذه التدابير ويجوز أن يكون من بينها وقف الصلات الاقتصادية والمواصلات الحديدية والبحرية والجوية والبريدية والبرقية واللاسلكية وغيرها من وسائل المواصلات وقفا جزئياٍ أو كليا وقطع العلاقات الدبلوماسية “.
آراء
مؤكد أن مجلس الأمن بهذه اللغة التصعيدية الجديدة في بيانه الأخير يؤسس لمرحلة جديدة من التعامل مع معرقلي التسوية ليس من قبيل التدخل أو الوصاية على اليمن بل لأن “السلام في اليمن صار شأنا دوليا وتحقيق السلام مرهون بنجاح العملية السياسية وفق المبادرة الخليجية وما نصت عليه قرارات مجلس الأمن”- يقول محمد المخلافي- وزير الشئون القانونية..
مضيفاٍ: “أن موقف مجلس الأمن ينطلق من أن تهديد السلام باليمن يمثل تهديدا للسلام العالمي وعلى مجلس الأمن حماية السلام العالمي من خلال اتخاذ إجراءات عقابية ضد من يهدد وحدة وأمن اليمن”.
المخلافي تحدث أيضاٍ بشأن إفصاح مجلس الأمن عن أسماء بعينها متهمة بتعطيل الحوار يقول: “إن ذلك بمثابة إنذار لكل من يسعى لإعاقة العملية السياسية باليمن”.. مضيفا: “إذا لم يظهر توقف عن تهديد العملية السياسية فإن مجلس الأمن سيتخذ تدابير عقابية اقتصادية وسياسية وفق المادة 41 من ميثاق الأمم المتحدة وفي حال استنفاد هذه العقوبات فسينتقل إلى المادة 42 التي تجيز لمجلس الأمن استخدام القوة لحماية الأمن والسلام الدوليين”.
فيما يرى آخر: “أن مجرد الإفصاح عن طرفين رئيسيين في بيان مجلس الأمن وتهديدهما بالمادة 41 يعني أنهما وضعا تحت الرقابة الدولية وهو ما سيدفع كثيرا من دول العالم إلى مقاطعتهما وتقييد تحركهما في حال إصدار عقوبات ضدهما”.
أما ياسين التميمي فيقرأ هذا الإفصاح من زاوية صادمة يقول: “ان اتهام هذين الطرفين كمعرقليúن للتسوية كشف عن مفارقة تاريخية شديدة السوء لمسيرة رجلين شاركا في صنع الوحدة ثم التقيا على خط تعطيل وحدة اليمن وأمنه”.
لكنه أضاف في حديث لوسائل إعلامية: “أن البيان أشار أيضاٍ إلى المعرقلين من الخارج بإعرابه عن القلق إزاء “نقل أموال وأسلحة لليمن من الخارج” في إشارة لإيران- بهدف عرقلة المرحلة الانتقالية”. ذلك أن مثل هذه اللهجة التصعيدية جاءت على خلفية قيام وفد من مجلس الأمن الدولي بزيارة استثنائية لصنعاء في 27 يناير لتقديم الدعم للرئيس هادي. وقد اتهمت صنعاء حينها طهران بتسليح المعارضين في شمال اليمن بعدما اعترضت سفينة كانت محملة أربعين طنٍا من الأسلحة الأمر الذي نفته إيران. وتحقق لجنة العقوبات في الأمم المتحدة في شأن هذه القضية بناءٍ على طلب السلطات اليمنية.
جدل
ما أثار الجدل حول هذا البيان أنه لم يحمل قرارات عقابية واضحة كما كان يؤمل البعض بل “مجرد تهديدات لاترقى الى مستوى التنفيذ” يقول مراقب لكنه بالمقابل بدأ بكشف اسماء محددة لم يكن يكشفها من قبل” يؤكد آخر.
وعلى عكس تلك الآراء كان للمؤتمر الشعبي- تجاه هذا الإفصاح عن اسم رئيسه- ردة فعل رافضة لهذه التهمة فقد دعا في بلاغه مجلس الأمن الدولي إلى توضيح مالديه من معطيات حول إدراج اسم رئيس المؤتمر على رأس من يعرقلون عملية التسوية السياسية”. متسائلا عن: ماهو دورهم وأفعالهم وآراؤهم التي تعتبر عرقلة ليتم التعرف عليها ورفضها”. مؤكداٍ دعم رئيسه للحوار الوطني وتنفيذ المبادرة.
رفضَ قوبل بأشد منه من قبل فصيل حراكي انفصالي متشدد احتج على إدراج اسم رئيسه في بيان الأمم وأصدر بلاغاٍ تنصلياٍ قوبل باستهجان الشارع اليمني أكد فيه أن البيض “رئيس للجنوب لا نائب للرئيس السابق” متجاهلا ان العالم يتعامل مع آخر صفة رسمية يشغلها المرء في بلاده.. وزاد أن صاحبهم “لم يكن طرفا في التوقيع على المبادرة الخليجية ولم يلتزم بالمبادئ التوجيهية للآلية التنفيذية للمرحلة الانتقالية معتبرا الإشارة إليه- والتي وصفها “بالخاطئة”- لاتستند الى اي مسوغ قانوني”- حسب احد الحراكيين. مضيفا انها: “إشارة سياسية وليس قانونية واستهداف سياسي واضح لقضية شعب الجنوب” حد زعمه ولا يعدو ذلك عن كونه مكابرة يائسة في الوقت الضائع وخروجاٍ عن الإجماع لن يتسامح معه العالم.
صحيح أن البيان لم يطالب الأطراف المحددة بمغادرة اليمن كما كان يؤمل بعض القوى السياسية وليس بحاجة لذلك الآن إلا أن مندوب بريطانيا في مجلس الأمن مارك ليال غرانت أكد في مؤتمر صحافي عقده أمس في اختتام جلسة المجلس أن البيان يعد “رسالة واضحة لكل أولئك الذين يهددون العملية الانتقالية تفيد بأن مجلس الأمن لن يقبل بذلك وأنه لا يعود اليه أن يحدد بشكل خاص ما يجب أن يقوم به طرف لكن ما لا يجب أن يقوم به هو تلك الأعمال التي تنسف العملية الانتقالية والحوار الوطني الذي يتوفر له دعم كامل من الأطراف الدولية”.
بدورها أكدت المندوبة الدائمة للولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة السفيرة سوزان رايس الليلة قبل الماضية على أهمية ما جاء في بيان مجلس الأمن الدولي الأخير من تأكيد واضح على دعم المجلس لمحاسبة الأطراف المعرقلة للمرحلة الراهنة”. وقالت: “لقد أكد مجلس الأمن استعداده لتبني إجراءات إضافية ضد أولئك الذين يتدخلون في المرحلة الانتقالية السياسية الجارية حاليا في اليمن”.. وأضافت: “لقد عبر مجلس الأمن الدولي من خلال هذا البيان عن دعمه لحوار وطني بقيادة يمنية وتشجيعه لمرحلة انتقالية شفافة تشمل الجميع.” معبرة عن ترحيب بلادها بالبيان الرئاسي الصادر عن مجلس الأمن الدولي أمس وتأكيد دعم المجتمع الدولي للعملية السياسية الجارية فيه ورفضه أية أعمال من شأنها إعاقة سيرها من أي طرف كان”.
أما في نظر رئيس تكتل أحزاب اللقاء المشترك- الشريك الرئيسي في الائتلاف الحكومي- فإنه “قرار دون المستوى وأقرب إلى قرار المهادنة منه إلى قرار الإدانة”.. ويتابع محمد الزبيري في تصريح خاص لمراسل لوكالة الأناضول للانباء أن المشترك كان يتوقع أن يصدر مجلس الأمن قرارا يحدد بوضوح من الأشخاص المعرقلين للمبادرة الخليجية واتخاذ عقوبات بحقهم”. وزاد: “إجمالا أعتبر القرار لا يلبي توقعاتنا ولا يرتقي إلى مستوى الحدث”. لكن الزبيري لا يخفي أن بيان مجلس الامن الدولي بشأن اليمن كان مفاجئاٍ.. يقول: “ان مطالب أحزاب المشترك التي طرحت منذ البداية هي تحديد معرقلي التسوية من أجل ان يعرف الجميع من هم المعرقلون للتسوية السياسية التاريخية في البلاد”.. وأضاف” “بيان مجلس الأمن الدولي كان مفاجئا للمشترك” وأكد أن: “قضية اليمن أثبتت انها القضية المتفق عليها بين جميع الأعضاء في المجلس”.
مشيرا إلى أن اليمن “تعيش حاليا تعقيدات كثيرة جدا وهي تحتاج إلى تبصر وهدوء حتى لا تنزلق الأمور”.. مؤكدا أنهم في المشترك “حريصون على الحوار وعلى كافة المطالب السلمية حتى لا تنشد الأوضاع باتجاه العنف”.
وتوقع الزبيري ردود فعل من قبل من حددهم بيان مجلس الأمن كمعرقلين للتسوية.. مشيرا إلى أنهم سيتعاملون مع تلك الردود بجدية حتى لا تصل الامور الى مرحلة التصادم وجر البلاد الى مربع العنف.
من جانبهم رأى شباب الثورة اليمنية في قرار مجلس الأمن اعترافا متأخرا بالأزمة في اليمن يقول محمد الصبري المتحدث باسم اللجنة التنظيمية إن البيان “إدراك متأخر بعد أن قْتل المئات من شباب الثورة أثناء فترة الاحتجاجات”. وطالب “بإصدار قرار حاسم يدعو لتشكيل لجنة تحقيق دولية في جرائم الطرفين المشار اليهما في البيان خلال سنوات حكمهما ومحاسبتهما عليها”.
لكنهم استدركوا بالقول: “إن البيان يعد انتصارا للثورة السلمية وأن الحاجة الآن إلى قرار أممي بفرض عقوبات على من تم تسميتهم في البيان كمعرقلين للتغيير”.
فيما يرى علي الصراري المستشار الإعلامي لرئيس الحكومة اليمنية: “إن بيان مجلس الامن هو تنبيه للمعرقلين لمسيرة التسوية السياسية في البلاد”. وأضاف لوكالة شينخوا: “اذا لم يتوقف هؤلاء المعرقلون اعتقد سيتخذ مجلس الأمن إجراءات ضرورية بحقهم”. وأكد: “أن اليمن فعلا تحتاج حالياٍ للجلوس بهدوء على طاولة الحوار الجاد وأن تبذل الجهود من أجل إيجاد حلول للمشكلات العالقة وهو الأمر الذي يحتاج إلى الابتعاد عن توتر الأوضاع وإيقاف الدفع بالبلاد نحو التشتت والتوتر”.. معتبرا: “أن بيان مجلس الأمن الدولي مهم لدعم العملية السياسية والاستقرار في البلاد وجعل الحوار فرصة حقيقية قابلة للنجاح”.
وفيما رحبت القوى السياسية والأحزاب ومنظمات المجتمع المدني اليمنية السبت 16 فبراير ببيان مجلس الأمن وتحذيره لمعرقلي المرحلة الانتقالية في اليمن من إجراءات رادعة وفقا للمادة 41 اعتبرت قيادات حزب المؤتمر الشعبي العام الشريك في حكومة الوفاق الانتقالية ترحيب مجلس الأمن الدولي بموعد مؤتمر الحوار دعما لعملية الانتقال السلمي في اليمن”.
وكان السكرتير الصحفي لرئيس حزب المؤتمر الشعبي العام أحمد الصوفي- اعتبر في تصريح لوكالة أنباء الشرق الأوسط- أن حث مجلس الأمن جميع الأطراف في اليمن على التزام حل الخلافات عبر الحوار والمشاورات دفعة جديدة للعملية السلمية وتأييد كامل للمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية المزمنة وخطوة إلى الأمام خاصة في مطالبته بعدم ممارسة أعمال العنف لتحقيق غايات سياسية والامتناع عن الاستفزازات.
وقال الصوفي: “إن مجلس الأمن حث حكومة الوفاق اليمنية على إقرار قانون للعدالة الانتقالية لدعم المصالحة الوطنية من دون تأخير إضافي واحترام سيادة القانون وحماية حقوق الإنسان وفق الالتزامات القانونية الدولية لليمن وتحديدا المتعلقة بالنساء والمنتمين إلى الفئات المستضعفة مثل الأطفال.
منتهى الوضوح
أما السفير أحمد محمد المتوكل فيرى في حديثه لـ(الثورة) أن هذا البيان كان في منتهى الوضوح فيما يتعلق بعدد من الجوانب سواء فيما يتعلق بالجهات التي سمى بعضها واتهم أطرافا أخرى دون أن يسميها وكنا نتمنى لو سمى وحدد الجهات المعنية في أطراف المعارضة المتهمة بعرقلة التسوية حتى لا يترك باب الاجتهاد والتأويل مفتوحا لدى المواطنين ولعل مساعد الأمين العام للأمم المتحدة جمال بن عمر استند في تقريره باعتبار أن الأطراف المتخاصمة التي تتبادل التهم قد جعلهم في خانة واحدة”.
ويضيف: “الموضوع المهم جدا الذي ورد في هذا البيان التأكيد على وحدة اليمن وأمنه واستقراره ووحدة وأراضيه والتأكيد على هذه النقطة لا شك أنه يضع حدا لكل الأوهام لكل الأفكار المشككين فيما يتعلق من موقف المجتمع الدولي من الوحدة اليمنية”.. وتابع: “كل القرارات حتى هذه اللحظة إيجابية وهي تعكس اهتمام المجتمع الدولي بالوضع في اليمن ونحن نرى في القرار الأخير تأكيده على متابعة الأوضاع خطوة خطوة ولا شك أن هناك اهتماماٍ غير مسبوق من قبل المجتمع الدولي بالنسبة للأوضاع في اليمن”.
المتوكل أوضح أيضا: ” أن القرار سيتعامل مع مواقف مختلف الأطراف بجدية كاملة وأستبعد أن يتجاهل المعنيون هذا القرار وإرادة المجتمع الدولي وأعتقد أن الجميع يحرصون على إنجاح المبادرة الخليجية وإنجاح الفترة الانتقالية وعلى المضي في إنجاح عملية الحوار وليس لأحد مصلحة في إعاقة التسوية ونجاح الحوار الذي يمثل حجر الزاوية فيما يتعلق بمستقبل اليمن. فالموعد قد تأجل وأخذ وقتا أكثر من الوقت الذي كان محددا وهو يعني إفساح المجال أمام مختلف الأطراف والمكونات لاستكمال بياناتها واستكمال المعلومات والشروط الخاصة بمرشحيها إلى مؤتمر الحوار وكما لاحظنا في اجتماع الجنة الفنية أمس أنه كان لديهم ملاحظات على قوائم الترشيح وأمامنا شهر كامل لإسقاط الأعذار أمام الجميع لتقديم قوائمهم وفق الشروط المطلوبة.
وزاد: “من المتعذر في نظري أن يقدم أو يتباطأ أو يتأخر أي حزب أو أي مكون من المكونات عن الإيفاء بالشروط وتقديم القوائم في الموعد المحدد مستوفية لكل الشروط المطلوبة ولا أتصور أن هناك مجالاٍ للتملص أو الالتفاف لأن الأمور واضحة والكل وافق للدخول في الحوار.
خطوة رادعة
فيما قال عبدالرحمن برمان- رئيس منظمة سجين الحقوقية ناشط في منظمة هود: ان البيان خطوة رادعة لكل من يسعى إلى عرقلة عملية التغيير والتسوية السياسية التي اتفقت عليها جميع الأطراف السياسية في اليمن”.
وتابع في حديث لـ(الثورة): “من خلال نص البيان الذي استند للمادة 41 يتبين لنا نقطتان أساسيتان أولا إلزامية القرار بالنسبة لأطراف العملية السياسية في اليمن وكذلك إلزامي لكل مكونات العمل السياسي الموجود والأطراف المشاركة في العملية السياسية بشكل عام.. ثانيا البيان تحذير ويمكن أن تتبعه عملية فرض العقوبات.. ولو استمر الأشخاص في عملية العرقلة يمكن إصدار عقوبات المحددة في 41 ثلاث عقوبات موجهة لدول ولكن يمكن تكييفها إذا كانت الأطراف داخلية مثل الجماعات المسلحة أو أحزاب أو تنظيمات سياسية أو مراكز قوى أو العاملين في السلطة كل الأطراف التي يمكن أن تصدر عرقلة يمكن أن يشملهم هذا القرار ويمكن أن تشمل العقوبات عقوبات اقتصادية كتجميد الأرصدة ومصادرتها وهناك أيضا عقوبات أخرى كالمنع من السفر أو استقبال هؤلاء الأشخاص للدول.
وأضاف برمان: “من خلال متابعتنا لمجلس الأمن القرار أَصدر بالإجماع وهذا يعطي له القوة والملاحظ أن أي قرار يصدر بخصوص اليمن يكون فيه الإجماع وهذا يدل على حرص المجتمع الدولي على خروج اليمن مما تمر فيه من وضع راهن وعلى نجاح الحوار الوطني والانتقال السلمي للسلطة وبناء دولة مدنية بكامل مؤسساتها. وهذه هي الخطوة الأولى للعقوبات ويمكن إذا حصل عرقلة من أي طرف سيتم تطبيق العقوبة”.
وأضاف: “قرارات مجلس الأمن جميعها جيدة لكن الإشكالية قرارات تأخذ وقتاٍ أطول لصدورها وهذا بطبيعة عمل مجلس الأمن وأعتقد أن اليمن قطع شوطاٍ طويلاٍ جدا وأن مجلس الأمن ساعد اليمن للوصول إلى هذه المرحلة.
بنود صائبة
أما المحامي هشام بازرعة- مستشار هيئة التحكيم الدولي- فيقول: “معظم بنود القرار بنود صائبة وتهدف فيما تهدف إليه إلى استقرار الأمن وتوحيد الصف اليمني والنهوض باليمن إلى مستوى أفضل ومن أهم البنود الذي نؤيدها هو البند السادس من البيان حول التزام مجلس الأمن بوحدة وسيادة واستقلال الأراضي اليمنية أما بالنسبة للبند السابع فيما يتعلق بقانون العدالة الانتقالية فإن ذلك قانون وضعي تسنه اليمن انطلاقا من المبدأ الدولي لسيادة الدولة على أراضيها”.
وأضاف لـ(الثورة): “أنا أؤيد القرار بشدة فيما يتعلق بوحدة اليمن وتوحيد الصف واحترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية لكافة فئات الشعب اليمني.. وأؤيد القرار في اتخاذ التدابير الصارمة ضد كل من يسعون إلى إعادة تقسيم اليمن كون الوحدة اليمنية هي أهم المنجزات التاريخية التي نفتخر بتحقيقها ونرفض أي نقاش يهدف إلى تقسيم اليمن واليمنيين ونقول مهما صدرت القرارات وتعددية الآراء فإن الوحدة اليمنية تظل خطاٍ أحمر ممنوع الاقتراب منه”.
أما فيما ورد من البند الثاني من البيان “فإن سيادة القانون هو المطلب الرئيسي باعتبارنا من رجال وحماة القانون ومسألة حقوق الإنسان والحريات الأساسية لكافة فئات الشعب اليمني هي من المبادئ الدستورية الأساسية التي حددها الدستور اليمني” قال بازرعة.
وللقاضي حمود الهتار وجهة نظر.. يقول: “من خلال القراءة الاولية لذلك البيان ومتابعة ردود الأفعال المؤيدة والمعارضة وجدتْ بأنه اشتمل على مبادئ أساسية ورسائل واضحة لكافة الأطراف المعنية داخلية وخارجية وأن الكثير من مناقشات وردود أفعال المؤيدين والمعارضين لذلك البيان قد انحصرت في ما ورد في البيان المذكور من ذكر الاسمين المذكورين دون بقية فقرات البيان بل ودون النظر الى السياق الذي ورد فيه الاسمان المذكوران. ولسنا هنا في معرض الاتهام لأحد أو الدفاع عن احد لكن ما ورد في بيان مجلس الأمن عن وجود تدخلات من قبل أفراد في اليمن يمثلون النظام السابق والمعارضة السابقة وغيرهم يثير العديد من الاسئلة : من هم أولئك الأفراد الذين يمثلون النظام السابق¿ ومن منهم ينتمي الى المعارضة السابقة¿ ومن المقصود بعبارة و”غيرهم”¿ هل هم من داخل السلطة ام من خارجها¿ وهل من جماعة الحوثي¿ ام من الحراك المسلح¿ ام من غيرهم¿ وكم عدد الاسماء التي اشتملت عليها قائمة مجلس الامن¿ هذه الاسئلة وغيرها ستجيب عنها الايام والأشهر القادمة” حسب الهتار.
وتابع: “اما عن المبادئ التوجيهية لاتفاق نقل السلطة وآليتها التنفيذية والتي ذكر البيان انهم لا يلتزمون بها فبالرجوع الى المبادرة الخليجية نجد انها قد اشتملت على قسمين تضمن القسم الاول على المقدمة والمبادئ الأساسية التي قامت عليها التسوية السياسية وفيها بيان واضح لأهم المقاصد التي تهدف المبادرة إلى تحقيقها على النحو التالي: (إن الأطراف الموقعة على هذا الاتفاق رغبة منها في تحقيق التسوية السياسية اللازمة التي يمر بها اليمن ووفقاٍ لما نصت عليه مبادرة مجلس التعاون لدول الخليج العربية بتاريخ 21 أبريل 2011م تستند على المبادئ الأساسية التالية: (أن يؤدي الحل الذي سيفضي عن هذا الاتفاق إلى الحفاظ على وحدة اليمن وأمنه واستقراره- أن يلبي الاتفاق طموحات الشعب اليمن في التغيير والإصلاح- أن يتم انتقال السلطة بطريقة سلسلة وأمنه تجنب اليمن الانزلاق للفوضى والعنف ضمن توافق وطني- أن تلتزم كافة الأطراف بإزالة عناصر التوتر سياسياٍ وأمنياٍ- أن تلتزم كافة الأطراف بوقف كل أشكال الانتقام والمتابعة والملاحقة من خلال ضمانات وتعهدات تعطى لهذا الغرض.
ومن خلال القراءة الاولية للبيان المذكور- يقول الهتار- وجدتْ بانه قد اعد بناء على تشخيص للاوضاع الراهنة ومسار التسوية السياسية وما انجز منها وما لم ينجز وانه قد اعد بلغة قانونية راقية بغض النظر عن اتفاقنا أو اختلافنا حول ماورد.
وأشار الهتار إلى أن البيان تضمن العديد من الرسائل الموجهة الى سلطة الوفاق وأهمها: ان يقود اليمنيون الفترة الانتقالية بانفسهم بما يساعد على تعزيز الالتزام بمبادئ الديمقراطية- الحكم الرشيد- سيادة القانون- المصالحة الوطنية- احترام حقوق الانسان والحريات الاساسية لعامة الشعب اليمني. وأن يكون مؤتمر الحوار الوطني شاملا يستوعب المشاركة الكاملة لجميع شرائح المجتمع اليمني ومناطقه الجنوبية والمناطق الاخرى والمشاركة الكاملة والفاعلة للشباب والنساء سرعة المصادقة على قانون العدالة الانتقالية لدعم المصالحة الوطنية احترام سيادة القانون حماية حقوق الانسان بموجب المعاهدات الدولية التي التزمت بها اليمن.
وتابع قائلا: -“ان المجلس طلب من كافة الاطراف الالتزام بـ: احترام الجدول الزمني والمعايير المنصوص عليها في اتفاقية انتقال السلطة التصرف بنية صادقة وبأسلوب بناء وشفاف وتصالحي يسوده الوئامحل خلافاتهم عبر الحوار والتشاور نبذ أعمال العنف بغرض تحقيق اهداف سياسية التوقف عن الاستفزازات الالتزام الكامل بقراري مجلس الأمن رقم 2014 لعام 2011م و2051 لعام 2012م.
وبناء على ما سبق يدعو الهتار كافة الأطراف الى قراءة البيان قراءة متأنية مع إمعان النظر في ما ورد فيه وتنفيذ التزاماتهم وفقاٍ للمبادرة وآليتها وقراري مجلس الامن وهذا البيان مع الاخذ بالاعتبار ما ورد في الفقرة الرابعة من وجود (تدخلات في عملية الانتقال السياسي من قبل أفراد في اليمن يمثلون النظام السابق والمعارضة السابقة وغيرهم ممن لا يلتزمون بالمبادئ التوجيهية لاتفاقية نقل السلطة وآليتها التنفيذية وأن مجلس الأمن قد يفاجئ الجميع بأسماء أخرى من النظام السابق أو المعارضة السابقة أو من غيرهم أو منهم جميعاٍ كما أدعوهم الى نبذ أسباب الفرقة والخلاف لأن الشعب لم يعد قادراٍ على تحمل خلافاتهم.
بدوره أوضح المركز اليمني للدراسات الديبلوماسية أن البيان أكد بما لا يدع مجالاٍ للشك أن زيارة أعضاء المجلس لم تكن استطلاعية فحسب ولكنها كانت هامة ودقيقة بكل المعاني تبين له ذلك من خلال مادار في الاجتماعات والمباحثات التي تمت في صنعاء مع مختلف المكونات حيث إستند في بيانه الرئاسي كذلك إلى كافة المعلومات والتقارير التي رفعها ويرفعها سفراء الدول الشقيقة والصديقة إلى حكوماتهم عن حقيقة الأوضاع الصعبة والمراهنات والتحديات المؤدية إلى نجاح مؤتمر الحوار الوطني من فشله.
وأضاف: احتوى البيان على عبارات وبنود قوية وصريحة وأنه لن يتوانى عن اتخاذ إجراءات رادعة في حق من يعيق التسوية مشيراٍ إلى المادة41 التي سوف تدرس الإجراءات الإضافية في حال استمرار إحباط وإفشال المؤتمر وصولاٍ إلى تطبيق العقوبات الواردة في الفصل السابع من الميثاق الذي لايرحم.
واختتم بلاغه بالقول: ترحيبنا بالبيان من أجل أن يفهم الجميع أن اليمن في حاجة للحوار الصريح والواضح الهادف إلى إخراج اليمن من وضعه الحالي الميؤوس منه وتقديم وثيقة أو خارطة طريق تحدد مستقبل اليمن الجديد من خلال مشاركة خيرة رجالات ونساء وشباب اليمن الحريصين على سعادة اليمن وأمنه واستقراره وصولاٍ إلى قيام دولة النظام والقانون والمواطنة المتساوية.

قد يعجبك ايضا