لحظة يا زمن…حكاية العصفور
محمد المساح
كان هناك مرةً عصفور له جناحان تامان بريش براق وألوان خلابة .
باختصار ، طير خلق ليطير في السماء للمتعة الكبرى لمن يراقبه .
ذات يوم شاهدت امرأة هذا العصفور وفتنت به .
نظرت إليه وهو يطير فاغرة فمها من الإعجاب ، بقلب يدق بجنون ، وعينين تلمعان من التأثر .
دعاها لمرافقته ، وطارا معاً بانسجام تام كانت معجبة بالعصفور تجلّه ، وتكبره .
لكن المرأة فكرت يوماً: « هل سيحب اكتشاف جبال بعيدة ؟//.
وخافتْ . خافت ألا تنتابها هذه الحالة مع عصفور آخر وشعرت بالغيرة – غيرة من قدرة العصفور على الطيران .
شعرت بالوحدة .
« سأنصب له فخاً ، فكرت عندما يظهر العصفور في المرة القادمة لن يرحل ثانية أبداً «.
في اليوم التالي ، عاد العصفور ، الذي كان هو أيضاً مأخوذا جداً لرؤيتها .
وقع في الفخ ، وحبس في قفص .
كانت المرأة تتأمل كل يوم .
كان موضوع شغفها وكانت تربيه لصديقاتها اللواتي يقلن متعجبات: « أنت شخص حصل على كل ما يتمناه « إلا أن تغيراً غريباً بدأ يحدث: بما أن العصفور أصبح ملكاً للمرأة ولم تعد بحاجة للفوز به ، فقد أهملته .
ذبل العصفور الذي لم يعد يستطيع الطيران أو التعبير عن معنى حياته ، وفقد ألقه ، وبشع منظره ، وكفت المرأة عن الاهتمام به إلا لإطعامه وتنظيف قفصه .
ذات يوم جميل مات العصفور ، حزنت على موته حزناً عميقاً ومنذ ذلك الوقت لم تتوقف عن التفكير به .
لكنها لم تكن تتذكر القفص ، بل تتذكر اليوم الذي لمحه فيه للمرة الأولى وهو يطير سعيداً عالياً بارتفاع الغيوم .
لو أنها راقبت نفسها لاكتشفت أن ما أثر فيها بهذه القوة لدى العصفور هو حريته ، قوة جناحيه وهما يتحركان وليس مظهره الخارجي .
بدون العصفور فقدت حياتها بالذات معناها ، وجاء الموت يطرق بابها .
« لماذا جئت؟ « سألته المرأة .
لكي تستطيعي الطيران معه مجدداً في السماوات ، أجاب الموت .
لو أنك تركتيه يذهب ويعود كل مرة لأحببته وأعجبت به أكثر ، أما من الآن وصاعداً فإنك تحتاجين لي كي تلتقي به .
« من رواية احدى عشرة دقيقة «
للروائي البرازيلي « باولوكويلهو»