الوحدة العربية .. مقلب كبير

محمد خالد عنتر

بلاد العرب أوطاني
من الشام لبغداد
ومن نجدٍ إلى يمنٍ
إلى مصر فتطوانِ
أغنية الوحدة العربية التي كنا نرددها في أيامنا المبكرة  .. طلعت مقلب .. والأمل القومي العظيم بتكوين أمةٍ عربيةٍ واحدة تحت حكمٍ واحد وسيادةٍ واحدة .. كمان طلعت مقلب ..
الوحدة العربية يا أيها المؤمنون هي مجرد أغنيةٍ وقصيدة أو ربما جزءٌ من قصةٍ لكاتبٍ مغمور  لم تكتمل بعد ولن تكتمل ..
لقد تمكن العرب من التطبيع مع الكيان الصهيوني ولكنهم مع ذلك عجزوا عن تحسين علاقاتهم مع بعضهم البعض..
وكلما نشأ مشروعٌ وحدوي مات في رحم أمه وسقط لحماً أحمر ..
لقد تمكن العرب وفي ليلةٍ ظلماء وحيدة من تشكيل تحالفٍ ضخم .. وحركوا أساطيلهم البحرية والجوية وأعلنوا النفير العام والغضب الشعبي ..
واتجهوا مشمرين عن سواعدهم إلى دولةٍ أخرى شقيقة .. وأخذوا يرددون في المحافل العامة أن أحلام الأجداد بالوحدة العربية قد تحققت ..
وأخذ كبيرهم يصيح في المنابر بتهكم .. (وحدة دي ولا مش وحدة يا متعلمين يا بتوع المدارس)؟؟
توحد العرب أخيراً ليقتلوا عرباً آخرين بتهمة أنهم فرس .. بينما وسعوا حجم علاقاتهم الدبلوماسية مع الفرس  أنفسهم ..
لقد آمنا نحن بالوحدة .. أجل ..
ونحن نريدها بقوة .. فالوحدة يا عرب هي أمثل الحلول لنا جميعاً .. لأن الوحدة خيرٌ من جليس السوء ..
وأنتم يا عربان المشرق والمغرب لستم أكثر من رفقاء سوءٍ توحدتم مع العدو فاضطر الشقيق إلى التوحد بنفسه منكم ومن شركم ..
بلاد العرب أوطاني .. وأوطاني بين يدي المستعمرين ..
والشام وبغداد سقطتا منذ زمن ومن أسقطها هم “العرب” أنفسهم .. أما نجدٍ فقد انقضت على اليمن بعد أن تحالفت مع مصر وملوك تطوان ..
لقد باعدنا الحد وفرقنا الدين واستعضنا عن الضاد بالدال .. ونسينا قحطان وعدنان ..
عدونا واحدٌ أجل يا سادة.. ولكننا نحن المتفرقين ..
نظرية “عدونا واحد” هي حقيقيةٌ تماماً .. ونحن بالفعل نؤمن بها بل ونطبقها بحذافيرها .. لذلك فقد عادينا أنفسنا وتوحدنا جميعاً على هذا العداء ..
وفي نفس الوقت نكتفي بقذف الاحتلال والظلم بأقذع الصفات التي أصبحت جزءاً من تراكيب العرب الاجتماعية ..
نظرية “المؤامرة” أيضاً حقيقية .. فلا أحقر من تلك المؤامرة التي قادها أقوياء العرب ضد ضعفائهم .. حين أصبح الأقوياء ملوكاً على الذهب الأسود القاتم كدمائنا التي تخثرت في ميادين النزاع..
الوطن العربي .. لقد مرت عليّ هذه الجملة من قبل !!
أجل .. إنه اسم مكتبٍ للعقارات في الحي المقابل لمنزلي .. يرتاده أصحاب رؤوس الأموال والتجار المسؤولون ليشتروا كل يومٍ قطعة أرضٍ جديدةٍ أو منزلٍ قديمٍ ليهدموه ويبدأو ببناء مشاريعهم الخاصة مكانه ..
الحلم العربي كذلك سيبقى حلماً .. لأن العرب لا يزالون نائمين .. ولا يزال العالم مستيقظاً وفي قمة نشاطه لممارسة حياته اليومية بكل بساطه ..
بينما الحلم العربي لا يزال مستمراً .. حتى إشعارٍ آخر.

قد يعجبك ايضا