المحتكرون والمحتالون يحرمون الفقراء من اسطوانة الغاز !!

استطلاع  –  أحمد حسن
فيما لاتزال وزارة المالية تتسلم 55 ألف ريال تقريبا كسعر رسمي لكل طن من الغاز المنزلي المباع عبر شركة صافر المزود الوحيد للسوق اليمنية بالغاز المنزلي علما بأن الطن الواحد يساوي 86 اسطوانة ، هاهي اسطوانة الغاز تباع يومنا هذا بأكثر من 4400 ريال في العاصمة صنعاء أي أن الطن الواحد يبلغ قيمته 344 الف ريال بفارق يصل إلى 235 ألف ريال تذهب إلى جيوب تجار ومتنفذين ومافيا الحروب في مأرب وصنعاء والطرق الموصلة بينهما، أما المواطن اليمني الفقير وهو المتضرر الأول من هذه الأسعار فلم يعد قادرا على الحصول على اسطوانة غاز ليطبخ عليها طعامه  ممايهدد حياة الملايين من اليمنيين بسوء تغذية ويقلب حياتهم إلى شقاء وهنا الظلم بكل مقاييسه، فمن يمكنه تحقيق العدالة في هذا المجال ؟.

أسعار ترتفع
مع معاودة ضخ مادة البنزين في السوق اليمنية من قبل شركة النفط الأسبوع الحالي والماضي تفاجأ المواطنون بارتفاع متسارع في أسعار اسطوانات الغاز ضمن مفارقة عجيبة تؤكد أن في الموضوع ممارسات بشعة توجه على المواطنين اليمنيين في كل المحافظات إذ بدأ موزعو الغاز المنزلي  عبر الطرمبات برفع الأسعار من 4000 ريال إلى 4500 ريال وفي مناطق أخرى بأكثر من ذلك ،ويشير الحاج صالح مقبل إلى أنه اشترى الأسبوع الماضي اسطوانتين بـ8800 ريال وهو أعلى سعر يشتري به خلال شهر فيما اشرى جاره اسطوانة قبل يومين بأكثر من 5000 ريال.
تحدٍ
يعتبر المواطنون ارتفاعات أسعار الغاز تحدياً صارخاً لمنظومة الرقابة الحكومية المفترض بها أن تتم في بلادنا وهي منظومة تتكئ على القانون منذ زمن طويل ويبجلها الدستور والتشريعات النافذة دون منازع  لكنهم مع ذلك يتلمسون الأعذار في زمن لم تعد فيه أدنى مقومات الدولة فغيابها جعل المتنفذين يتجارون بالغاز ضمن شبكة تتربح منه وتجني أموالا طائلة تفوق 3000 ريال في الاسطوانة الواحدة وهؤلاء يقبعون في مأرب وصنعاء ومابينهما كما تشير تحليلات إلى أن أرباحهم في اليوم الواحد تبلغ 150 مليون ريال بحساب أنهم يضخون مايزن  50000 اسطوانة إلى أمانة العاصمة صنعاء ويمكن أن يرتفع الربح إلى 300 مليون ريال إن تم ضخ مايعادل 120 ألف اسطوانة وهو ماتحتاجه المحافظات مع أمانة العاصمة كما يقول التقرير الأسبوعي عن إمدادات الغاز بوزارة الصناعة والتجارة والتي أشارت إلى أنها تضخ 120 اسطوانة يوميا الأسبوع قبل الماضي .
الاحتيال
شركة الغاز وبالتعاون مع المجالس المحلية بتخصيص نحو 2000 اسطوانة لأمانة العاصمة في اليوم وعبر عقال ومتنفذين بالمديريات يتم توزيع 20 اسطوانة لكل حارة وحين يستلم المواطن اسطوانة واحدة عليه الانتظار لمدة شهر كامل ليتسلم الأخرى بسعر 2100 ريال فيما تتبجح شركة الغاز أنها توفره ب1250 ريالاً وهذا هراء ،يقول الحاج حسن علي إنه تمكن خلال الأشهر التسعة الماضية من الحصول على اسطوانتين في مديرية معين ولم يتسلم غيرهما طيلة هذا المدة كما أقرانه في تلك الحارة.
الحاج حسن هو رجل عجوز عمره فوق السبعين عاما وهو من الفقراء لم يشفع له فقره لدى القائمين على التوزيع بل يتم التحايل عليه أسبوعا بعد أخر حين يوهموه أن دوره سيكون الأسبوع القادم.
مفاجأة
في مديرية الثورة بالعاصمة صنعاء كانت المفاجأة حين قال أحد المشرفين المساعدين لعاقل الحارة في تسجيل وتوزيع السكان لتسليم اسطوانة غاز: إنهم لم يعودوا يسلموا للفقراء مطلقا فالأغنياء في الحارة حسب قوله اتفقوا على تسليم حصة الحارة المكونة من 20 اسطوانة فيما بينهم على أن تسلم منها أربع اسطوانات للمشرف وعضو في المجلس المحلي مزكى من العاقل وهذا ما يتم بالجوار من منزلي منذ شهور.
الفقراء
لم يعد الفقراء يستطيعون شراء اسطوانة غاز من الطرمبات وفقا لسعر 4000ريال او أكثر  وبدأوا الاتجاه نحو التحطيب وقلع الأشجار من الشوارع والبحث عن كراتين ومخلفات يمكن حرقها للحصول على شعلة نار وهذه سمة موجودة في كل حارة وحي بأمانة العاصمة أما في القرى الريفية فهناك التحطيب يسهم في إبقاء النار مشتعلة بمطابخهم ،ويشير عبد الغني المصباحي باحث اجتماعي إلى أن الفقراء يعانون بصمت فمبلغ 5000 ريال مبلغ لايمكنهم جمعه ليشتروا به اسطوانة غاز في ظل تفاقم الدخل وفقدان فرص العمل في هذه الأوضاع الصعبة والعدوان والحصار التي وقعت على الشعب اليمني ،إذ فقد المئات من الآلاف العاملين في القطاعات الخدمية والقطاع الخاص والعمل اليومي اعملاهم وبالتالي مصدر دخلهم وهؤلاء لم يعد باستطاعتهم شراء اسطوانة غاز بهذا المبلغ.
أسعار خاصة
وفقا لشركة الغاز فإنها تبيع للمستهلكين عبر معارضها بسعر 1250 ريالاً ،لكن معارضها في أمانة العاصمة كم عددها حتى تتبجح بأنها توفر لها حيث أنها حوالي 50 معرضا كانت قبل الحرب 37 وزادت الآن لهذا الرقم توفر لكل معرض 200 اسطوانة في اليوم في أكثر الأحوال ديمومة فهذه الشركة وعبر وكلائها لاتمتلك اسطولا للنقل يمكنه حمل 2000 اسطوانة ،كما أن توفير الأسطوانات في ظل الطلب القوي من السوق يعتبر مخاطرة لأن القائمين عليها يسيل لعابهم عندما يتم إغراؤهم بمبلغ 1000 ريال عن كل اسطوانة فما بالك بـ2000 او 3000 ريال لكل اسطوانة كم سيجنون من أرباح فهناك سماسرة يأخذون حصص المواطنين ويبيعونها لأصحاب المطاعم والبوفيات ومزارع الدواجن.
أحزان
للفقراء حكايات متنوعة مع اسطوانة الغاز والحصول عليها بسعرها الرسمي تتمحور تلك الحكايات حول طرق الاحتيال التي تمارس ومورست ضدهم خلال الفترة الماضية فمن حوالي ثلاثة أشهر كانت فرصتهم في الحصول على اسطوانة تكمن في بذل مدة زمنية تفوق الخيال في الانتظار في الطوابير الطويلة ليل نهار أمام محلات أو معارض الغاز التي تبيع بالسعر المدعم 1250 ريالاً وهكذا كان الفقراء يقضون أسابيع حتى يصل إلى الاسطوانة ،فكم من امرأة وشيخ عجوز تقطعت به السبل ليالي وأيام ليحصل عليها منهم من بقي 8 أيام ومنهم أكثر وأقل فترة هي خمسة أيام بلياليها وهو يحرس الاسطوانة ضمن أحلك أيام القصف والطيران المغير على صنعاء والانفجارات والرعب الشديد.
خلال هذه الفترة تم تسجيل إحصائي بالأسر في كل حارة تتبع لمديرياتها وتم توزيع كروت ليتم عبرها الاستلام ولكنها فشلت في إحقاق العدالة فلم يتسلم الفقراء سوى مرة في كل عشرين يوما ومرة في الشهر والآن ومنذ عيد الأضحى المبارك تقلصت الكميات ولم يعد للفقراء أي حصة.
الأغنياء
من العجائب كيف أن أناسا في المجتمع لاتزال لديهم القدرة المالية على الشراء من الطرمبات بسعر 5000 ريال يقومون بمزاحمة الفقراء في حصتهم إذ تفيد الوقائع في الميدان مدى المحابة التي تتم فالمجالس المحلية والعقال المسئولون عن الحصص لكل مديرية بدأو في توزيع الكروت سراً لأصدقائهم ولم يعد للفقراء سوى سماع أصوات هدير الأسطوانات في الشوارع وهي تعود لمنازل الأغنياء معبأة ،ويقول صالح فهد إن هناك شحة في الكميات ويتم محاولة إرضاء الناس في الحارات عبر التوزيع السري لبعضهم فقط وهم المؤثرون في المجتمع الذين يمكن أن يحدثوا بلبلة في الشارع.
الرقابة
لايرضى هذا الوضع العشوائي الاحتكاري الذي يمارس على المجتمع من أرباب الغاز وزارة الصناعة والتجارة ويؤكد الوكيل عبد الله عبد الولي نعمان وكيل قطاع التجارة الداخلية أن سوق الغاز في اليمن سوق غير منظم لاتعرف الوزارة من يديرها وكل الطربمات الموجودة في الشوارع هي غير قانونية ولايوجد معها أي تصريح فهي مخالفة وخطورتها كبيرة لأنها لم تلزم أولا بقوانين الوزارة والسلامة والعمل التجاري.
ويؤكد أن هناك مافيا تتاجر في الغاز وهذا بدون شك فالأسعار التي ترتتفع وتنخفض بمزاجيتهم هي دليل على محرك خفي يحقق مليارات الريالات في الشهر والسنة ويستفيد من هذا الوضع ابتداء من مارب وانتهاء بكل محافظة.
ويقول لدى الوزارة الآن استراتيجية لتوازن السوق وضبطه وهي صاحبة الحق في ذلك أولاً وثانياً لأن الغاز هو وطني ومحلي لا يمكن لأيّ جهة السيطرة عليه سوى الدولة ووفقا للقوانين والتشريعات النافذة.

قد يعجبك ايضا