لا عدوان إلا على الظالمين
منذ بدء الخليقة وعدالة الله سبحانه في خليفته على الأرض كانت تجرى وفق انضباط دقيق لا يختلف ولا يحيد ووفق سنة كونية متواترة يحدث فيها سجال أزلي بين الخير والشر لا يتبدل ولا يتأثر وإنما يستمر في كر وفر كالشمس والقمر وتعاقب الليل مع النهار , قد يختلف الزمان أو يتغير المكان وقد يتبدل الجبابرة والظالمون لكن المؤكد غاية التأكيد أنه لا بد بمقياس ما أن يتشابه الإفساد في الأرض وإهلاك الحرث والنسل أو ربما تكرر ذاتها الجريمة وتتطابق في بعض أحداثها ثم في نهاية المطاف تكون عاقبة الطغاة والمفسدين حتما وخيمة وكارثية.
ولمن يشك في ما سبق فما عليه إلا أن يدقق في تاريخ البشرية منذ خلق الله آدم عليه السلام حسب ما ورد في القرآن الكريم وسيلاحظ في القصص أن لله في تمكينه للطغاة حكمة دلالاتها بارزة ونهاياتها عاجلة حيث حدث ذلك في مناسبات عديدة أمهل الله فيها الجبابرة والمفسدين على الأرض لكنه وعند بلوغ الظلم مداه الأقصى على عباده المستضعفين كان في ذلك بشرى لهم وإعلانا بالزوال القريب والفرج والنصر والتمكين.
فسبحانه ما أعدله , اقتضت سنته ومشيئته أن يتمكن الطغيان من أسباب الأرض وحينها يشعر الظالمون أنه لا توجد ثمة قوة كونية تضاهيهم فيدعون الربوبية ثم يتعاملون مع الناس كأنهم الإله هنالك يستعجل الله زوالهم وضربهم بيد انتقامه وسخطه أو بيد أوليائه وعباده الصالحين أولي قوة وبأس شديد فيثبت لأولئك الطغاة المغفلين ومن والاهم زيف أوهامهم وعجزهم جميعا وإعاقتهم أمام قوة خالق السماوات والأرض مهما بلغت عدتهم وعتادهم وتعداد جندهم ومهما اقتنوا أحدث الأسلحة الجوية أو البرية والبحرية إلا أنهم في العاقبة هم الأخسرون لا محالة.
الشاهد هنا هو أن العدوان السعودي الصهيوني الذي تكالب معهم طغاة العالم فيه لإركاعنا لغير رب العالمين ليس الأول من نوعه في التاريخ ولا الثاني والثالث أو التاسع والعاشر وإنما اعتداء مكرر بأدوات عصرية وفيه تحد صارخ لله وتجاوز لحدوده وحرماته.
عدوان أقدم عليه جبابرة العالم وأغنيائه سفكوا فيه دماء فقراء ومستضعفين وانتهكوا حرمة شعب بأكمله وكما فعل الذين من قبلهم الذين علو في الأرض وأفسدوا فيها وهم أنفسهم أولئك الذين اقتص المنتقم منهم بيده كقوم نوح ولوط وعاد وثمود أو من جعل نهايتهم وجنودهم بيد أوليائه وعباده الصالحين كالنمرود وفرعون وجالوت وقوم تبع وأصحاب غزوة الأحزاب .. إلخ .
حتى أولئك الذين تباهوا بقدر ما توصلوا له من علوم الأرض سواء في السحر والطب أو الشعر وغيره كانت سنة الله تقضي بإرسال من يخزيهم ويريهم ضآلتهم وحقارتهم أمام علمه وملكه الذي وسع السماوات والأرض.
والمعنى من هذا أن من يتباهى ويتبختر على خالقه ويستضعف خلقه فذلك مؤشر إيجابي لتسري حكمة الله وسنته فيه والتي تحكم عليه بالزوال العاجل ومصيره دائما مصير الأقوام التي هلكت من قبل ببطش القوي العزيز الذي لا يمهل الظالمين كثيرا على الأرض فما إن يظنوا أنهم بلغوا أسباب السماوات والأرض إلا وكان في ذلك استفزازا لقدرة الله وأمره بسحقهم وطيهم من الوجود أو رضاه ومنه على المستضعفين من جنده وتمكينهم في الأرض إلى ما يشاء أو إلى أن يتمكن الشيطان ثانية ويلهيهم بالدنيا وملذاتها هنالك يسلط الله عليهم شرار خلقه من جديد وهكذا دواليك.
وهكذا أيضا ستكون عاقبة هذا العدوان الظلوم على بلادنا حيث ووفقا لذات السنة الإلهية فإن نهاية هؤلاء الجبابرة وشيكة وستكون بإذن الله على يد أنصاره أولي بأس شديد ليثبت مالك الملك مجددا لخلقه أنه القاهر فوق عباده وأنه على كل شيء قدير وأن فراعنة هذا العصر آل سعود ومن ورائهم أمريكا وإسرائيل وجميع أوليائهم هالكون بيد جند الله الغالبين وكما هلكت القرون الأولى ولن تنفعهم حينها شياطينهم وأساطيلهم ومخزونهم النفطي وعلومهم التي مكنهم الله منها فسخروها في الكبر والخيلاء والفساد وإهلاك الحرث والنسل وإبادة الشعوب واستضعافها فلله الأمر من قبل ومن بعد وهو أحكم الحاكمين.