عندما زار البياتي اليمن
طفي الثمانينيات أو في مستهل عقد التسعينيات زار اليمن الشاعر العراقي العربي الكبير عبدالوهاب البياتي – رحمه الله –.. وأظنها الوحيدة التي رافقه فيها الشاعر اليمني الجميل خلقاً وخُلقاً محمد علي الشامي, وكانت مدينة تعز إحدى محطات الزيارة.
ولا شك أن الشاعر الشامي قد تحدث مع الشاعر البياتي عن الحالمة تعز وعن شبابها المنفتح على كل الثقافات والذي يعيش عصره .. وقرر الشامي يومذاك أن يقيم أمسية شعرية للشاعر الكبير في مدرسة الشعب .. في مسرح المدرسة .. ويبدو أن الأمسية لم يعلن عنها .. وجاءت لحظة الأمسية ويا للهول مما حدث.. غاب المثقفون والشعراء .. وتدفق على الأمسية مجاميع كبيرة من العوام شقاة وعمال مقاه وقد ظنوا أنها حفلة غنائية للفنان أيوب طارش عبسي .. وبدأت الأحاديث تدور بين الحضور تتساءل عن أيوب طارش عبسي .. أو غيره من الفنانين (وهات يا رغي وياهدار) وانزعج الشاعر الشامي .. ومع ذلك تحامل على نفسه وقدم شاعر أباريق مهشمة وبستان عائشة .. إلخ دواوينه الشعرية.
؟ البياتي .. ويبدو أنه قد شعر بالمطب أو الورطة .. وبدأ بإلقاء قصائده:
النص
الليل في كل مكان .. وأنا أنتظر الإشارة
وددت لو أغرقت هذا المركب المليء بالجرذان
وهذه المدينة المومسة الشمطاء
لو علق هذا الببغاء الأعور السكران
من ذيله بالكلمات والدمى الصلعاء
الساسة المحترفون ورجال المال والملوك
سادة هذا العالم المنهوك
وأنت سيد بلا مملوك
عليك مكتوب بأن تحوم حول السور
تلتقط الفتات والقشور
تجوب هذا العالم الماخور منسحقا مغرور
بعد أن صمت هنيهة ألقى القصيدة التالية ولأن العبسبين .. أيوب وعبدالباسط لم يحضرا بدأ الحاضرون بالانسحاب ولم يبق إلا القلة من عشاق الشعر ألقى البياتي عليهم قصيدة (امرأة).
تعود كل ليلة من قبرها النائي
إلى مدائن الصفيح
تمارس الحب مع الشيطان في بيوتها
تصهل مثل فرس في الريح .. وكلما أدركها النعاس
في تجوالها عادت إلى الضريح