ن …والقلم.. صاحب الزعقه !!!
عبد الرحمن بجاش
ليس من العدل أن نظل نردد أن الناس صامدين, بينما هم في حقيقة الأمر متعبين , ومعظمهم من الفاقة لم يعد يستطيع حتى على الكلام , ومن تنطبق عليهم (( ارحموا عزيز قوم ذل )) كثروا إلى درجة أن الطابور يكبر كل يوم ولا ندري من سيكبر على الآخر طابور البترول أم طابورهم !!! , عندئذ سيكون ضرب من العبث ان تتحدث عن شعب موجود , بل ستجبرك اللحظة على ان تقول (( هنا كان شعب )) كشاهد القبر لرجل عزيز أوصى أن يكتب على شاهده (( هنا يرقد إنسان لا وجود له )) !!! , وبالأمس هالتني رسالة صغيرة كبيرة في المعنى , كتب إلى صاحبها ويفترض انه من بيت تجاري مشهور (( خجلت أن أكلمك , بل ترددت , هل يمكن إقراضي 10 آلاف ريال إلى حين ميسره )) . تحولت اللحظة أمامي إلى ما يشبه فك ثعبان تمنيت أن يلتهمني ويخلصني من هول الشعور الذي استولى على كل حواسي فلم ادر ما أقول , لكنني ولكي لا أكون سلبيا أو ادعه على قائمة الانتظار رديت عليه (( لم يبق لي سوى الراتب )) , فأنا أحرص وبشدة على ألا أوعد مريضا أو محتاجا . هذا الصديق والعزيز صوره مصغره لما هو عليه الحال في بيوت كثيرة , حيث قارب تجار كثيرون على الإفلاس , وآخرون على خسارة ماء وجوههم , وان أردتم فاذهبوا ليلا وبالخطوة البطيئة والهادئة إلى براميل القمامة وسترون ما حولها , هذا إذا كان عاد باقي في البراميل ما يمكن ان تمتد إليه الأيدي . أمام الجوع لا تنفع الشعارات ولا الوعود ولا الإ يهام بأن مستقبلا جديرا بالاحترام سيأتي , هنا الإنسان يسمع ببطنه, ويلغي سمعه كلية , وحين رفع عمر الحدود في عام الرمادة فقد كان يعي معنى الجوع , ولا يزال صوت تحريك تلك الأم للماء في قدرها إيهاما لأطفالها بوجود الطعام يدوي في البطون حتى اللحظة وإلى ما شاء الله , وما يزال صوت علي (( لو كان الفقر رجلا لقتلته )) هو الآخر يتداخل بصوت الماء في القِدر . هل يعي أحد ما أقول ؟؟ سؤال قاس برسم اللحظة , أما للحظات القادمة على صعيد البطون فلا يعلم أمرها سوى رب العالمين , ويعلم إلى أين ستؤدي !! , هل بقي رجل حكيم أو قوة حكيمة تعمل على أن تدري بما يدور في معظم معظم البيوت ؟؟؟ أتمنى صادقا ذلك ….أتمنى ألا يقدم صاحب الزعقه صاحبي على ما أراه قد شرع في عمله يوميا في دكانه دكان البهارات , فكل ما أمر أراه يأكل , وأكرر المرور فأجده يحرك فمه صعودا وهبوطا , وفي الآونة الأخيرة لاحظت أن كرشه يكبر , وما للحظة أيضا بالتوازي مع كُبر كرشه ان الزبائن اختفوا من كانوا لا ينقطعون , أخشى والأمر أنه قرر أن يأكل كل شيء , ويذهب , إلى أين ؟ هنا سيكون السؤال الأقسى , اترك لخيالكم مهمة الإجابة, على أن حالنا أصبح مثل حال صديقي وأخوته من كان والدهم يمنعهم من الخروج صباح العيد كأقرانهم , ويأمرهم بالبقاء في البيت لقراءة القرآن , وكلما ظهر هو وعمهم عليهم وجدهم يبكون , فيعلق مبتسما : تشوف الخشوع , قال صديقي : لم يكن يريد أن يدري أننا نبكي حنقا على عدم خروجنا !!!!!.