دمعة وفاء
وداعاً أيها العزيز ، بالأمس شيعنا وودعناك إلى مثواك الأخير بعد أن اختطفك القدر إلى جوار ربك الأعلى واستبدلك داراً خيراً من دارك وسماءً غير سمائك وجنة غير جنان الكون ، لطهارة قلبك وصدقك وتواضعك.
رحلت إلى جوار ربك وقلوبنا تعتصر ألماً وكمداً من هول الفراق والفاجعة بعد أن اختلط الحابل بالنابل وترنحت منظومة القيم وصار الدين سلعة في سوق النخاسة ، والجمهورية مجرد علم والديمقراطية لافتة والحرية فوضى والسياسة مزايدة وغالبية وسائل الإعلام بوقاً للمفلسين .
مرضت فشفاك الله وأصبت بجلطة فحفظك الله إلاّ أن القدر غيبك عنا إثر حادث مروري اختزل حياتك في بضعة أيام.. فقدناك أيها الجندي المجهول في بلاط صاحبة الجلالة ، فقدناك يا “حسن الكشري ” يامن كنت أول العابدين في محراب العمل طوال فترة التحاقك بمؤسسة الثورة للصحافة ، فكنت نعم الأب والأخ والصديق ، الناصح والأمين .. فقدناك يا من كانت ليديك الطاهرتين شرف الحفاظ على المؤسسة مع بقية الشرفاء وفي مقدمتهم الفقيد الأستاذ محمد ردمان الزرقة .. سباق لغرس أشجار الفاكهة والورود وأشجار الزينة في بستان المؤسسة وأرصفتها وما إن يحين قطاف الثمر توزع خيراتها إلى كال مكتب وموظف ، وما إن اختلت الموازين والقيم وارتفعت فوق صوت الحكمة في كل مؤسسات الدولة حتى صار بعضنا ينهش في لحم الآخر ، وصارت أشجار الفاكهة والورود الجميلة والأزهار البديعة تحت رحمة الأيادي العابثة عرضة للعطش ومعاول الوحوش الناقمة من مؤسسات الدولة .
ودعناك ياخير الأصدقاء يا من كنت أول الملتزمين بالدوام الرسمي ببسمتك ووداعتك ولطفك وأمانتك ومثابرتك وعزمك وإصرارك في تجهيز الفعاليات والاجتماعات وتزيين مبنى المؤسسة الصحفية الأولى في اليمن والسباق إلى رفع أعلام ثورة السادس والعشرين من سبتمبر وأكتوبر ونوفمبر وعيد الوحدة بكل حب وثقة حتى صرت نادراً ومحل استغراب في الزمن العجيب والغريب .
مازلنا وسنظل نتذكر أيام العمل وأوقات الفراغ وتناول الشاي بصورة يومية بدلاً عن مضغ القات والحديث عن الجوانب الإنسانية وعطفه ومودته الصادقة ، ولهذه السجايا العظيمة والقلب الطيب والمثابرة فقدنا أحد المعادن النفيسة التي قلما نجدها في عالم اليوم المشحون بالمظاهر والنفاق والفوضى ، ولهذا أحبه الله وقربه إليه فنام قرير العين. اللهم ارحمه رحمة الأبرار.