الثورة / رضي القعود –
قال وزير الثقافة الدكتور عبدالله عوبل أننا نعيش اليوم لحظة اقتراب حلم الدولة المدنية الحديثة الحلم الذي تناثرت بعض شذراته الأولى في مجلة الحكمة في ثلاثينيات القرن الماضي.. ووضعت بعض ملامحه المؤسسية حركة 1948م.
وأشار في محاضرة نظمها مركز (منارات) أمس بمناسبة الذكرى الثانية لثورة اليمن الشبابية تحت عنوان ” هل نقترب من حلم الدولة اليمنية المدنية الحديثة ” إلى أن ذات الحلم كان محركا ودافعا لثورتي سبتمبر 1962م و14 أكتوبر 1963م¡ لكنه تعرض وعلى مدى أكثر من نصف قرن للوأد والانهيار.. وأجهضت الحركة الدستورية.. وسقط مشروع الضباط الأحرار لقيام دولة وطنية . كما سقط حلم النخب الدينية المتنورة رغم تواضعه.. وسقط مشروع الدولة القومية رغم مفارقته للديمقراطية.
ولفت عوبل إلى أن أسباب فشل مشروع الدولة.. يكمن في طبيعة بنية المجتمع اليمني القبلي.. ونسبة الأمية التي وصلت إلى 98% عام 1962م وانغلاق حكم الأمة.. لكن الحلم عاد مجددا مع عودة العسكر باعتبارهم القوة الوحيدة المنظمة¡ واقتراب الحمدي من مشروع الدولة وكانت نهاية حكمه.
ونوه عوبل إلى وجود خصوصية يمنية تجلت في تاريخ الدويلات لأكثر من ألف عام¡ حيث كانت تتشابك علاقات السلطة بين النخب الدينية الحاكمة والمشيخة¡ وترسخت فكرة أن أي حاكم لا يستطيع تأمين سلطته بدون ضمان ولاء الشريحة المشيخية حتى بعد تأسيس جيش وقوات أمنية¡ وذلك لأن هاتين القوتين لم تقوم على عقيدة عسكرية حديثة بل في الغالب هي مطبوعة بذات القيم التي ربطت علاقة الحاكم بالقبلية. لافتا الا انه بالرغم من ذلك تحققت خطوات كبرى في مجال التعليم والصحة وتوسعت المؤسسات الرسمية رغم إفراغها من محتواها لصالح المؤسسة الموازية ومنظومة قيمها¡ حيث يتدخل العرف بديلا عن القانون.
وقال وزير الثقافة: اليوم لدينا طبقة وسطى رغم ضآلة حجمها – أساتذة جامعة ومحامي وقضاة وأطباء وصحفيون وك◌ْتاب وأدباء وفنانون وساسة وقادة- ودخلت التكنولوجيا ألحديثة.. بالإضافة إلى زيادة سكان الحضر إلى 26%¡ وتحول جزء من شريحة المشائخ إلى التجارة وحصول أبناءهم على مستويات تعليمية عليا. الأمر الذي جعل حلم الدولة يقترب أكثر¡ مؤكدا بأن ثورة الشباب السلمية هي من أعظم ألثورات كونها تأثرت بوسائل الاتصال الحديثة التي قربت لهم مفهوم الدولة والعدالة والمواطنة.
واوضح أن طريق الثورة لم يكن مفروش بالورود فقد استطاعت القاعدة أن تسقط أبين وشبوة وفصائل الحراك الجنوبي متعددة المطالب رغم عدالة قضيتها وقوى وتيارات وتداخلات وقطع الطرق والاعتداء على الخدمات العامة ظواهر كلها تحيل الحلم إلى سراب بين الزهو بالقوة وخلط الأوراق قوى وتيارات ظاهرها الوطنية وباطنها الخراب كلها تجتمع اليوم لهزيمة مشروع الدولة في مربع الثورة.
وأكد في ختام محاضرته أن حلم الدولة المدنية الحديثة بدأ يتحقق¡ وكل من يحاول واد أحلامنا عليه أن يدرك بأن اليوم ليس كما كان عام 1962م أنصار مشروع الدولة ليسوا أقلية وتوزع بعض القوى المحسوبة على الطبقة الوسطى بين قوى المال والنفوذ لا يعني اندثار الحلم جمع شتات قوى الدولة المدنية الحديثة تحت شعار الدولة المواطنة أمر مهم وقد آن الأوان للأغلبية الصامتة أن ترفع صوتها¡ فهي لحظة فارقة إما أن تجد لنا مكانا بين الأمم المتحضرة في عالمنا المعاصر وإما أن نبقى في عصور الجهل والتخلف.