تقرير/ قاسم الشاوش
تظل آمال وأحلام المهاجرين الفارين من مآسي وكوارث الحروب في بلدانهم والمتمثلة في البحث عن ملاذ آمن في دول الاتحاد الأوروبي التي كل يوم تعمل على تشديد الإجراءات الصارمة ضدهم مما يزيد من معاناتهم بذلك الموت” تظل آمالهم في مهب الرياح, حيث وصفت عدد من المنظمات المدنية العاملة في المجال الإنساني والتي تعجز حتى اليوم في تقديم مساعدات أو حلول حتى بسيطة لهذه التجارة ” تجارة المواد” التي يقف وراءها عناصر ومافيا بأن المقاربة الأوروبية بـ ” القمعية للهجرة العالمية” ولا علاقة لها بالواقع وشكل البحر الأبيض المتوسط ملتقى للحضارات المتعاقبة تاريخياً كما ظل معبراً للمهاجرين من مختلف الجينات من اتجاهات مختلفة قبل أن يتحول إلى بحر للهجرة السرية القاتلة في العقود الثلاثة الاخيرة, هذه العقود التي برزت فيها مظاهرات عدة على علاقة بالصراعات السياسية والعسكرية الدامية التي شهدتها الكثير من الدول الإفريقية والشرق أوسطية.
وفي هذا السياق تقف القمة الأوربية الأفريقية التي بدأت أمس في مالطا أمام العديد من قضايا المهاجرين أهمها وضع الحلول الخاصة بالحد من الهجرة وقبول القادة الأفارقة المشاركين في القمة التي تختتم أعمالها اليوم بعودة مزيد من المهاجرين غير المرغوب فيهم في اوروبا مقابل تعزيز المساعدات الاوروبية للتنمية في هذه الدول.
كما يسعى قادة الدول الـ28 الاعضاء في الاتحاد الاوروبي و35 بلدا افريقيا المشاركون في الاجتماع إلى معالجة “الاسباب العميقة” التي تدفع هذا العدد الكبير من الافارقة الى الرحيل من بلدانهم.
وصرح رئيس المجلس الاوروبي دونالد توسك امام برلمان هذه الجزيرة الصغيرة الواقعة في المتوسط أمس الأول : إن “هذه القمة هي قمة للتحرك”, وسيليها اجتماع غير رسمي للقادة الاوروبيين بمفردهم بعدما اتفقوا على اجراء مراجعة لازمة الهجرة المستمرة على الرغم من اقتراب الشتاء.
وذكر توسك أمس الأول أن “الاحصاءات الأخيرة تشير الى ان 1,2 مليون شخص دخلوا بطريقة غير مشروعة الى الاتحاد الأوروبي هذه السنة خصوصا عبر البحر”.
وفي آخر تطورات هذه الازمة التي تؤثر على توافق الاتحاد الاوروبي، اعلنت سلوفينيا انها ستضع “عقبات تقنية” على حدودها مع كرواتيا بما في ذلك “اسيجة في حال الضرورة” على حد قول رئيس حكومتها ميرو سيرار.
ورأت المستشارة الالمانية انغيلا ميركل التي تشارك في قمة مالطا، ان هذا الاعلان يعزز الضغط على الاتحاد الاوروبي لايجاد حل من اجل ضمان امن حدوده الخارجية بين تركيا واليونان.
من جهة اخرى، وفي مأساة جديدة لمهاجرين ذكرت وسائل اعلام تركية ان 14 مهاجرا بينهم سبعة اطفال ماتوا غرقا فجر أمس قبالة السواحل الغربية لتركيا بعد غرق مركبهم الذي كان متوجها الى جزيرة ليسبوس اليونانية.
وقالت وكالة الانباء التركية دوغان : إن خفر السواحل التركي تمكن من انقاذ 27 شخصا آخرين لم تكشف جنسياتهم.
وكان اجتماع فاليتا قد تقرر في الربيع الماضي غداة غرق سفينة اسفر عن مصرع اكثر من 800 مهاجر في المتوسط “الطريق” الذي يسلكه آلاف المهاجرين الافارقة.
ومنذ ذلك الحين انتقل مركز الاهتمام الى البلقان والى طالبي اللجوء السوريين الذين لا يزالون الاكثر عددا، لكن تدفق المهاجرين من افريقيا لم يتوقف, وقد قرر الاوروبيون ردع الذين لا يعتبرونهم لاجئين مع بعض الاستثناءات مثل الاريتريين.
وكان الاريتريون الاكثر عددا بين اكثر من 140 الف مهاجر وصلوا الى ايطاليا بحرا في 2015م. لكن منظمة الهجرة الدولية احصت اكثر من 19 الف نيجيري وآلاف الصوماليين والسودانيين والغامبيين.
وقال دبلوماسي غربي في فاليتا انه خلافا للاجئين السوريين، تشكل الهجرات القادمة من افريقيا “مشكلة طويلة الامد”. واضاف انه خلال الاجتماع “نريد ان نأخذ في الاعتبار كل الجوانب من عدم الاستقرار الى المناخ والفقر ومكافحة المهربين واجراءات الاعادة واعادة القبول”.
والنقطة الاخيرة عي الاكثر صعوبة إذ ان الدول الافريقية تدين سياسة “الكيل بمكيالين” بين معاملة مواطنيها والمعاملة الخاصة بطالبي اللجوء السوريين. وهي تطلب من الاوروبيين عدم اغلاق ابوابهم بالكامل.
ويفترض ان تؤدي هذه القمة الى “خطة عمل” تتضمن مشاريع عملية يفترض ان يتم تنفيذها قبل نهاية 2016م ويفترض ان تهدئ قلق الجانبين.
ولتشجيع بعض الدول الافريقية على “اعادة قبول” مزيد من المهاجرين المبعدين من اوروبا على اراضيها، ستقترح مساعدات مالية ولوجستية وخطط اعادة دمج محددة الاهداف.
وبينما تفوق الاموال التي يرسلها المغتربون مبالغ مساعدات التنمية، يفترض ان تتناول الخطة كلفة عمليات النقل هذه.
وتطلب الدول الافريقية تطوير “قنوات للهجرة القانونية” من السياحة الى الدراسة والعمل. لكن القادة الاوروبيين قلقون من رد فعل الرأي العام في بلدانهم ويبدون تحفظا كبيرا في هذا الشأن.
ولإبقاء الافارقة في بلدانهم، يريد الاتحاد الاوروبي ايضا تشجيع المبادرات التي تؤدي الى خلق وظائف والتحفيز على الاستثمار وخصوصا في المناطق الريفية. وهو يعد بمساعدة القارة على مواجهة موجات الهجرة الداخلية عبر مساعدة الدول التي تستقبل أعدادا كبيرة من المهاجرين مثل السودان والكاميرون واثيوبيا.
وسيتم الاعلان في فاليتا عن اتفاق مع اثيوبيا خصوصا.
ولتمويل المبادرات التي ستولد في مالطا، سيطلق الاتحاد الاوروبي صندوقا ائتمانيا لافريقيا. وستموله المفوضية بـ1,8 مليار يورو. وقد دعت الدول الاعضاء في الاتحاد الى المساهمة فيه لمضاعفة رأسماله.
وستضاف هذه الوسائل المالية الجديدة الى اكثر من عشرين مليون يورو من مساعدات التنمية التي يدفعها الاتحاد الاوروبي والدول الاعضاء فيه سنويا الى افريقيا.