حسم فسبوكي

معين النجري
الذين يتحدثون عن حسم عسكري في اليمن إنما يرغبون في مشاهدة المزيد من الدماء والأشلاء والخراب.
في اليمن لن يكون هناك حسم عسكري لصالح أي طرف، وإن حدث فسيكون حسماً مؤقتا وسرعان ما تندلع المواجهات والصراعات من جديد.
الغريب الذي أصبح سانداً أن معظم هؤلاء المطالبين بحسم عسكري واستمرار القتال يطالبون بذلك من خلف الشاشات بأنواعها لا من جبهات القتال وميادين المعارك، لذا فهم يتحدثون عن القتال بأريحية وبملامح ساكنة، يا هؤلاء حتى مشجعي الفرق الرياضية يظهر عليهم القلق من نتائج المباريات.
ربما اعتادوا على مشاهد القتلى، مشاهد جثث الأطفال الممزقة وأجساد الأمهات المرمية على أطفالهن في محاولة يائسة لحمايتهم .. مشاهد الدمار والخراب في كل زاوية وهذا الاعتياد هو نوع من أنواع الأمراض النفسية التي يستوجب علاجها ليعود أصحابها إلى الحالة السوية.
مثل هؤلاء يظهرون على الشاشات مبشرين بالدولة المدنية ودعاة حرية وعدل ومساواة في ظل قانون يحتكم إليه الجميع، لكن سرعان ما ينقلبون على أنفسهم في ذات المقابلة أو المداخلة أو الاتصال أو المشاركة الفيسبوكية عندما يتحدثون عن الصراع الدائر، فينقلبون من دعاة حقوق ومساواة إلى قارعي طبول استمرار الحرب ويطالبون بسحق خصومهم والقضاء عليهم واجتثاثهم من الأرض مهما كلف الأمر، ورغم أنهم يدركون جيداً أن الأمر سيكلف ضياع الوطن.
وهنا نتساءل.. مع من يريدون تطبيق المساواة والعدالة والحرية إذا كانوا سيسحقون خصومهم ويجتثونهم من البلد.
مثل هؤلاء مهما بالغوا في اختيار المصطلحات الحقوقية واختيار ربطات العنق الأنيقة وقصات الشعر الحديثة والكريمات اللامعة إلا أنهم مجرد متطرفين قتلة لا يختلفون مطلقا عمن يحمل البندقية لقتل أخيه.
هناك مثل يعني قديم يقول ما أسهل الحرب على المتفرجين، هذا المثل ينطبق عليهم تماماً، فالأطفال الذين يموتون تحت القصف ليسوا أطفالهم، والمنازل التي تدمر ليست منازلهم، أو ربما هناك من سيعوضهم أو تم تعويضهم عنها مسبقاً.
اليمن ليست ملكاً لأحد، وإذا لم يتقبل كل طرف خصمه ويتعايش معه تحت سقف نظام وقانون يشترك الجميع في وضعه واحترامه والالتزام به لن يقوم لهم ولا لليمن قائمة، وسنخرج من مستنقع لنقع في آخر.

قد يعجبك ايضا