مواقف دول الخليج بين تشابالا وكاترينا
حسن الوريث
شهدت اليمن خلال الأيام الماضية إعصار تشابالا الذي دمر أجزاء واسعة من السواحل الجنوبية والشرقية للبلاد وأحدث دماراً واسعاً في الممتلكات العامة والخاصة وأدى إلى تضرر أكثر من مليون و 200 ألف مواطن, كثير منهم نزحوا من منازلهم ومساكنهم وقراهم ومدنهم في سقطرى وحضرموت وشبوة والمهرة وبالتأكيد فإن الخسائر المادية تقدر بالملايين من الدولارات والجميع يعرف أوضاع اليمن وخاصة في مثل هذه الأيام التي تتعرض فيها لعدوان غاشم تقوده السعودية وبالتالي فالحاجة للناس تكون أكثر من أي وقت مضى .
ولم تحرك هذه الدول التي تقود عدواناً على اليمن ساكناً ولم تهتز شعرة واحدة لقادتها الذين يتغنون صباح مساء بمصلحة الشعب اليمني وأنهم يستميتون في الوقوف مع اليمنيين ومصالحهم ويؤكدون أن هذا العدوان إنما جاء لمصلحة الشعب اليمني وأمنه واستقراره ونراهم في هذه الكارثة التي شهدتها اليمن لم يقدموا أدنى مستوى من الدعم والمساندة لهذا الشعب, وأولئك المواطنين الذين يعانون أشد المعاناة جراء هذا الإعصار وتركتهم هذه الدول بين نارين النار الأولى نار الإعصار والنار الثانية عدم توفر إمكانيات الإغاثة وعدم قدرة الجهات المعنية على تقديم العون لهم بسبب العدوان والحصار ولم تتمكن الفرق الطبية والاسعافية وفرق الإغاثة من التحرك لنقل أي مواد أو القيام بعمليات الإجلاء والإغاثة والإسعاف والإنقاذ لمتضرري الإعصار بسبب العدوان والحصار المفروض جواً وبراً وبحراً ومنع هذه الفرق من التنقل والتحرك للوصول إلى أماكن الاحتياج.
وبالمقابل لقد تابع الجميع كيف أن هذه الدول نفسها أعلنت الاستنفار حين ضرب إعصار كاترينا أجزاء من الولايات المتحدة الأمريكية وقدمت المليارات للمواطنين الأمريكيين المساكين الذين يعيشون تحت خط الفقر ولا يمتلكون دولة قوية غنية تحميهم وتنقذهم وتسعفهم فتحركت النخوة لدى دول الخليج وخافت على أولئك الناس لذا فقد تبرعت بالمبالغ الهائلة لهم بينما في اليمن لم نسمع أي دولة من هذه الدول تتحرك لتنقذ المواطنين اليمنيين على اعتبار أن هؤلاء المواطنين مرفهون ومن أغنى أغنياء العالم واليمن تعد من الدول الغنية التي لا تحتاج لمساعدة هذه الدول للتغلب على آثار هذا الإعصار وبالتالي فهذه الدول الخليجية مطمئنة على الشعب اليمني الذي في نظرها لا يحتاج إلى من يساعده للتخفيف من معاناته جراء إعصار تشابالا .
هذا التناقض الكبير بين مواقف هذه الدول تجاه الشعبين اليمني والأمريكي يؤكد أن هذه الدول وهذه الأنظمة عبارة عن تابعين لأمريكا تحركهم كيفما شاءت ومتى شاءت وأن كل ما نسمع عنه ونتابعه من هذه الدول عن العروبة والإسلام وقيم الإخوة ليست سوى شعارات للاستهلاك فقط وإلا فكيف نفسر التناقض بين الموقفين وهما يمثلان حالة إنسانية واحدة تعرض خلالهما الشعبين اليمني والأمريكي لنفس الكارثة وربما أن حالة الشعب اليمني لها الأولوية على اعتبار أن اليمن دولة جارة لهذه الدول وقريبة ولن تكلف عملية نقل المساعدات والإنقاذ مثلما كلفته الحالة الأمريكية البعيدة عن هذه الدول في كل شيء لكنه النفاق وعدم الاهتمام بهذا الشعب المسكين المظلوم الذي يتعرض لعدوان وحصار من هذه الدول وكان يفترض بها أن تكون أول من يبادر إلى نجدته .
بالتأكيد لن أتحدث عن مجموعة الخونة والعملاء المتواجدين في الرياض وبعض دول الخليج والذين كان الأولى والأجدر بهم أن يكونوا أول من يبادر إلى الطلب من هذه الدول لتقديم الإغاثة للمواطنين اليمنيين الذين تعرضوا لهذه الكارثة لكنهم لم ولن يقوموا بأي شيء من هذا القبيل لأنهم يتلذذون بقتل أبناء شعبهم على مدى ثمانية أشهر بكافة أنواع الأسلحة ويحرضون هذه الدول على مواصلة عدوانها وحصارها فكيف تريدون منهم أن يطلبوا مساعدة هذا الشعب.
وختاماً لا يجب أن ننسى الموقف الشهم والشجاع من سلطنة عمان التي بادرت ومنذ الوهلة الأولى لهذه الكارثة بإعلان تقديمها لكل أنواع المساعدة بما فيها نقل المتضررين واستضافتهم في السلطنة وتقديم المساعدات الغذائية والإغاثية حيث كانت أول طائرة تحط في الأرخبيل هي الطائرة العمانية بينما الطائرات الحربية الخليجية الأخرى تجوب محافظات اليمن تطلق صواريخها وقنابلها ونيران أسلحتها على المواطنين اليمنيين وتدمر ممتلكاتهم وهكذا يجب أن يعرف أبناء الشعب اليمني صديقه من عدوه وأن هؤلاء العربان الذين سارعوا ملهوفين لتقديم الإغاثة للأمريكيين في إعصار كاترينا تخلوا عن الشعب اليمني ولم يقدموا له أي شيء في كارثة إعصار تشابالا بل زادوا من نيران حقدهم علينا وعلى بلادنا.