توجهوا إلى مدارسهم تحت القصف وأزيز الطائرات

أطفال وشباب اليمن.. مدرسة أخرى للصمود في وجه الطغاة

تحقيق/زهور السعيدي

سنكمل تعليمنا ولن تستطيع أي قوة في العالم منعنا من حقنا في التعليم وحقنا في الحياة.. هكذا كان لسان حال ملايين الطلبة اليمنيين وهم يتوجهون مطلع الأسبوع الماضي إلى مدارسهم في أمانة العاصمة صنعاء ومختلف مدن اليمن تحت القصف والتحليق المكثف لطائرات العدوان السعودي التي جعلت من المدارس التعليمية هدفا عسكريا منذ بدء عدوانها المستمر للشهر الثامن على التوالي حتى اليوم..، وألحقت دمارا هائلا في مرافق التعليم العام في معظم مناطق البلاد.

وبحسب احصائيات رسمية غير نهائية فان أكثر من 1400مدرسة أساسية وثانوية تعرضت لتدمير كلي أو جزئي بفعل الاستهداف الممنهج لطائرات العدوان للمدارس منها عدد من المدارس في العاصمة صنعاء.
لحظات مهيبة ومشاعر إنسانية عظيمة سادت مشهد رجوع نحو 6ملايين طالب وطالبة إلى مدارسهم بعد انقطاع دام لعام ونصف العام بعد أن  اُجبروا تحت همجية العدوان إلى عدم إكمال العام الدراسي الماضي واعتماد وزارة التربية لنتائج الفصل الأول لجميع الفصول كنتيجة نهائية باستثناء طلبة الشهادة العامة.. هذا المشهد الرائع اختزل معانٍ ودلالات عميقة عن حجم التحدي والكبرياء اليمني في مواجهة وحشية العدوان وأدواته الناقمة على الإنسان والحياة في كل شبر من هذا الوطن الأمر الذي ترجمه نائب وزير التربية والتعليم الدكتور عبدالله الحامدي بالتأكيد على أن أطفال وشباب اليمن بعودتهم إلى مدارسهم وجهوا رسالة قوية إلى العالم كافة والى دول العدوان تحديدا بأن شعبا مثل الشعب اليمني لا يمكن أن يستسلم أو يساوم في حقه في الحياة وان لا شيء سيحول دون استمراره في حياته الطبيعية.
الحقد الأعمى
الحقد الأعمى والدفين للعدوان السعودي على اليمن واليمنيين تجلى بوضوح لا مواربة فيه من خلال الاستهداف الواسع لمرافق التعليم العام بمختلف مستوياته الأساسية والثانوية وحتى معاهد ومؤسسات التعليم الفني والمهني وكليات المجتمع وكل منشأة حرفية تعنى ببناء الإنسان وتنمية مهاراته وإبداعاته في مسعى خبيث لتجهيل هذا الشعب المتطلع للغد الأفضل وانتهاج العلم في سبيل الوصول إلى غاياته.
ودأب العدوان منذ الوهلة الأولى لعدوانه الغاشم على اليمن في الـ26من مارس الماضي ولا يزال إلى اليوم على استهداف المنشآت التعليمية بكل وحشية وغطرسة ومافتئ يسوق مبررات وحجج واهية لتبرير غاراته الجوية المكثفة على المدارس في مختلف مدن وقرى اليمن بذريعة كاذبة وتضليلة وادعاء بأن هذه المدارس تستخدم لتخزين الأسلحة وإيواء مسلحين على الرغم من النفي القاطع واليقيني من قبل مسئولي وزارة التربية والتعليم لتلك المزاعم ودعواتها المتكررة لجميع المنظمات المدنية المحلية والدولية وكافة أولياء الأمور للنزول الميداني إلى عموم المدارس والمرافق التعليمية والتأكد بأعينهم من خلوها تماما من الأسلحة والمسلحين.
لكن العدوان أصر على نهجه التدميري للمدارس وأحال عددا كبيرا من منشآت التعليم العام وحتى الأهلي والخاص إلى خرابات وانقاض  كما قام عبر طائراته بقتل أعداد كبيرة من الطلبة والمعلمين والتربويين ظناً منه بأن ذلك سيمنع أبناء اليمن من مواصلة مسيرة التعليم والتنوير.
التحدي
تناسى هذا العدو الناقم بأن اليمنيين وبما يمتلكونه من إرث حضاري عظيم لن يستسلموا لمآرب خبيثة كهذه وأنهم سيواصلون حياتهم وتعليمهم ولو تحت أنقاض تلك المباني المدمرة أو تحت الأشجار كما فعل إباؤهم الأولون مهما بلغت الظروف والتحديات التي تواجههم.
لكن العدو السعودي لم يستوعب بعد هذه الحقائق التاريخية وهاهو يواصل مغامراته الخاسرة حيث كثف خلال الأيام الأولى من بدء العام الدراسي غاراته الهستيرية على المدن والقرى في مساع مفضوحة لترهيب وإخافة الطلاب والطالبات وخاصة من صغار السن ممن يدرسون في الصفوف الأساسية إلا انه ورغم كثافة تحليق طائرات العدوان السعودي وقصفها الهستيري أصر الطلاب اليمنيون على المجيء إلى مدارسهم لتسجيل حضورهم وإكمال تعليمهم وبإصرار وتحد كبير تجسد من خلال الإقبال الواسع من قبل الطلبة على مدارسهم في عموم مناطق الجمهورية..
أبطال المستقبل
أطفال وشباب اليمن من طلبة المدارس هم بلا شك أبطال المستقبل وقادة بلادهم في قادم الأيام وهم يدركون ذلك تماما بل واستوعبوا مسئوليتهم لهذا الدور الوطني منذ وقت مبكر كما يقول التربوي عبدالرقيب الذيب المعلم بمدرسة الثورة بمديرية آزال في العاصمة والذي أكد في حديثه للأسرة بأن العدوان السعودي وتواصل انتهاكاته وجرائمه الوحشية المتواصلة بحق اليمن وشعبه المسالم جعل من صغارنا أبطالا قبل الأوان.
ويضيف التربوي الذيب: لقد رأينا التحدي والإباء والشمم في عيون الأطفال وهم يصرون على الحضور إلى مدارسهم تحت القصف وتحت أزيز الطائرات التي كثفت من تحليقها في سماء العاصمة خلال الأيام القليلة الماضية كما أنهم قبل ذلك سجلوا حضورا مشرفا في الوقفات الاحتجاجية التي شهدتها العاصمة مؤخرا ورفعوا أصواتهم بقوة أمام مبنى الأمم المتحدة وهم يطالبونها القيام بواجبها في محاسبة النظام السعودي لانتهاكه كل القوانين والمواثيق الدولية التي تجرم استهداف المدارس والمؤسسات التعليمية ناهيك عن منع الطلاب من التعليم الذي يعتبر حقاً مشروعاً لهم..إنهم إبطال قبل الأوان.
حماس كبير
أول ما يلفت انتباهك عند لقائك الطلبة الدارسين وهم في أوائل أيام عام دراسي هو ذلك الحماس والتفاعل في إكمال التعليم وتحدي العقبات والظروف الاستثنائية التي تعيشها البلاد في ظل العدوان والحصار والاستهداف الممنهج للمدارس ومنشآت  التعليم ..ويقول ياسر الجعفري وهو طالب في الصف السابع إنه سيواصل تعليمه حتى النهاية ولا يتخيل أبدا بأن بمقدور السعودية أو غيرها من دول تحالف العدوان ان تحرمه من حقه في التعليم.
ويبقى الطفل الجعفري والملايين من أمثاله اليمنيين مدارس أخرى لتعليم فنون الصمود والاستبسال في وجوه قوى الشر والطغيان على هذه الأرض.

قد يعجبك ايضا