مشروع دعششة تعز سيفشل
قبل أيام انضمت مكونات « داعشية « الى مجلس قيادة مرتزقة جبهة تعز ، مثل « حماة العقيدة « و» كتائب الموت « و» كتائب ابو العباس « ، وخلال هذه المدة القصيرة ظهرت لمساتها وبصمتها على كثير من الجرائم التي شهدتها تعز ابتداء من قصف الأحياء السكنية بغرض تلبيس التهمة للجيش واللجان الشعبية وانتهاء بمؤشرات التناحر في ما بينها وتصفية بعضها بعضا ، لنكون أمام مقدمات واضحة لمحاولات حثيثة تهدف إلى نسخ مشهد عدن إلى تعز .
أثبتت الشهور الماضية أن مشروع العدوان والغزو في الجنوب وفي عدن تحديدا ليس إعادة ما يسمونها « السلطة الشرعية « بل تكريس الفوضى واللا دولة وتعميق وتجذير أسباب التدمير الصراعي وتمكين بؤر العنف وفصائل « داعش « صاحبة اللا مشروع ، وتعزيز الاشكالات التي من شأنها حين تكبر وتتجذر أن تكون عائقا حقيقيا ومزمنا أمام أي مشروع يطمح في صياغة سلطة جديدة قوية ومستقلة ومستقرة ، ولعلنا نشهد هذه الأيام تحركات تسعى لاستنساخ التجربة التي تم تطبيقها على عدن ، لتطبق مرة أخرى في تعز ، ولعل من غير المنطقي أن يقف أبناء تعز بشكل خاص وأبناء اليمن عموما بجيشهم ولجانهم مكتوفي الأيدي حتى يتم تدمير تعز وتقديمها قربانا لنزوات مراهقي سياسة ومدمني مخدرات يمتلكون أموالا باهظة وينفقونها في حروب غير محسوبة هي بتصورهم لعبة «بلاي ستيشن» .
وبالرغم من التحشيد الكبير الذي يصوره الإعلام ضخما وكبيرا، وظهور مقدمات دعششة جبهة المرتزقة عبر انضمام تلك الفصائل بشكل معلن ، فإن ذلك المشروع الخطير على تعز بشكل خاص وعلى اليمن عموما ، لن ينجح باعتقادي لأسباب كثيرة أهمها أن الوعي الشعبي في تعز كبيرا وعاليا ، حيث نستطيع أن نقول أن السواد الأعظم من الجماهير القبلية والمدنية في تعز تعلمت من درس عدن ومأرب في هذا الصدد ، وبات من الصعب جدا أن يجد المشروع حاضنة شعبية هناك .
السبب الثاني ان التباينات العميقة بين المشروع السعودي والمشروع الإماراتي التي ظهرت متأخرة في عدن ، ظهرت فيما يخص تعز باكرا ، وفي الوقت الذي اعلنت الإمارات انها استقدمت قوات بديلة عن قواتها السابقة « وتقصد بها جماعات بلاك ووتر « سوف تقوم بمهمة ما يسمى « تحرير تعز « ، فإن ناطق العدوان « العسيري « تحدث هذه المرة باسم بلده وليس باسم ما يسمى « التحالف « حيث أشار إلى أن السعودية هي من سيقوم هذه المرة بمهمة ما يسمى « تحرير تعز «، وهذا مؤشر على عمق الصراع بين المشروعين بل ومثلما ينعكس في الصراع الدائر بين فصائل الميليشيات الموالية للسعودية وبين قوات الغزو الإماراتية في عدن ، فانه ينعكس أيضا في قصف طائرات العدوان لمجاميع المرتزقة ، وهو ما يفسر بأن طائرات إماراتية تغير على مجاميع موالية للسعودية تتبعها عمليات احلال واستبدال لقوات وآليات إماراتية ، كما حصل خلال الأسبوع الماضي تماما في التربة .
السبب الثالث أن الطبيعة الجغرافية وكيمياء الإنسان التاريخية في تعز سواء على مستوى البعد الايديولوجي أو الثقافي أو القبلي مختلفة تماما عنها في عدن ، وبتجاوز الاختلاف الجغرافي كونه محسوما وفاعلا ، فلايمكن مقارنة مجتمع قبلي مترابط ومتماسك وله مرجعياته القبلية والايديولوجية كالذي تتكون منه تعز ، بمجتمع مدني لا تحكمه قيادة لا قبلية ولا ايديولوجية ولا حتى قضية سياسية كالذي يشكل المجتمع العدني ، الأمر الذي يجعل من الصعب اختراق المجتمع داعشيا وأيضا عسكريا سيما اذا ظهر ضمن سياقات المعركة التي يتحدثون عنها ملامح الغزو والاحتلال ، فالمجتمع القبلي في تعز يحمل بداخله دماء رافضة للغزو وجينات الغيرة والحمية التي تميز القبيلة اليمنية بشكل عام .
اما السبب الأخير فهو أن المتغيرات والمؤثرات والظروف العسكرية والسياسية التي ممكن ان تؤثر بشكل أو باخر على أداء الجيش واللجان الشعبية في تعز مختلفة تماما ومستوى اليقظة والجاهزية لديهم عالية جدا ، كما ان المتغير الاقليمي والدولي الضاغط على مسار الحرب من شأنه ان يجعل تلك المعركة التي تحضى بتهويل عال في الاعلام التابع للعدوان ، مغامرة ستنتهي بالفشل وسيترتب عليها تبعات كبيرة قد تغير مسار المعركة برمتها وعلى كل المستويات .