شجن

محمد القعود

تجلس على قارعة الذاكرة، أو تحت شجرة وارفة العطاء برفقة أمنية جامحة، ووردة باذخة الدهشة، وتستل من مرحك الطفولي مشاغباتك البريئة، فترشق المارة بزقزقة عصافيرك، وغمغمات ينابيعك  ذات اللثغة الحلوة.
وتمنح كل حلمٍ عابرٍ إلى حلمه، باقة من فلًّ وقرنفلِ وبنفسجٍ وحفنةٍ من زبيب ولوز، وقنينة من شهدٍ، زوّادة للطريق، ورفقة لسفرٍ قد تطوله لذة المنادمة، وتجاذب الألفة.
وقد ترسل بقبلة خجولة، لطيف عابرٍ مغناجٍ يسير بدلالٍ قابلٍ لإشعال حروب طاحنة بين شعوب العشق المتحدة.
وحين يفيض بك الحنين، تهبُّ في أعماقك ألسنة الشجن وتنبثق ذكرياتك كينابيع متدفقة، وقادمة من سباتٍ عميقٍ في أغور الزمن..
وتجد نفسك واقفاً تحتضن المدى، وتهمهم، وتترنم وتتهادى بين لوعة حنينٍ ودفء دمعةٍ وبين عطر ألفةٍ ومحبةٍ يغمرك من حيث لا تدري..!!
أنّهُ الشجن .. يحطُّ رحاله في مضارب ذكرياتك، فأستقبله بما يليق بفخامته، وأكرم وفادته إليك وعامله بما يفصح عن مكانته العميقة في حياتك

قد يعجبك ايضا