أيمن محمد السريحي
لا شك أن وحدة النسيج الاجتماعي له أثره في تقدم الأمم وتفككها يعني بكل بساطة انحطاط الأمم. وقد يكون سبب تفكك هذا النسيج هي العلاقات الإنسانية السيئة ممثلة بما نسميه بـ(الأخلاق), لذا يجب وضع هذه العلاقات تحت المجهر ونعتمد أسلوب التغيير المستمر فيها كي يوحد هذا النسيج ويحمي من التفكك والضياع.
الأخوة ما الأخوة؟ إنها شهد العلاقات الإنسانية, ونبراس النسيج الاجتماعي, ورابط متين بين الأفراد والجماعات, قصة حب وود وتقدم وازدهار مدينة خالية من الكراهية التعصب والدمار. لا أعني بالأخوة هنا من الأب والأم لكن رباطة الجأش بين المسلمين, قال تعالى:(إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ). لكن السؤال المُلَح!!!: ما أهمية الأخوة؟ وما الحقوق التي تبني هذه الرابطة المتينة؟ وما المفسدات؟
بما أن للأخوة دور فعال ومؤثر في ربط المجتمع وسر قوته, إذا سنورد عدداً من النقاط لتبيين هذه الأهمية. أولاً: أنها عبادة. ولاسيما عندما تؤدي إلى الاعتصام بالله والتوحد على منهج الله وطريقه. وكما يتقرب المسلمون إلى الله بالصلاة والزكاة والصيام والحج كذلك هم يتقربون إلى الله برابطة الأخوة. ثانياً: أنها سبيل النجاة في الآخرة. قال تعالى:(وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَاناً عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ), وقال النبي صلى الله عليه آله وسلم:(سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله) من هؤلاء الأصناف السبعة) ورجلان تحابا في الله، اجتمعا عليه وتفرقا عليه). ثالثاً أنها مشروع ربح للأجور والحسنات. العبادة كما هو معلوم إذا أديت بإخلاص وإتباع نال الإنسان عليها الحسنة والأجر. أخيراً: بها نواجه صعوبات الحياة. قال أحد الصالحين:(المؤمن ضعيف بنفسه قوي بإخوانه, قليل بنفسه كثير بإخوانه). وقيل أيضاً:(الصديق وقت الضيق).
وأشار رسول الله صلى الله عليه آله وسلم إلى عدد من حقوق الأخوة التي تبني رابطة متينة بين المجتمع المسلم. أولاً: الإعانة في قضاء الحوائج. يقول عليه الصلاة والسلام: (ولئن أمشي مع أخي المسلم في حاجته أحب إليّ من أن أعتكف في المسجد شهرا) تمشي مع أخيك المسلم في حاجته، فتأخذ أكثر من أجر الاعتكاف في المسجد النبوي شهراً، قال عليه الصلاة والسلام:(إذا استنصحك فانصحه) أي: طلب منك النصيحة- والنصيحة تخفي العيوب وتظهر محاسن الأفعال والقلوب. ثالثاً: التماس الأعذار. قال أحد العلماء:(تكن من أهل الإكبار بقدر ما تلتمس لأخيك الأعذار). والمؤمن يطلب المعاذير والمنافق يطلب الزلات. وكم نحتاج أن تُتقبل أعذارنا وكم يحتاج الناس أن نتقبل أعذارهم. أخي القارئ, قد لا أستطيع عرض كل الحقوق فهي كثيرة, لكن هذا ما استطعت عرضه.
بعد تناول عدد من أهمية الأخوة وحقوقها نأتي إلى ما قد يدمر رابطة الأخوة التي تعتبر اليوم الرابطة المفقودة. أولاً: التعصب للأحزاب والمذاهب. أظن أن هذا الداء من أكبر الأمراض الخبيثة المسؤول عن سحق رابطة الأخوة فيما بيننا وأظن أن الواقع خير شاهد. ثانياً: الجدال. صدق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذ يقول:(إن أبغض الرجال إلى اللَّه الألدُّ الخصم) أي كثير الجدال. يجادل فيما لا يفيد ديناً ولا وطناً. ثالثاً: الطمع في ممتلكات الآخرين. قال صلى الله عليه وآله وسلم:(ازهد في الدنيا يحبك اللَّه وازهد فيما في أيدي الناس يحبوك)
أخيراً, أضع بين يديك هذه الخاطرة (رابطة أخوة متينة تحسن العلاقات الإنسانية مما يؤدي إلى نسيج اجتماعي موحد ومتماسك),.