نصف عام لكي يصحو ضمير العالم تجاه اليمن
د/ محمد حسين النظاري
انتظر اليمنيون بفارغ الصبر متى يستيقظ العالم من سباته ومتى يخجل من نفسه وهو يشاهد الدماء اليمنية تسيل في الطرقات والبيوت والمساجد والمدارس والمعاهد والجامعات..
فعلى مدى ستة أشهر منذ بدء العدوان الذي تقوده دول التحالف ضد بلادنا وشعبنا في 26 مارس المنصرم لم يحرك المجتمع الدولي ساكنا إزاء ما يحدث وكأن اليمنيين ليسوا من البشر أو أنهم يستحقون العقاب لأنهم ما من قضية عربية أو دولية ذات بعد إنساني إلا وسارعوا للتظاهر تنديدا بقتل بني جلدتهم كما أنهم رغم قلة مواردهم يسارعون للتبرع لإخوتهم أينما كانوا إيمانا منهم بالتكافل والتضامن الإنساني ورغم هذا كله ظل العالم متفرجا على اليمنيين طيلة أكثر من 186 يوما يعيشون تحت قصف الطائرات والصواريخ وفي أجواء المدافع والرصاص.
أخيرا أدرك العالم أن المال لا يمكن له أن يعميهم عما يحدث في اعرق البلدان العربية وفي حاضرة من حاضرات الدنيا فها هي هولندا تتقدم بمشروع قرار لمجلس حقوق الإنسان الدولي بجنيف يطالب بتحقيق دولي في جرائم الحرب التي ارتكبتها كل أطراف الصراع في اليمن.
إن الدعوات الشريفة بدأ يرتفع صوتها في العالم وكان ذلك خلال جلسة ترأستها الخميس 24 سبتمبر 2015م هولندا بدعم من مجموعة من البلدان الغربية أساسا ومما جاء في القرار يطلب إلى المفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان أن ترسل بعثة تحقيق محايدة إلى اليمن.
ويأتي مشروع القرار المقدم من هولندا بعد تزايد القلق الدولي بشأن عدد القتلى المدنيين من كلا الجانبين في الصراع الدائر بين التحالف الذي تقوده السعودية من الرئيس هادي من جهة وبين الجيش وأنصار الله من جهة أخرى إضافة إلى تأثير الحصار الجائر الذي تفرضه قوات التحالف التي تقودها السعودية برا وبحرا وجوا والتي عرقلت تسليم المساعدات الإنسانية بما في ذلك الأدوية والوقود اللازم للحفاظ على استمرار عمل المستشفيات إضافة إلى الاقتتال الداخلي في محافظات عدة وهو ما كان سببا أيضا في قتل الكثير من الأبرياء.
إن القرار الهولندي المقدم الخميس 24 سبتمبر 2015 أعرب عن القلق العميق إزاء تقارير انتهاكات القانون الدولي من جانب جميع الأطراف وحثهم على منح حق الوصول للمساعدات الإنسانية ودعا السماح للواردات التجارية إلى الموانئ اليمنية كما أعرب القرار عن القلق العميق إزاء استمرار سفك الدماء “ولاسيما التصعيد الأخير في أعمال العنف التي تقترب من صنعاء.” ويعد ذلك السلوك الذي تقدم عليه دول التحالف أمرا مقلقا ومحرجا لحلفائه الغربيين.
وتزايدت الضغوط المسلطة على دول التحالف حيث طالبت منظمة «العفو» الدولية الجمعة الماضية الأمم المتحدة بالتحقيق في انتهاكات للقانون الدولي وقعت من جانب كل أطراف الصراع في اليمن وقالت المنظمة «نناشد بتشكيل لجنة تحقيق تابعة للأمم المتحدة في الانتهاكات والمخالفات التي ارتكبها كل أطراف الصراع في اليمن خلال الجلسة الحالية لمجلس حقوق الإنسان في جنيف»التي تختتم أعمالها في الثاني من أكتوبر/تشرين الأول المقبل.
وأضافت في بيان «في ظل هذا الصراع المميت الذي لا تلوح نهايته في الأفق وفي ظل أزمة إنسانية متصاعدة فإن معاناة المدنيين عند ذروتها على الإطلاق».
لقد تفاقم الوضع المأساوي لليمنيين فإحصاءات الأمم المتحدة تشير إلى مقتل أكثر من 4500 شخص في اليمن منذ بدء حملة «عاصفة الحزم» أواخر مارس الماضي مع أن العدد مخفف لدرجة كبيرة فالأرواح التي أزهقت بلا ذنب عددها يفوق هذا بكثير وقالت المنظمة الحقوقية: إن الغالبية العظمى من الضحايا المدنيين سقطوا بسبب قصف قوات التحالف الذي تقوده السعودية متهمة هذه القوات باستخدام القنابل العنقودية المحظورة في معظم دول العالم كما لفتت منظمة «العفو» إلى «انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان وللقانون الإنساني الدولي ارتكبها كل الأطراف في الصراع اليمني».
وكانت جماعات حقوقية عديدة عبرت عن قلقها لتصاعد عدد الضحايا المدنيين في القصف الجوي المكثف في اليمن واشتكت منظمات إغاثة من أن الحصار البحري الذي يفرضه التحالف على اليمن منع امدادات الإغاثة من الوصول إلى اليمن مما جعل نسبة الذين لا يصلهم الغذاء تتضاعف بوتيرة مخيفة إضافة لسوء التغذية خاصة عند الأمهات والرضع إلى جانب انعدام الدواء لا سيما لذوي الأمراض المزمنة كالسكر والضغط والسرطان إلى جانب منع التحالف لمادة المازوت المستخدمة فقط في توليد الكهرباء وهذا يدحض الافتراءات القائلة بأن المنع حصل لكي لا يستخدم المازوت في المجهود الحربي من قبل الجيش وأنصار الله مما حرم اليمنيين من الحصول على الكهرباء منذ 6 أشهر إضافة إلى ضرب الموانئ التي هي ليست ملكا للحوثيين بل لليمنيين والقانون الدولي يجرم ضرب الموانئ وال