للدبلوماسية المؤثرة تعظيم سلام

من حين إلى آخر تثبت سلطنة عمان الشقيقة بأنها دولة هامة ومحورية رغم صغرها “جغرافيا” لكنها وبكل ما قامت به ومازالت تقوم به من أدوار كبيرة دبلوماسيا في مختلف الأزمات والحرائق التي مرت ولا تزال تمر بها المنطقة أنها دولة ذات شأن كبير بما تؤديه من مهام وتحركات دبلوماسية وأن قيادة السلطنة تمتلك حنكة كبيرة في كيفية احتواء الخلافات والتباينات التي تنشب بين بعض الدول القريبة أو المجاورة للسلطنة ناهيك عن نجاح السلطنة في تقريب وجهات النظر عندما تمكنت من جمع المختلفين حول الملف النووي الإيراني فاستضافت ممثلين عن إيران وممثلين عن الترويكا أو مجموعة الدول “5+1″ وفي العاصمة مسقط استطاع كل أولئك الالتقاء والتقارب بعد مفاوضات طويلة ومعفرة حتى وصل الجميع إلى الاتفاق التاريخي الذي تم التوقيع عليه في فينا بالنمسا في 14 يوليو 2015م بين الدول الست أمريكا روسيا فرنسا بريطانيا الصين” ومعهم ألمانيا من جهة وإيران من الجهة الأخرى.
وهو الاتفاق الذي أنهى سنوات من القطيعة بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية مع تلك الدول ومع الغرب عموما وأخمد ذلك الاتفاق فتيل مواجهة عسكرية كانت تنذر بالويلات على الدول الواقعة في الخليج بل وكانت قد تزيد من الأزمات والحرائق التي تعج بها منطقة الشرق الأوسط وبالتأكيد فإن الدور الذي اضطلعت به سلطنة عمان عبر استضافتها للمحادثات المضنية غير المعلنة في مسقط طوال 18 شهرا أسفر عن الوصول إلى ذلك الاتفاق حول النووي الإيراني الذي جنب المنطقة الانزلاق إلى مواجهات كارثية بل وإلى حرب عالمية ثالثة كانت طبولها تقرع بوتيرة عالية إسرائيليا وبعض المؤيدين غير المرئيين لضرب إيران عسكريا لكن الدبلوماسية الهادئة التي تنتهجها القيادة الحكيمة لسلطنة عمان نجحت وباقتدار في إحباط ذلك السيناريو الخبيث وبالتالي عملت الجهود العمانية على تجنيب المنطقة الوقوع في أتون حرب رهيبة كانت على وشك الانفجار.
دبلوماسية عمان الناجحة في إخماد الحرائق ليست وليدة اليوم أي أنها قديمة ولا تقتصر على الدور الرائع والمحنك في تهدئة ومن ثم إنهاء الخلاف الحاد بين الدول الغربية “5 + 1” وبين جمهورية إيران الإسلامية الذي تكلل بالتوقيع النهائي على الاتفاق المبرم بين الطرفين في 14 يوليو الماضي وهو الاتفاق الذي وضع البرنامج النووي الإيراني تحت الرقابة الدولية ووضع حدا لتلك المخاوف المبالغ فيها الصادرة عن اسرائيل ومعها بعض الدول العربية في شبه الجزيرة العربية أو غيرها من الدول كما أدى إلى التوافق على الرفع التدريجي للعقوبات الاقتصادية والمالية التي كان الغرب بقيادة أمريكا وحلفائها قد فرضتها على إيران منذ العام 2006م.
فقد سبق للدبلوماسية العمانية وأن حققت نجاحا كبيرا أواخر الثمانينيات حين تمكنت هذه الدبلوماسية المتزنة جدا في إقناع النظام في طهران بالقبول بقرار مجلس الأمن الدولي رقم “598” القاضي بوقف الحرب العراقية الإيرانية “1980/ 1988م” وتمكنت الدبلوماسية العمانية المؤثرة دون غيرها من تغيير رأي الإيرانيين الذين كانوا يرفضون أي مساع لإيقاف الحرب العبثية التي كانت تخوضها إيران مع جارها العراق وكانت البداية حين نجح العمانيون في تليين الموقف الإيراني المتشدد الرافض لإنهاء الحرب غير المبررة بين بلدين إسلاميين متجاورين من خلال المبادرة العمانية التي دعت إلى إعلان هدنة مؤقتة لتلك الحرب قصيرة المدى فتجاوب طرفا تلك الحرب مع هذا المقترح المقدم من الدبلوماسية العمانية التي كانت ومازالت تحتفظ بعلاقات متينة مع كلا البلدين العراق وإيران وأثمر المقترح العماني بالهدنة المؤقتة عن الوصول إلى التطبيق الكامل لقرار مجلس الأمن الدولي 598 الذي أنهى ثماني سنوات من الدمار والخراب الذي طال العديد من المدن في كلا البلدين ناهيك عن مقتل الآلاف من جنودهما وتشريد آخرين وإصابة الكثيرين بعاهات مزمنة وكذلك أوقفت نزيف البلدين من الأموال المأهولة التي كانت تصرف لتمويل الحرب المذكورة عبر شراء الأسلحة وتوقف بالتالي الخطر الذي كان يهدد الحياة الإقليمية في المنطقة جراء حرب قصف الناقلات الكارثية وقد كان لسلطنة عمان دور في منع استمرار ذلك الخطر الذي كان يهدد السفن والناقلات من خلال المقترح الذي قدمته عمان ولاقى قبول كل الأطراف عندما تم العمل بمقترح رفع علم الأمم المتحدة على جميع السفن التي كانت تنقل النفط من الخليج إلى مختلف دول العالم.
آخر السطور
كثيرة ومتعددة النجاحات التي حققتها الدبلوماسية العمانية خلال العقود الماضية في العديد من الملفات والأزمات الساخنة على المستويين الإقليمي والدولي فالاتزان والرزانة كانت سمة كل التحركات المؤثرة للقيادة الحكيمة للسلطنة في مختلف القضايا التي توسطت فيها وحققت نجاحات لافتة فيها نظرا للاحترام والتقدير الذي تحظى به عمان لدى الغالبية من دول العالم ويذكر في هذا السياق ذلك الموقف المتميز الذي سلكته عمان عندما قاط

قد يعجبك ايضا