أرواح لا أرباح
نجيب القرن
* الشعور بالمسؤولية تجاه ما يحدث للبلد سابقا ولاحقا غاب عن الكثير من أبنائه والبعض ذهب ليؤكد أن مسئولية حماية أمن البلد وقف خاص بالدولة فقط ولا ينبغي للبقية من أفراد الشعب التعاون والوقوف ضد عمليات التخريب التي أنهكت ونخرت الوطن.
سلسلة من الاغتيالات والتفجيرات الشبه يومية حدثت على مدار السنوات الماضية ولم تتوقف حتى بعد خروج ثورة شعبية تنادي بتغيير النظام.
قضايا الإرهاب كانت أم القضايا التي أرقت وهزت مضاجع الشعب ولم يكن هناك جدية في محاربة القاعدة من قبل القائمين على رأس أجهزة الدولة أو بالأصح لا توجد النية للقيام بذلك ولذا عززت القاعدة تواجدها في أكثر من محافظة وكانت الدولة وأجهزتها بحسب شهادة الكثير في حالة غيبوبة تامة.
عندما تطوع أنصار الله باسم اللجان الشعبية للاشتراك مع الجيش في مكافحة الإرهاب والنزول لأكثر من منطقة بغرض مطاردة القاعدة وتأمين البلد لم يرق للبعض ذلك مع أن اللجان الشعبية لم تلغ دور الجيش في تولي المهمة ولم يتم تجاوز ما تبقى من مؤسسة الدولة الظاهرة والمعترف بها دوليا.
كان المفترض يومها وبعد معاناتنا الطويلة نتيجة الاختلالات الأمنية أن نشجع الجيش واللجان على هذه الخطوة العملية خصوصا ونحن نراهم يواجهون عناصر القاعدة ويحققون نتائج ملموسة لكن للأسف البعض خرج معارضا ومقدما أعذارا باهتة لا يقبلها عقل أو منطق.
لنأخذ فقط واحدة من هذه الأعذار ..الكثير وقف ضد هذه الخطوة الجريئة أقصد نزول الجيش واللجان لضبط الأمن معتقدا ومنافحا أن ذلك من اختصاص الجيش فقط ولا يحق ليمني آخر التدخل في تقديم نفسه فداء لحماية وطنه ..المشكلة أن الجيش صار بعد ذلك في أعينهم خائنا ولا نعرف من كان بنظرهم تقع عليه مسئولية حماية الوطن ! ربما كانوا يومها يخططون لإدخال قوات خارجية لحماية الشعب وقد وصلوا لذلك !.
الكثير لم يستوعبوا قصة قيام أنصار الله بالنزول لبعض المحافظات معتبرين ذلك غزوا واحتلالا.. لم يستوعبوا لأنهم باختصار أنانيون يرون تنظيماتهم الحزبية هي الوطن فيعيشون لها والدفاع عنها لا يدركون معنى الشعور بالمسئولية ومدى حجمها وأن حماية البلد قضية أخلاقية لا تتوقف على شخص أو جهة بعينها بل يتحملها الجميع الحاكم والشعب.. لكن لأن حقيقة الكثير أيضا هو حبهم الدائم للتنصل من العمل الجدي المثمر وعشق استمرار الفوضى والعبث تراهم أحجموا وتذرعوا بأن حماية البلد هي مهمة الدولة مع أنهم يعلمون أن الدولة غائبة ولو كانت موجودة وفاعلة على الأرض لما كلفت اللجان الشعبية نفسها بواجب الحماية التي فيها بذل أرواح أكثر مما هي أرباح عاجلة فالمسألة إذن فيها تكاليف وآلام ومعاناة وليس غزو وفيد كما فسرها حملة العقول الصيرفية.
أليس من العقل والمنطق في هذه الحالة أن نعين ونفخر بكل يد تقوم بواجب حفظ الأمن خصوصا وقد وصلت حالة اليمنيين لوضع لا يقبل مزيدا من الانتظار الموصل إلى التشظي الاجتماعي ¿
للأسف توجه الكثير لمعارضة القيام بهذا الأمر واتهم الجيش بالخيانة فجأة.. الجيش الذي تغزلوا به خلال ثلاث سنوات أثناء فترة التوافق والتقاسم وبدلا من تظافر الجهود ذهبوا لحمل السلاح وشحن الناس طائفيا ومناطقيا لمواجهة الجيش واللجان ورسمهم في أعين الناس بصورة محتل وكأنهم قدموا من دولة أخرى .
حجج سخيفة لا تنطلى سوى على من تشبعت نفوسهم بالكراهية ولم يستشعروا حجم المسؤولية .