طبائع الاستبداد السعودي
جبلت العقلية البدوية الصحراوية على الاستبداد والتسلط وعلى الطغيان والتوحش ولذلك يصبح من المحال على تلك العقلية أن تغير من نمطية الطبائع أو نمطية الصورة الذهنية مهما تقلبت بها الأحوال بل يكاد الترف أن يزيدها تكبرا ووحشية وبعدا عن كل القيم والمبادئ المدنية التي تعارف عليها الإنسان في كل العهود والمواثيق الدولية بل كاد الترف أن يعيد تشكيل المنظومة العقائدية الإسلامية حتى تتوافق مع تلك الطبائع وقد سمعنا الفتاوى والتبريرات التي تنأى عن البعد الأخلاقي والبعد الروحي والعقائدي الإسلامي الذي قال فكره بالكليات الخمس’ وقال بقيم المحبة والسلام والتعايش وتحدث قرآنه باحترام خيارات الآخرين حين قال عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم وقال مخاطبا الرسول الأعظم عليه الصلاة والسلام ومؤطرا للقضية الفكرية والعقائدية (فلعلك باخع نفسك على آثارهم إن لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفا) والموضوع في النص القرآني المقدس واضح الدلالة وقطعي وليس بالظني حتى تكون الخيارات والتأويلات كما يذهب إليه أرباب المذهب الوهابي الذين حاولوا ماوسعهم الجهد إعادة صياغة المنظومة الفكرية والعقائدية والأخلاقية الإسلامية وفق ظروف المكان الصحراوي وبما يتناسب مع التكوين النفسي والاجتماعي والعقلي للبدوي الذي في الغالب تكون طبائعه أقرب إلى الهدم والتدمير وإلى التوحش’ فالاجتماع البشري لا يكون ذا قيمة في تكوينه وتصوراته ولذلك قال ابن خلدون :من طبائع البدوي أنه إذا رأى بناء قائما هدمه وأخذ حجارته أثافي وأخشابه ليوقد بها ناره وعلى مثل هذا المنوال ينسج العدوان السعودي خيوطه في جزئياته وتفاصيله اليومية فهوما فتئ يدمر ويهدم ويقتل لا لتحقيق أهداف استراتيجية ولكن لإشباع غريزة الطبيعة البدوية المتوحشة وهي طبيعة لا يمكنه الفكاك منها أو الخروج عليها أو منها وعند القبائل اليمنية في منشوراتها وحكمها مأثور يقول: البدوي (إذا تمكن تنمره) ولعل المتابع لمجريات الأحداث في عدن وفي تعز يجد ظلال تلك الطبائع حاضرة في السلوك وفي الفكر وفي الممارسة وقد تنبه الكثير من النشطاء إلى القول أن تلك الجرائم وذلك التوحش الذي حدث في تعز أو في عدن أو لودر يتم بموجهات فكرية سعودية وبأموال سعودية والذين تنبهوا إلى هذا القول في وسائط التواصل الاجتماعي ليسوا من اليمن بل كان أكثرهم من السعودية والخليج أما نشطاء اليمن فقد كان المال مانعا لهم من الصياح والنياح بل ذهب بعضهم إلى تبرير الفعل والتبرير يعني الشر عنة وقد وقعوا في التناقض والتناقض نتيجته المنطقية الاحتراق وقد احترقوا ولاعزاء لكل الناشطين والناشطات بعد أن كشف الله دخائل أنفسهم وأبان للناس السرائر وحين تكون المقدمات خاطئة والمفاهيم ملتبسة وحين تسقط الإيديولوجيا لا تكون النتيجة إلا حالة التيه والاحتراق والضياع والاغتراب ومثل ذلك الحال وصل إليه كل أرباب اللقاء المشترك ومن شايعهم في حركة الاحتجاجات في عام 2011م الذين قالوا بالرحيل فلم يسعهم إلا الرحيل وهم الآن في تركيا وقطر ومصر والسعودية يباركون آلة التدمير والقتل والدمار والأغرب أن يذهب التقدميون إلى الزجميين ويرتمي دعاة الفكر والحرية والديمقراطية تحت أقدام الرجعية العربية يباركون منهجها وآلتها الحربية وأساليب القتل والدمار ’وقد التبس في تصوراتهم وأذهانهم المفهوم الوطني ومفهوم الدولة ومفهوم الاستقلال ومفهوم النهضة ومفهوم الحركات الرجعية والحركات التقدمية ومفهوم الفكر والحرية الديمقراطية ومفهوم الحقوق والمواثيق والعقد الاجتماعي ومفهوم التعايش والشراكة والانتخابات ومفهوم المجتمع المدني وبناء الدولة الحديثة في اليمن وهم بمثل ذلك التيه والضياع والالتباس مالوا إلى خيار النهاية المفجعة ’ذلك لأنهم نتاج مرحلة تاريخية وكان كمالهم إيذانا بنقصانهم الذي ذهبوا إليه في حالة نكوص وهزيمة نفسية وأخلاقية وفكرية وثقافية.
ومن خلال التأمل في تموجات الأحداث والإمعان في الحراك الاجتماعي والثقافي اليمني يصل المرء إلى حقيقة مفادها أن اليمن تلفظ نفايات التاريخ إلى خارج إطارها الجغرافي وهذا ثابت في كل تموجاتها الحضارية وتقلباتها التاريخية وما حركة التدافع التي توجعنا أحداثها كل يوم إلا عمليات قيصرية سيكون مولودها أكثر حبا وانتماء وتجذرا في الهوية الحضارية والثقافية والتاريخية الحميرية الاصيلة كما أن الانتصارات العسكرية المؤقتة التي يتباهى بها العدوان وعملاؤه في اليمن وفي خارج اليمن قد سطرت هزائم ثقافية وأخلاقية دائمة ومستمرة ذلك أن الانتصارات العسكرية في الصراعات تكون انتصارات مؤقتة ولا قيمة لها والقيمة المثلى للبدائل الثقافية والاخلاقية وهي المعيارية الحقيقية ولذلك نقول :إن العدوان السعودي على اليمن تلقى هزائهم أخلاقية وثقافية بالغة التعقيد والأثر ولا قيمة لأي انتصار عسكري يحققه بعدها لأنه حكم على نفسه بالفناء والنهاية.