هلال شيعي في القمر السني!

إذا تتبعنا مصطلح ( الهلال الشيعي ) سنجد أن الترويج له تزامن مع إطلاق المبادرة الأمريكية لما يسمى بالشرق الأوسط الجديد 2004م والذي تضمن مشروعا تفكيكيا للمنطقة العربية بذريعة نشر الديمقراطية ومحاربة الإرهاب.
وأسهم الاحتلال الأمريكي للعراق وتداعياته في الترويج للطائفية الدينية وإجلاء صورة الانقسام السني الشيعي وصولا إلى تفخيخ البلد بعمليات إرهابية ذات صبغة طائفية مقيتة.
وقد كشفت المعلومات لاحقا أن شركات الأمن الأمريكية الخاصة التي عملت بالعراق كانت ضالعة في تلك العمليات التي تعدت آثارها لتهز المجتمعات العربية وتعمق الانقسام بين أبنائها في ظل أوضاع سياسية متردية مهدت لثورات “الربيع العربي” في 2011م.
اليوم وعدد كبير من الدول العربية تعيش حروبا بينية وأزمات سياسية متلاحقة نستطيع القول أن المخطط الأمريكي بشأن تقسيم المنطقة وإعادة رسم خرائطها بات قريبا من التحقق ما لم تحدث معجزة تدفع نحو صحوة عربية حقيقية لكن ليس على الطريقة التي سلكتها السعودية وحلفاؤها في اليمن!
وما يؤسف له أن المؤامرة الطائفية تمضي قدما على مرأى ومسمع مختلف الأطراف وبالذات السياسية منها. وبرغم أن الفاعلين الرسميين وغير الرسميين يتبرأون في الظاهر من كير الطائفية وروائحها النتنة إلا أنهم يعملون في الواقع على ترسيخ المكتسبات الطائفية سياسية كانت أو اجتماعية.
لا يمكن انكار التعددية الدينية في مجتمعاتنا كما لا يمكن نجاح أي مشروع يحاول توحيد الناس حول مذهب ديني بعينه فليس أمامنا سوى الاعتراف بالاختلاف والتنوع وامتلاك مهارات وفنون إدارة الخلاف السياسي أو الديني أو الاجتماعي ودون ذلك فإن المزيد من التناحر الطائفي ينتظر مجتمعاتنا في المشرق كما في المغرب العربي.
لقد فعل مصطلح الهلال الشيعي فعله وغدا متكئا للحديث عن الخطر الذي يتهدد الدول العربية بل أن الرئيس الأمريكي أوباما لم يجد حرجا وهو يصف حلفاءه بـ “العرب السنة” ما يعني أن مخطط التفكيك يتخذ منحى تصاعديا من خلال تثبيت المصطلحات الطائفية والتعامل معها كأمر واقع لا فكاك منه.
مؤخرا وحول الخلافات المذهبية في الوطن العربي قال السياسي اللبناني نبيه بري في حوار مع صحيفة الأهرام المصريه: “نعم لدينا هلال شيعي ولكنه هلال في القمر السني” مضيفا “أنا شيعي الهوية ولكني سني الهوى”.
تخيلوا لو أن مثل هذا الكلام الناضج كان هو السائد في منطقتنا خلال العشرية الماضية.. فأي ضير إن كان هناك هلال شيعي ما دام ضمن القمر السني أو العكس¿
وتخيلوا أي مستقبل ينتظرنا ما دمنا نحمل أحقادنا الماضاوية معنا دون اتعاظ أو تدبر من دروس التاريخ !!

قد يعجبك ايضا