صديقي خالد.. ينام في المحطة
تنشر شركة النفط على صفحتها وصفحة الناطق الرسمي كشوفات المحطات التي تصلها كميات البترول بالمحطات الجاهزة للتعبئة وتكتفي بهذا القدر من المسؤولية في بلد يعيش ظروف حرب قاسية وتترك الحبل على الغارب لأصحاب المحطات للعب بمعاناة المواطنين دون وجود جهة أخرى تتولى أو تعلن مسؤوليتها في الإشراف والتنظيم والتأكد من عدالة صرف هذه الكميات من البترول التي تدخل البلد بصعوبة بالغة يمضي المواطنون وقتا من القلق والحيرة والترقب في انتظار ومتابعة وصولها وحين تصل تترك مسألة إدارة توزيعها للفوضى والعبث.
في الأمس كنت بإحدى المحطات جئتها قبل طلوع ساعات الفجر هربا من محطة أخرى أمضيت في طابورها المتوقف ليلا كاملا بعد حالة فوضى بدأت تتشكل في ساعات الليل الأولى..ولذا فقد انتهزت بقاء منفذ وحيد للخروج إن تأخرت لن أتمكن من النفاذ منه لأنه أيضا سيكون معبرا آخر للفوضى. غادرتها بعد أن أدركت أنه لا أمل في الحصول حتى على قطرة بترول واحدة وبالمناسبة لازال صديقي خالد السامعي حتى الليلة نائما فيها رغم الإعلان عن انتهاء كميات البترول فيها ومعرفته أنه لا أمل في وصول كميات أخرى لها ينام فقط خوفا على سيارته ولأنه لم يستطع الخروج من المحطة بسبب تحاشر السيارات المحيطة به من كل جانب حتى الرصيف تملأه أيضا السيارات المدجج أصحابها بالسلاح والجاهزون للانقضاض على أي كميات قد تصل ..بالنسبة لي فقد بدأ الأمر حالة لفوضى عارمة واتضح لي أكثر من ذلك أن لا أحد مهتم بالتخفيف من حدتها ولا يوجد أصلا من يكترث بمعاناة الشعب الصابر والصامد الذي يدعي قادته وساسته والكل حرصهم عليه ويتحدث الجميع باسمه بينما يكتفي جميعهم بالتفرج عليه وهو يذبح وينزف ولا أحد معني في تقدير صموده وسماع صرخاته الجميع مشغول بالتحضير لإشعال الحروب وصب الزيت على النار وترك الناس غارقين في معاناة طويلة وكبيرة وجراحات تزداد عمقا.. ليأتي مندوب شركة النفط في محطة “عطيفة” بمذبح المحطة الثانية التي انتقلت إليها هروبا من محطة “فتح الرحمن” التي لازال صديقي خالد نائما فيها ولا شعور يحس به الآن سوى الظلم والظلم وحده هو أقسى شعور يجعلك ترفع يدك إلى عنان السماء تطلب فيها العدل والإنصاف من ظالم استدعته قدرته على إلحاق الأذى وكل الظلم بك ليأخذ منك كل شيء متناسيا قدرة الخالق عليه بعد أن تنصل الكل عن مسؤولياتهم ولا وجود لمسؤول عن حياة الناس والجميع تخلو عن مسؤولياتهم ليترك الناس فريسة سهلة لمصاصي دماء وتجار السوق السوداء التي تملأ تجارتهم الأسواق بالبترول دون أن يسأل المسؤولون أنفسهم من أين جاءوا بهذه الكميات في ظل شحة الكميات التي تصل إلى المحطات ومن أين يكتسبون كل هذه الجرأة في عرض تلك الكميات على أرصفة الطرق والشوارع في بلد يعيش تحت وطأة حرب وحصار خانق وفقر مدقع وتعطل الخدمات.. كيف يقبل أنصار الله ليس باعتبارهم سلطة ومسؤولين بل باعتبارهم تيارا بوجود تجار السوق السوداء والمتاجرة بمعاناة الناس على هذا الحد الصارخ والفج كيف يقبل أنصار الله لهؤلاء الجلوس تحت ظل أرصفة تملأ شعاراتهم جدرانها هل من سلطة أخرى إذا توقفت كل هذه الحرب التي لا تقل قسوتها عما تشهده البلاد من حصار وحرب ترى هل لازال لهذه الدولة من أثر حتى تستفزها هذه التصرفات وتترك مواطنيها لهذه المأساة وحالة الفوضى وأزمة ليس مطلوبا منهم ربما الكثير لفعله سوى إدارتها …أدرك أننا نعيش ظروف حرب ونمر بأزمة لكن الشيء الذي لا استطيع إدراكه كيف تترك هذه الأزمة دون إدارة كيف نكون قادرين على الصمود ومواجهة تداعيات حرب كارثية والتصدي لتبعات هذه الحرب الملعونة ونحن عاجزون عن مواجهة تجار السوق السوداء الذين يظهرون مع مثل هذه الحالة بأنهم أصحاب سلطة أكبر من سلطة الدولة.
لاشيء يطلبه المواطنون وهم يعيشون حالة الحرب سوى العدل وهل هذا العدل صعب وغير مقدور عليه حتى في إدارة الأزمة¿! الأمر ببساطة يا حضرات العدل فقط في توزيع البترول في المحطات وعدم السماح لأي فوضى تحدث.
فمن يصدق جاء صباح هذه المحطة ولا يزيد عدد السيارات التي تسبقني عن مائة سيارة ووصل الليل ولم أتحرك بمقدار عشرين سيارة.. هل نحن حقا نعيش في بلد¿!
هل من أحد معني بتقديم الإجابة هل تستطيع صفحة شركة النفط, في الفيس بوك تفسير الأمر لي وهل يا ترى لديها الإجابة ..لكني استطيع أن أفسر لها الأمر كل ما حدث أن مندوبها جاء أول شيء فعله عبأ سيارته وليته اكتفى بذلك وكمان عبأ خمس دباب أخرى ليضعها في خانة السيارة هكذا بدأ دوامه عيني عينك واكتفى بمراقبة سيارات لمسلحين ومن خارج الطابور والشوارع الخلفية تحصل على البترول والبسطاء واقفون بطوابير لا تتحرك ليكون شاهدا على حالة فوضى لا مثيل لها ثم يغادر دون أن ندري إلى أين ولماذا ودون أن نجد من يقدم لنا الإجابة متى ستعاود التعبئة لكن الإجابة الواضحة أن هذه المحطة تم تخصيصها للفوضى ككل المحطات الأخرى.
فلا وجود للإجراءات