أحلام مؤجلة
طوى عام 2013 كل ملفاته ورحل حاملا معه ذكريات جميلة وأخرى حزينة,كان عاما مميزا عند البعض وعكس ذلك لدى آخرين,تحققت فيه أمنيات وآمال وأحلام وبقيت مثلها مؤجلة لعام آخر هو هذا الذي دخل للتو معلقا عليه أن ينجز ما عجز عنه سلفه وأن يرفق بمن خذلهم سابقه تعويضا لقسوة نالت منهم عذابا,لكنها لم ولن تسلبهم حقهم في الأمل والتفاؤل.
ودعنا عاما مضى كطيف خاطف,وإن وخزنا ببعض المنغصات,ذهب ولن يعود ودون استئذان,عدا أمنياته لنا بعام سعيد قال إنه سيأتي بعده وفيه فرصة للمراجعة والتخطيط والتفكير لتقويم ما فات وتحديد الربح والخسارة وقياس أدائنا على الصعيدين الشخصي والعام,والتوقف عند ذلك كمحطة للتزود بوقود الأمل للمضي قدما نحو الأمام حيث المستقبل ينتظرنا بشغف وصبر شريطة إيماننا بأن غدنا أفضل من أمسنا وهكذا تقول سنة الحياة.
يحق لنا أن نتساءل في حصاد العام ما الذي حققناه قياسا بالأهداف التي رسمناها والطموحات التي رفعنا سقفنا فيها وهل ما أنجزناه يعد مقبولا حتى وإن كان في حده الأدنى,أم أن الحصيلة أظهرت أن الضعف لم يكن مرده للحظ ونوائب الدهر بقدر ما هو مرتبط بمنهجية تفكيرنا وخطتنا التي حددنا معالمها سلفا.
إن أجبنا بشجاعة واعترفنا بجرأة نستطيع عند ذلك تحديد موقعنا في خريطة الماضي ووجهتنا القادمة في خريطة المستقبل التي بدأت تتشكل بانتظار أن يحدد كل واحد موقعه ومكانه وهذا مرهون بمدى نجاحه في تحقيق ما يريد.
التوقف عند الماضي وتقليب صفحاته والبحث في أرشيف سجلاته ليس خطأ ولا ذنبا,بل إنه أمر مطلوب شرعا شريطة أن يكون بهدف أخذ العبرة والدروس وتصحيح الطريق,لا أن يكون مزارا لزيارته والبكاء على أطلاله أو ملجأ للهروب من مواجهة تحديات المستقبل والندب على حظنا العاثر.
التغيير الحقيقي يبدأ من لحظة التفكير فيه,وهو ما يجب أن نؤمن به إذا أردنا أن ندلف بأقدامنا إلى مستقبل منشود,وهذا لن يتحقق إلا بتحرير تفكيرنا من أسر مصطلحات التسويف والتواكل والتأجيل وإطلاق أنفسنا كي تبدأ التغيير فعلا لا قولا.
مما يساعدنا على تغيير واقعنا وتحقيق أحلامنا التخلص من صفات الفاشلين كالحقد والكراهية والتشفي بعثرات الآخرين واستبدالها بقيم جميلة راقية تسمو بأرواحنا إلى قمة الإنسانية ومقابلة ذلك بفضائل التسامح وحب الخير والتصدق على فقراء الأخلاق والقيم بالابتسامة ورد الإساءة بالحسنة حتى لو بدأ الأمر مثاليا أو صعبا لكنه سهل وبسيط إن قررت أن تكون إنسانا لا متأنسنا.
الحياة جميلة ولابد أن تكون كذلك مع الإقرار أنها دار ابتلاء واختبار,إلا إن نظرنا إليها من زاوية ضيقة كل من موقعه,فالفقير يراها دار شقاء وبؤس والمريض يراها مصدرا للداء,والغني يعتبرها تجارة للربح,والحاكم يتعامل معها كسلطة غير قابلة للزوال,وتلك مفاهيم خاطئة لا تستقيم عقلا أو منطقا,ذلك أنها كما قلنا أرض استخلاف لا تخلو من المحن.
قيل إن الحياة فرص وعليك أن تغتنمها وتستثمرها لصالحك,أما إن لم تسنح لك فاصنع منها فرصا تفتح لك أبواب الأمل للولوج إلى حيث تريد وكل شيء مرتبط ببذل الأسباب بغض النظر عن تأخر النتائج وتحديات الطريق,وإلا سلمنا الأمر للقدر وارتضينا بأن هذا واقعنا وهو ليس صحيحا ولا يستقيم عدلا.
دعوة للجميع بصرف الأمنيات بلاحدود ,والتطلع لغد أفضل في مطلع عام جديد وليكن ما يكن,لا يجب أن نستبق الأحداث قبل وقوعها ولا نخلق الاعذار قبل توجهنا,وما بين هذا وذاك نحلم ونخطط ثم نمضي,ونصطحب معنا أحلامنا المؤجلة كي نحققها ونطوي عهد التأجيل.
لي قائمة أحلام أتمنى من العام الجديد أن يحقق لي منها واحدا وسأكون مدينا له وسأقبل التأخير فيما عداه لوقت آخر,ولست اتراجع عما دعوت إليه من التمني بلا حدود أو يائسا من خذلان العام السابق,ولكني أريد هذا الحلم الذي يعرفه قليلون فقط لأنه الأهم والأفضل عندي,وبعد ذلك لكلö حدث حديث,ولكل مقام مقال.
أيها العام الجديد لن أسامحك إن مشيت على نهج سلفك,ولن أقبل تأجيلك ولا تبريرك,وكيف تجرؤ أن تفعل وقد اعفيتك من تحقيق كل أحلامي خلال فصولك الأربعة وشهورك الـ 12, إلا واحدا, فهل بعد ذلك تكون بخيلا¿!
*هذا المقال كتبته مطلع عام 2013 وفيه علقت عليه آمالا كثيرة تحقق بعضها وبقي أهمها بانتظار أن يمنحها الأمل فرصة التحقيق ويكون عاما جميلا سعيدا,وقد رأيت أن من المناسب إعادة نشره لذات الأمنيات.
Ibb1986@hotmail.com