رياح الجنوب !

عـبدالله عـلي صـبري
بات من الواضح أن القضية الجنوبية تلفظ أنفاسها الأخيرة في ظل العدوان السعودي على اليمن وانخراط قوى الحراك الجنوبي مع التنظيمات الإرهابية في إطار ما يسمى بالمقاومة الشعبية التي رحبت وساعدت على اجتياح جنوب البلاد من قبل قوى العدوان الغازية السعودية والإماراتية ومكنت قبل ذلك تنظيم القاعدة من السيطرة على حضرموت.
إلى وقت قريب لم يكن هناك صوت في الجنوب يعلو فوق صوت الحراك بمختلف فصائله واليوم يبدو الحراك مجرد أداة بيد العدوان وفصيلا ينافس القاعدة وداعش والإخوان ومليشيات هادي في السيطرة على بعض مناطق الجنوب!.
أما قضية فك الارتباط مع الشمال كمطلب توحدت عليه فصائل الحراك فقد غدت من الماضي لأن القوى المسلحة في الجنوب باتت تقاتل تحت مظلة ما يسمى بالشرعية التي ما تزال متمسكة – في ظاهر الأمر على الأقل –  بوحدة اليمن شمالا وجنوبا مع الاعتراف بأهمية حل القضية الجنوبية لكن بعيدا عن الانفصال.
غير أن خطر الانفصال لا يزال ماثلا وبقوة خاصة وأن للسعودية مطامع قديمة جديدة في اليمن وفي حضرموت على وجه أخص حيث تتطلع الرياض إلى منفذ لها على البحر العربي كذلك فإن الإمارات وبقية دول الخليج تخطط منذ فترة لتصدير النفط عبر ميناء المكلا وتجنب التهديدات الإيرانية لمضيق هرمز.
وعليه فإن السعودية قد لا تكتفي بفصل جنوب اليمن عن شماله بل إنها تعمل كذلك على تقسيم الجنوب نفسه إلى دولتين أو أكثر وهي في سبيل ذلك تدعم سيطرة القاعدة وداعش على حضرموت بحيث تصبح المحافظة معزولة عن مجريات الأحداث في بقية الجنوب أو في شمال البلاد.
لقد كانت الفرصة مواتية لمعالجة القضية الجنوبية قبل وبعد مؤتمر الحوار الوطني ولم يكن هناك ما يمنع الجنوبيان هادي وباسندوة -وقد تقلدا أعلى منصبين تنفيذيين في البلاد- من تطبيع الأوضاع في الجنوب والاستجابة لجوهر القضية الجنوبية عبر الحلول السياسية والاقتصادية التي كانت متاحة حينذاك بشكل كبير.
تعاملت القوى السياسية مع القضية الجنوبية بنوع من اللامبالاة وحين كبرت القضية ركبت بعض الأحزاب موجتها واستغلتها بهدف تعظيم مكاسبها السياسية وإن على حساب الهوية الوطنية الجامعة.
ويوما بعد يوم كانت النخبة السياسية والحزبية تزداد انفصالا عن الشارع الجنوبي فيما كانت قوى الحراك تزداد تطرفا وانقساما في ما بينها بينما كانت القاعدة وأخواتها من التنظيمات الإرهابية تتربص بالشباب التائه والعاطل عن العمل لتصنع منهم وقودا لمعاركها العبثية.
واليوم تسقط قوى الحراك في تأييدها للعدوان واحتضانها للغزاة والمحتلين وهي التي أمعنت قبلا  في مقاومة ما كانت تسميه بالاحتلال (اليمني) للجنوب في مفارقة مدوية تنم عن اضمحلال قيمي وانفصام حاد ينتاب غالبية النخبة السياسية في الجنوب.

قد يعجبك ايضا