الجنرال الصغير

عاش جروا صغيرا في أكناف أسرته التي تنعم برغد العيش ومنذ نعومة أظافر ذلك الجرو تكفلت والدته برعايته وخصته بحنانها ودلالها دونا عن بقية صغارها من الذكور والإناث, إذ كانت تعده ليكون ملكا للغابة خلفا لوالده حتى قبل أن يصبح والده ملكا فعليا عليها, علما أن تلك العائلة الحيوانية دخلاء على المكان وليسوا من أهل الغابة الأصليين وصاروا يحكمونها منذ فترة طويلة من الزمان ¿!
ولأن بيئة الكلاب تختلف عن بيئة الأسود ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن يصير الجرو( فهدا) لمجرد أن أمه تحمل ذلك الاسم ولا أن يغدو أسدا نزولا عند رغبة والده ووالدته, لأن الزعامة والرياسة لها شروط ومقومات ولا تقوم على الرغبات والنزوات لقد نشأ الجرو الصغير على التمييز وحب الذات والعدائية لغيره من الحيوانات وعاش مرحلة طفولته كلها عنتريات حتى ظن نفسه جنرال وفارس لا يشق له غبار وحين شب الجرو الصغير وصار جنرالا صغيرا بعد أن اشتد عوده نصب نفسه ملكا للغابة خاصة بعد أن ظهرت على والده الشيخوخة وأصبح كأعجاز النخيل مقوقس الظهر هزيل الجنرال الصغير هكذا بات يناديه غيره وبهذه الكنية أصبح مولعا لا سيما بعد مصارعته أبناء جلدته وتغلبه عليهم لا بجسمه فاز على منهم أحق بالملك منه وإنما بمكره وخبثه .
بدأ نجم ذلك الجنرال يلمع في السماء وأضحى من أصحاب السعادة تخافه كل صراصير وفئران الغابة حقيقة كان طموحه بلا حدود وسلوكه بلا قيود وطلباته ورغباته مجابه وليس عليها موانع أو صدود أوامره مطاعة حتى تولدت عنده القناعة بأنه جرو لم يخلق مثله حتى الساعة وبإمكانه القيام بما لم يقم به الأولون من أسلافه ولن يقوم به الآخرون من أخلافه استطاع الجنرال الصغير أن يجمع بين المال والسلطة حيث جمع من المال الكثير مستغلا منصب والده ونفوذه من خلال السمسرة والرشاوى فزاد ذلك من قوة سلطته وتسلطه ونفوذه وهو ما مكنه من التخلص من منافسيه على ملك الغابة بسرعة البرق حيث أطاح بهم واحدا تلو الآخر حتى خلت تقريبا له الساحة وبات قاب قوسين أو أدنى من التفرد بالملك ولأن ذلك الجرو كل الذي يملكه من خبرة ومعرفة هو مصارعة منهم من جنسه ـ وكما يقال يظل الحمار حمارا ولو لبس جلد حصان ـ أراد ذلك الجرو المكنى بالجنرال أن يثبت لغيره من أقرانه ومن يعيش تحت حكمه أنه قوي الشكيمة ذو عزم وبأس شديد وأن لا شيء يعجزه أو يقف في طريقه وتحقيق طموحه وبدون أسباب أو مبررات أو مسوغات قانونية وخلافا لما جرت عليه العادة قام ذلك الجنرال متلبسا بغطرسته وكبره بالاعتداء على جيرانه محاولا التوغل في الأدغال ظنا منه أن من سيعتدي عليهم كرعيته سرعان ما يخافونه ويخشونه فيبادروه بالخنوع والخضوع ورفع الراية والاستسلام دون جدال أو كلام, ولكن هيهات أن تتحقق الأوهام فما أن ولج الجرو عرين الأسود مستعينا بغيره من الحيوانات والقرود إذا به يخسر المعركة قبل أن تبدأها الأسود ويتكبد الخسائر الفادحة في العتاد والحشود ليجر ورائه ذيله وأذيال أسياده ولا يجني سوى الخيبة والندامة وخسائر مالها حدود فكانت تلك الخطوة التي أقدم عليها ذلك الجرو واعتداؤه على جيرانه بداية النهاية لحكاية جرو صغير مع جيرانه الأسود!!

قد يعجبك ايضا