عيد وحب.. وحرب
هذه المرة أطل عيد مختلف عيد غريب لم يسبق لليمنيين أن عيدوه من قبل.. عيد بلون الدم والدموع ورائحة الموت!.. الدمار في كل مكان لم يستثنö محافظة حتى الحدود التي ظلت في منأى من الصراعات لم تكن بأحسن حالا من غيرها.. كل شيء لم يعد كما كان في مثل هذا الموعد من كل عيد..!!
لكنهم كعادتهم لا يبالون.. مر العيد واليمنيون يمارسون أفراحهم وطقوسهم العيدية كما يريدون… تماما كطبعهم حين تراهم يعيشون حياتهم بالطول والعرض.. ضحكة الأطفال طغت على دموع القصف.. ونسمات الفرح غطت على غبار الحرب وخراب العاصفة.. وقهقهات الكبار على حالها وحلاوتها.. وإن بدا الأسى واضحا في تجاعيد الوجوه!
هذا العيد كان محكا صعبا.. وبمروره العجيب يكون اليمنيون قد اجتازوا أصعب امتحان في تاريخهم.. فحتى وهم في أسوأ المحن والشدائد وأعقد الصراعات ودورات الدم يحجزون مساحة للفرح ويمارسون حياتهم كما يشاؤون هم لا كما يشاؤها الآخرون!
ثمة مدن ومناطق حزينة توشحت السواد لم يمر بها العيد.. وآلاف الأسر بكت بمرارة.. بسبب قتال حقير أفسد فرحتهم وقصف لعين لم يترك فسحة لعيد الله مثلما لم يترك فرصة لصوم شهره المعظم.. لكن رباطة الجأش ورغبة الحياة جعلت اليمنيين يلقون بأحزانهم خلفهم ظهريا ويتناسون الدمار والعدوان ليتنفسوا عيدا ويستقبلوا فطرهم بحميمية ولو بقطعة حلوى وفستان طفلة وصلة رحم وبسمة رضا!
يا كل المتقاتلين والمعتدين.. مثل هكذا شعب بالتأكيد يستحق الفرح.. ويستأهل الحياة.. ثمة شعب عفوي بسيط كادح مكابد لا يستحق كل هذا الجنون والهذيان.. فارفعوا أيديكم اللعينة عنه واتركوا مشاريعكم الضيقة واعترفوا بخطيئتكم الكبرى وجرمكم الفادح في حقه اعترفوا بإدارتكم الفاشلة للصراع وللدولة وللمرحلة.. لا تكابروا.. قولوا ما قاله نزار لبيروت:
“نعترف امام الله العادل نعترف..
بأنا كنا منك نغار..
وكان جمالك يؤذينا..
نعترف الآن.. نعنرف الآن
لأنا لم ننصفكö ولم نرحمكö..
لأنا لم نفهمك ولم نعذرك….”..
ايها الساسة والسياسيون والعدوانيون.. استغفروا الله واليمن كثيرا وتعالوا إلى كلمة سواء.. أن لا نعشق إلا اليمن.. ولا نسفك فيه دما.. واقضوا بقية اعماركم مستغفرين عما اقترفتموه حتى الآن في حق شعبكم وبلدكم..
كلكم راع.. وكلكم مسئول عن هذا النزيف والخراب.. هذه فتنة كبرى.. ملعون من أيقظها.. والفتنة أشد من القتل.. كل المسلم على المسلم حرام.. دمه وماله وعرضه.. ولهدم الكعبة حجرا حجرا أهون على الله من سفك قطرة دم.. ومن قتل نفسا فكأنما قتل الناس جميعا.. وترويع الناس وإفزاعهم أشد من قتلهم.. وربكم بريء مما تصنعون.. فهل أنتم منتهون¿¿!!
تبا لها السياسة وأطماع السلطة.. لقد أفسدت على اليمنيين كل شيء.. بعد أن فشلت في كل شيء.. رغم انها منöحت كل شيء.. حتى حق تقرير مصير بلد وشعب بأكمله كان بيد السياسيين والساسة وحدهم!
بالتأكيد لم ينجح السياسيون في شيء.. لم يصنعوا سلاما طيلة خمس سنوات عجاف.. لم يصنعوا تعايشا ولا تسامحا ولا سلما اجتماعيا.. لم يوفروا أمنا ولا أمانا.. لم يحافظوا على وفاق ولا توافق ولا توازن.. لم يصنعوا اقتصادا.. ولا تنمية.. ولا بنية.. ولا خزينة عامرة.. ولا إدارة رشيدة.. لا ثقافة.. ولا تعليما.. ولا صحة.. لا زراعة ولا استثمارا ولا مكافحة فساد.. لا انتقالا سلميا ولا انتخابات ولا دستورا.. لا عدالة ولا مساواة.. لا دولة ولا مدنية ولا حديثة.. لا ثورة ولا يمنا جديدا.. لقد صنعوا فقط يمنا مختلفا.. يمنا مغايرا.. فعلا.. يمنا لم يعد يمنا.. كل الذي صنعوه جغرافيا ممزقة.. ونفوسا متنافرة.. وتجربة توقع العالم أن يحتذى بها فإذا بها تجربة خرقاء يلعنها الله والناس وتلعنها الأجيال!
قلناها منذ بدء الفتنة وقالها العالم كله قبل خمسة أعوام.. الحل لن يأتي من الخارج.. لا بمبادرة اقليمية ولا بقرارات أممية ولا باستقواء خارجي ولا تحالف هدام ومزايدات عروبية مفضوحة ومغامرات فضائية.. الحل فقط في أيدي اليمنيين على الأرض.. أنتم المسئولون عن أنفسكم والمساءلون عن بلدكم ورعيتكم.. لأن الإنسان على نفسه بصيرة.. ولو ألقى معاذيره.. حتى الله تعالى لا يتدخل أو يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم.. أنتم وحدكم من تصيغون بأيديكم بداية الحل…. أو تكتبون نهايتكم!!