السعودية على عتبة العزلة الدولية

* بالتزامن مع إعلان فيينا الذي توصلت فيه إيران مع القوى الكبرى إلى تسوية سياسية متوازنة بشأن ملفها النووي وفيما كانت طهران تحتفل بالانتصار المستحق كانت الرياض وتل أبيب تعيشان الندم والحسرة بشكل لافت على اعتبار أن أي انتصار يتحقق لإيران يكون بمثابة خسارة محققة لهاتين العاصمتين.
وفيما كانت تصريحات نتنياهو وقادة الكيان الصهيوني جلية بشأن المصيبة التي أحاقت بدولة الاحتلال فإن التصريح الديبلوماسي اليتيم الصادر عن الرياض لم يخف حقيقة الألم الكبير الذي أحاق بنظام آل سعود.
وقد تجلى الانفعال الهستيري الذي أصاب المملكة في التناولات الإعلامية لقناة العربية وأخواتها حيث جرى التركيز على انتصار موهوم لما يسمى بالمقاومة الشعبية في عدن والزعم أنها حققت تقدما كبيرا وسيطرت على المطار وعدد كبير من أحياء المدينة.
والمتتبع لمجريات المستجدات خلال الأيام الماضية لا يجد عناء في استكناه الأهداف التي سعت الرياض إلى تحقيقها من خلال الترويج للانتصار المزعوم في عدن وأولى هذه الأهداف: التخفيف من وقع الاتفاق الإيراني- الـغربي على السعودية وعملائها ولفت الأنظار إلى ميدان آخر يوحي بأن الرياض لن تسمح بالمزيد من التمدد الإيراني بعيد الاتفاق التاريخي الذي أنجزته ديبلوماسية الجمهورية الإسلامية.
بالموازاة استقبل الملك السعودي اتصالا مطمئنا من الرئيس الأمريكي الذي أكدت وسائل الإعلام أنه نصح الرياض بإيقاف الحرب في اليمن في دحض جلي لبعض الرؤى الإعلامية المتسرعة التي ربطت بين الاتفاق الإيراني- الأمريكي وبين الانتصار الموهوم في عدن وتقديمه على أنه جزء من المقايضة بين طهران وواشنطن.
كانت السعودية بحاجة للحظات تعويض نفسية في محاولة بائسة لخطف الأنظار عن انتصار إيراني دبج بكل لغات العالم تقريبا في الوقت الذي تعيش الرياض مأزقا دوليا جراء جرائمها الإنسانية في اليمن والفشل الذريع لتدخلها العسكري وإحجامها عن دخول المعركة البرية بينما تمكنت اليمن بجيشها ولجانها الشعبية من زلزلة جنوب السعودية وتهديد المملكة في العمق.
أما الهدف الثاني فله علاقة بخطاب السيد القائد عبدالملك الحوثي الجمعة الماضية والذي دعا فيه إلى التعبئة العامة متوعدا العدو بخيارات استراتيجية سياسية وعسكرية في توقيت ظنت الرياض فيه أن اليمن بات ينتظر المكرمات السعودية فجاء خطاب السيد على النقيض تماما ما دفع السعودية إلى رد (استراتيجي) يعوض خساراتها المتوالية في اليمن وآخرها الفشل الذريع في تشكيل قوة عسكرية موالية للرياض في منفذ الوديعة بحضرموت.
الانتصار الإعلامي في عدن جاء أيضا بهدف التعتيم على الضغوط الدولية  المتزايدة التي تتعرض لها الرياض جراء إفشال الهدنة الإنسانية المعلنة من الأمم المتحدة والتي يعول عليها اليمنيون كثيرا نظرا للأوضاع الإنسانية المتفاقمة جراء الحصار الجائر والشامل الذي تفرضه الرياض على الشعب اليمني.
مع ذلك فإن عددا من دول العالم أعلنت عن إرسال مساعدات إنسانية لليمن. وفي هذا الإطار وصلت أمس الأربعاء طائرتان روسيتان إلى مطار صنعاء الدولي بمساعدات غذائية ودوائية فيما تؤكد المنظمات المحلية المشتركة في جهود الإغاثة أن مهامها متواصلة في عدد من المحافظات اليمنية بغض النظر عن نجاح أو فشل الهدنة المفترضة.
تتضاعف خسارات السعودية في الملف الإنساني وبدلا من مراعاة موجبات القانون الإنساني الدولي في حربها على اليمن سعت الرياض إلى تمتين علاقتها مع اسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية إلا أن ذلك لم يمنع الأخيرة من غض الطرف عن الغضب الصهيوسعودي وإنجاز تسوية تاريخية مع إيران تؤكد كل القراءات أن انعكاساتها ستشمل ملفات المنطقة بما في ذلك الملف اليمني.. وبالطبع فإن النتائج المتوخاة لن تصب في مصلحة الرياض التي بات عليها أن تتعايش مع عزلة دولية مرتقبة فيما اضطرت القوى الكبرى إلى الاعتراف بإيران كدولة نووية مرحب بها في المجتمع الدولي!.

قد يعجبك ايضا