يــوم الــقــدس
أول أمس كانت صنعاء حاضرة بزخم كبير في مناسبة عروبية إسلامية تغلب فيها شعبنا على الصعاب والجراح معلنا للعالم أجمع أن إرادة اليمنيين أقوى من كل العتاد العسكري المتطور الذي ظل يفتك بهم على مدار الساعة خلال ما يقارب 4 شهور.
لم يخرج اليمنيون هذه المرة لأجل شأنهم الداخلي وإنما احتشدوا يوم الجمعة تضامنا مع القضية الفلسطينية التي يزداد تغييبها في الذاكرة العربية بفعل سياسات الواقعية الانهزامية تجاه اسرائيل والمتنمرة بشكل مفاجيء تجاه اليمن في مفارقة تبعث على الحسرة والألم.
ليست فلسطين قضية وطنية فهي في الجوهر قضية العرب الأولى وهي قضية إسلامية وإنسانية أيضا. ومهما كانت مبررات الساسة العرب ومن ينافقهم من أشباه المثقفين فإن القدس ستبقى في وجدان كل عربي أصيل وستظل البوصلة المرشدة إلى مختلف القضايا العادلة للأمة العربية والإسلامية.
ويوم القدس ليس مناسبة طائفية كما قد يتصور البعض ذلك أن هذه الدعوة التي أطلقها الإمام الخميني كانت بهدف توحيد المسلمين حول قضية ليست محل خلاف أصلا غير أن مدمني التعصب أرادوا بتجاهل هذه الدعوة فصل الأمة عن القضايا المصيرية وخلق حواجز بين أبنائها والتصدي لمحاولات التقريب والتجسير بين الشعوب العربية والإسلامية.
أحيا المسلمون إذا يوم القدس في زمن عصيب يشهد احتقانات واحترابات داخلية في إطار الاستجابة المقصودة وغير المقصودة للمشروع الصهيوأمريكي الذي يعمل دائبا على تفتيت الدولة العربية القطرية وعلى نخر النسيج الإجتماعي بين شعوب المنطقة من خلال بث سموم الطائفية المقيتة وتحويلها إلى داء عضال يصعب الفكاك منه على المدى المنظور. غير أن الأمل يظل كبيرا مع تنامي سياسات المقاومة والممانعة واتساع ثقافة التحرر من الهيمنة الأمريكية ومن تبعات المشروع الصهيوأمريكي وقد كان الزخم اليماني الكبير بالعاصمة عنوانا جليا لهذه الثقافة الجديدة كما كانت كلمة السيد عبدالملك الحوثي بهذه المناسبة فياضة بمعاني العزة والكرامة في وجه قوى الشر والهيمنة والعدوان.
ربط السيد بين العدوان على اليمن كعقاب للشعب اليمني على موقفه من قضايا الأمة عندما قال ان ابناء الشعب اليمني يريدون ان يكونوا الى جانب المقاومة في فلسطين ولبنان لمواجهة الاحتلال الاسرائيلي ولذلك يتعرضون للحرب مؤكدا أن من اهم اسباب العدوان على اليمن هو معاقبة هذا الشعب على موقفه من المقاومة.
وهنا يضيف السيد بعدا جديدا للعدوان العدوان السعودي الأمريكي على اليمن الذي يأتي في إطار محاربة ثورة 21 سبتمبر وثقافة المقاومة والممانعة التي تجسدها أفكار الثورة وأهدافها الرامية إلى التحرر من الوصاية الخارجية والدوران خارج فلك الاستكبار العالمي.
وأكد السيد أن اسرائيل استطاعت الدفع بالنظام السعودي لتبني النهج التكفيري كمشروع أساسي بالنسبة لها وإلهاء الشعوب العربية عن مسألة فلسطين وتحويلها إلى قضية إيرانية معتبرا أن «المس الشيطاني الإسرائيلي على السعودية إنعكس إرتكابا لأبشع الجرائم بحق الشعب اليمني مستفيدا من الغطاء والدعم الذي وفرته أميركا معلوماتيا ولوجيستيا» مشددا على أنه «حين تنامى الوعي لدى الشعب اليمني بخطورة المشروع العدواني الإسرائيلي وحين زاد تفاعل هذا الشعب مع الشعب الفلسطيني وقضيته ومع المقاومة في فلسطين ولبنان ازداد استهدافه لدرجة أن الاسرائيليين صرحوا أن الشعب اليمني هو أكثر خطورة من النووي الإيراني».
تساءل السيد عبدالملك: لماذا لا يتبنى النظام السعودي القضية الفلسطينية ويسحب البساط من تحت إيران¿. ومن قبله تساءل آخرون: ما الذي جنته اليمن حتى يحتشد «التحالف العربي» للعدوان عليها باسم حماية (الأمن القومي العربي)!
لقد ضلت القيادات العربية الطريق وفقدت البوصلة.. وإلا لما وصلنا إلى هذا الواقع المزري ولما اضطر أحد لطرح أسئلة من هذا النوع.