حضارة اليمن ” وسروال الملك المؤسس”
سروال الملك المؤسس لمملكة سعود هو أبرز محتويات متاحف وآثار هذا النظام الأسري المتعجرف الذي وصل به الاستخفاف بشعبه إلى درجة يعرض فيه ” السروال الداخلي” للمؤسس الأول كأهم تراث وإنجاز وأن على هذا الشعب المسلوب الإرادة والهوية أن يفخر قسرا بذلك وأن يتطاول بتاريخه وحضارته بين الأمم والشعوب لا نقلل هنا من شأن حضارة بلاد نجد والحجاز ومنطقة شبه جزيرة العرب والتي شهدت ولادة واحدة من أعظم وأقدس الحضارات الإنسانية التي امتد ضياؤها الالهي ليشمل كل أنحاء المعمورة ولا تزال إشعاعاتها الربانية تنير الدروب أمام الحائرين في هذه الأرض رغم الإساءات والتشويهات العميقة التي لحقت بهذه الحضارة وبهذا الدين الإنساني العظيم في عصرنا الراهن والتي انطلقت من مكان النشأة الأولى بسبب غباء وتجبر وهمجية هذا النظام الأسري الفاسد الذي راح يدعم ويغذي منابع التطرف والفكر الظلامي الهدام وشجع حركات وجماعات الإغراق والضلالة على أمل إطالة عمره في الاستحكام بحياة ومصير شعبه ومواصلة بناء مجده الشخصي والعائلي على حساب طمس الحضارة والتراث العريق لهذه المنطقة وأبنائها.
لقد سعى نظام أسرة سعود منذ يومه الأول مطلع ثلاثينيات القرن الماضي إلى تجريد الناس من هوياتهم وانتماءاتهم الثقافية والاجتماعية وأجبر الجميع على الانتماء إلى أسرته بعد أن اعتقد بأن الشعب جزء من أملاكه الشخصية وأن على هذا الشعب أن يأكل ويشرب فقط وأن يسبح بحمد المليك المؤسس وأولاده وأحفاده ويمجدهم على الدوام مقابل الفتات من الأموال الطائلة التي تضخها آبار نفط الصحراء الغنية بالثروات والموارد الطبيعية.. ولم يتوقف عند هذا الحد بل مضى يعمل وبشكل ممنهج وبإصرار غريب على إلغاء التاريخ العريق للمنطقة وأهلها ويوهم الشعب المظلوم بأنه وعائلته يمثلون مبتدأ التاريخ العريق ومنتهى الحضارة البشرية.
هذه المثالب والخطايا التي وقع فيها نظام أسرة سعود بصورة متعمدة ومقصودة نجحت إلى حد كبير في سلخ الهوية عن شعب ما أصبح يعرف بالمملكة السعودية التي لا تاريخ ولا أصالة ولا مجد مؤثل لها ليصبح هذا الأمر بمثابة العقدة النفسية والنقص العميق في شخصية كل ما هو سعودي ليتحول ذلك إلى ما يشبه النقمة والحقد على كل شيء ينبض بعبق التاريخ والحضارة للأقوام والشعوب الأخرى في المنطقة والعالم هذه النقمة تجلت في أوضح الصور أمام القاصي والداني خلال العدوان المتواصل الذي قرر حكام أسرة سعود شنه على شعب اليمن ذي التاريخ العظيم والحضارة التليدة التي أصبحت في رأس قائمة أهداف العدوان الآثم.
ولقد رأى العالم كيف اطلق هذا النظام الحاقد العنان لمراهقاته الخبيثة وطيشه المجنون يدمر وينسف آثار وحضارة اليمن بعد أن استباح أجواء البلاد واشترى بأمواله المدنسة ذمم ومواقف المرتزقة وأصحاب النفوس الضيقة في الداخل والخارج للتغطية على جرائمه وأحقاده بل وإكسابها الشرعية والإنسانية.
لقد أطلق القذائف والصواريخ وكل أنواع الأسلحة المحرمة على الحصون والقلاع والمدن الأثرية والأسواق والمعالم والمواقع التاريخية وبالغ في استهداف كل ما له صلة بماضي وحضارة اليمن وإرثها الإنساني البديع ولم يستثن حتى المساجد العتيقة والمقابر والأضرحة التي تخص أعلام ورموز اليمن السابقين متناسيا بأن الشعوب العريقة وذات الحضارات العظمى لا تنحنى ولا تستسلم للطغيان مهما بلغ في جبروته وبطشه وأن هذه العراقة الراسخة في سجلات التاريخ الإنساني كما هي مدونة في وجدان الإنسان اليمني العظيم ما كان لها أبدا أن تندثر ويذهب بريقها لمجرد أن طاغية عابث وناقم أراد ذلك وغدا سيرى العالم أجمع كيف يلملم اليمنيون جراحاتهم ويعيدون بناء مجدهم وحضارتهم وكيف يتفننون في تشييد ما خربه الحاقدون ويعيدونه إلى سابق عهده وإلى شموخه الذي يكاد يطاول عنان السماء “وقل انتظروا أني معكم من المنتظرين”.