لحظة يا زمن … تفاصيل صغيرة
لا يدري كيف سحرته الحياة , وأخذته عنوة ,بدون رضاه ,وارتحل معها صعد الدروب وفتنته رؤية الأشياء وهي في الأسفل مستلقية على وجه الأرض بأوضاعها الساكنة والمتحركة ,وتأخذه غرابة التساؤل لتلك الوداعة المستسلمة التي تغلفها وقبل أن يمضي في تساؤله الغريب ,ينفلت النظر إلى الأفق الموازي لعلوه فلا تمكنه المنظورات من أشكالها كاملة .
تبدوله بعضا منها جانب فقط وبقيتها تظل مختفية خلف الجانب الوحيد المنظور إليه .
لا يرهق الذهن بتصور بقية الجوانب الأخرى فينقل نظره إلى الأعلى تأخذ الأشياء أوضاعا غامضة مخروطية ومثلثات ,ومربعات مغلقه لا يتحير كثيرا .
الدرب الصاعد فيه التواءات ..فيبدو أمامه كخط مستقيم يمتد أمام النظر بلاعوج حتى يعجز النظر عن إحاطته والوصول إلى تحديد منتهاه .
يواصل خطوه المتمهل تتطاير أمام العين ذرات التراب الناعم فتلتصق بعضها على وجهه الغارق في التأمل التائه في فضاء مفتوح لا تحده علامات ولا تميزه حدود مفتوح بلا أبعاد ولا نهايات وهو يخطو تأخذه غفلة التوحد في الطريق وحيدا ويترك لقدميه حرية الخطو وملامسة الطريق .
يتبدل الليل نهارا والنهار ليلا وهو يسير في خط مستقيم بلا عوج حتى يصل منتهاه ..كان يحسب أن النهاية قريبة وسيبلغها بالتأكيد ..وهو يتأمل ويراجع ويستعيد في وعيه ,كم هي تلك اللفات ,والمنعطفات ,والليات التي واجهته في الطريق..ولم يبق غير القليل حتى يصل إلى المنتهى ,بغيته ومراده ¿
تاه حسه في التذكر وغرق في التفاصيل .. أخذه الوقت ..ونسى هل كان واقفا ,أو سائرا يتحرك لم يدرك الأمر ظاهريا ولا لفت نظره أنه بدلا من الاتجاه إلى الأعلى ..عادت قدميه بالسير في الاتجاه العكسي .
فوجئ .. في نهاية التعب الذي ألم بقدميه أنه … عاد إلى الخطوة الأولى .. إلى نقطة البداية .. وتلك كانت النقطة التي تاهت عليه وهو يستعرض ويغوص في تذكر التفاصيل .