من ربيع ألفين و11.. إلى عاصفة العدوان 2-2

أفضى الربيع العربي في اليمن إلى تغيير النظام والرئيس وهيكلة الجيش اليمني وتمزيقه بعد سلسلة من الاستهداف الممنهج لأفراده وضباطه من قبل التيارات المتطرفة والإرهابية المدعومة من قوى العدوان والاستعلاء العربي (التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية).. وجاء بديل نظام الرئيس صالح نظام جديد استلب الشباب وثورتهم وحولها من ثورة شعبية حسب ما كان يسميها إلى ثورة أيديولوجية يقود إقصاءاتها اللقاء المشترك (الإصلاح بالذات) كما يقودها الإخوان في مصر وتونس وليبيا وسوريا..
ففي اليمن بدأت الإقصاءات واستنزاف ما تبقى من موارد البلد وبقيادة رئيس متخصص في تفكيك الجيوش يتزامن مع ذلك مسار التسوية السياسية التي كانت تمضي على قدم وساق وبرعاية خليجية ودولية..
مرت مراحل التسوية فيما الشعب وحده يتحمل تبعات التحولات التي تريدها قوى المصالح والتسلط المجتمعة حين وصل بها ربيع العمر السياسي إلى مفترق الاختلاف على خارطة المصلحة والمغنم السلطوي.. وهذا ليس مهما كون الشعب اقتنع بفكرة ضرورة التضحية بأغلى ما يملك في سبيل الانتصار للحلم الجمعي في التحول من حالة الحرس العائلي إلى جيش يكون ولاؤه للنظام ومؤسسات الدولة الأمنية والعسكرية إلى جيش موحد ومبني على أسس وطنية وقادر على مواجهة التحديات وووو إلى آخر التوصيات والشعارات المطاطية..
وفيما الشعب ينتظر ذلك الحلم صار الواقع كله إلى حالة الشمس في عز النهار حقائق مرة: “جيش وطني بمعنى الكلمة ينتمي جنوده لكل قرية في أرجاء اليمن وليس إلى بلاد الرئيس فقط وليس حرسا عائليا بل جيش يمني مؤهل يهكل ويمزق ورئيس يضع رجúلا على رجúلا ويبشر السفراء أنه تم تفكيك الجيش والقضاء عليه وعما قريب سيتشرذم رموزه التابعة لـ”عفاش”.. ابتسم السفراء الأشقاء لهذا الإنجاز الذي ينتظر له الشقيق المتربص على أحر من الجمر..
النتيجة: قوى سياسية تتقاسم ولاءات الجيش وتحركه خارج سيادة الدولة والرئيس للحرب وتصفية الخصوم السياسيين والسيطرة على الكهرباء والغاز للتحكم بمسارات الصراع السلطوي من العقاب الجماعي للشعب بالظلام ولم يعد للرئيس سلطة على معظم الجيش الذي هيكله هو..
الأدهى والأمر أنه حل محل الجيش بعد تعطيله بقرارات جمهورية لجان أمنية شعبية في الشمال ولجان ومليشيات أخرى مفخخة بعناصر القاعدة في الجنوب والتي جاءت تحت أعلام الانفصال وجزء منها تديرها مليشيات هادي الذي كان يرأس القوات المسلحة لليمن الموحد وكان عليه الحفاظ عليه لضمان سلطة وسيادة وطنه..
الأهم من ذلك والمؤسف في حق هذا الشعب المسكين أنه دائما مخدوع بأحلام التحولات التي كان وقودا لها وبدونه لن تمضي هذه التحولات قيد أنملة.. ليجد الشعب نفسه أمام كارثة لا تحمد عقباها وأن ما أسمي بثورات الربيع العربي لم تكن سوى انعكاس لأبشع صور الفساد ووصول رموزه إلى ذروة الطغيان التي تعني بداية النهاية..
كل هذا جرى والقوى السياسية اليمنية تتبادل الاتهامات وتستنزف المساعدات الخارجية في حوار موفنبيك وفي تشكيل مليشيات وتنظيمات متطرفة فيما الشقيقة الكبرى المملكة العربية السعودية التي كانت راعية لهذه التسوية تترصد موعدا للانقضاض على اليمن لتجد الفرصة بعد انتظار دام 81 عاما منذ آخر حرب جرت بين المملكتين (السعودية) و(اليمنية والمتوكلية) في عام 1934م.. ولم تكن تحلم مملكة أسرة آل سعود على الإطلاق بأن يأتي رئيس فاشل يعطيها ذريعة واهية لقصف وطنه وبلده وجماهيره الناخبة وشعبه الذي حمله العهد والأمانة في صون ترابه وأرضه وسيادته.. إذ حلم أسرة آل سعود أن يدخل اليمنيون في صراع طويل يضعفهم ويجعل بلدهم لقمة صائغة..
وبهذا العدوان تحولت المملكة العربية السعودية من راعية للتسوية السياسية وفق المبادرة الخليجية التي باركها جلالة الملك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز رحمه الله إلى طرف في الصراع أنهى المبادرة وأنهى مخرجات الحوار الوطني..

قد يعجبك ايضا